البرلمان اللبناني يجيز للحكومة إصدار سندات خزينة لتسديد ديون على الدولة

طلب إلغاء الرسوم على «البنزين» يطيّر نصاب الجلسة

TT

لم تفلح الجلسة التشريعية التي عقدها البرلمان اللبناني أمس بمشاركة 90 نائباً في إقرار كل البنود الواردة على جدول أعمالها، وذلك بسبب تطيير النصاب الذي سببه خروج عدد من نواب الأكثرية من الجلسة، ليصبح عدد النواب الحاضرين أقل من 64 نائباً، وذلك عند إصرار بعض النواب على طرح مشروع إلغاء الرسوم على صفيحة البنزين. وقد دفع فقدان النصاب برئيس المجلس نبيه بري إلى الإصرار على متابعة النقاش وإن من دون نصاب وتحديد موعد لجلسة تشريعية جديدة من 7 أبريل (نيسان) المقبل.

وكان مجلس النواب أقر في مستهل الجلسة سبعة اقتراحات قوانين أبرزها منح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي والإجازة لها بإصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية لتسديد ديون مترتبة على الدولة.

ولوحظ أن الكلمات التي ألقاها النواب خلال الجلسة اتخذت طابع الخطاب المناطقي والانتخابي. إذ أثار عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله موضوع تأخير دفع الجزء المتبقي من التعويضات للمتضررين من حرب تموز 2006، فرد رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بأن الحكومة «بدأت بصرف الأموال الخاصة بالمستفيدين من هذه التعويضات ومن سلسلة الرتب والرواتب وفروقاتها». وأعلن عن أنه «سيجري دفع الجزء الأول منها منتصف السنة الحالية، أي قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة» وأنه «سيصار إلى دفع القسم الثاني من هذه الفروقات في النصف الثاني من العام الحالي». وتوالى النواب في التعليقات التي كانت أشبه بالاستعراضات الانتخابية. وتوجه كل منهم إلى جمهوره. وأثاروا مسألة تحرير سعر صفيحة البنزين من الرسوم. وردّ السنيورة على ذلك، فأكد «حرص الحكومة على الأموال العامة وعلى مصالح الشعب» لافتاً إلى أن «إلغاء الرسوم على صفيحة البنزين له انعكاسات خطيرة على خزينة الدولة وعلى نسبة الدين العام، لأن هذه الرسوم تشكل المصدر الأساسي لواردات الخزينة خصوصاً أن العجز بلغ أربعة آلاف مليون دولار. وبإلغاء الرسم على البنزين يصبح خمسة آلاف مليون دولار». وأشار إلى «أن سعر صفيحة البنزين في سورية أعلى مما هو في لبنان. وفي حال قررنا إلغاء هذا الرسم، علينا، في المقابل، أن نؤمن أكثر من 800 مليون دولار كي لا نحمِّل المواطن أعباء إضافية».

وجاء كلام السنيورة بعد أن ارتفعت أصوات نواب في المعارضة، لا سيما من تكتل «التغيير والإصلاح»، اتهموا الأكثرية النيابية بتطيير النصاب كل مرة يقترب فيها النقاش من اقتراح النائب ميشال عون بخفض الرسوم عن صفيحة البنزين. وقد لوّح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار بأن نواب «حزب الله» سيقاطعون الجلسات المقبلة إذا استمر تطيير النصاب من قبل الأكثرية. فرد بري بأنه سيحدد مواعيد لجلسات أخرى في كل مرة يجري فيها تطيير النصاب وستكون محصورة فقط باستكمال ما تبقى من جدول الأعمال.

وقد رد نواب الأكثرية بأنهم ليسوا هم من يطيّر النصاب عمداً «لكن لا نريد أن نحمّل المواطن أعباء إضافية قبل تأمين موارد إضافية لخزينة الدولة». وكان السنيورة كشف خلال الجلسة عن أنه بصدد «وضع اللمسات الأخيرة» على مشروع الموازنة العامة للدولة قبل إقرارها، وأن الحكومة بصدد إصدار سندات خزينة لتعويض الوحدات السكنية المتضررة في حرب يوليو (تموز) بقيمة 450 مليون دولار ستصرف للمتضررين في ضاحية بيروت الجنوبية وفي عدد من القرى والبلدات الجنوبية. وفي مجال آخر، رفض السنيورة بالمطلق اللجوء إلى المباراة المحصورة عندما يتعلق الأمر بتثبيت رؤساء الأقلام في وزارة العدل، مبرراً ذلك بتحسين الأداء الوظيفي وتعزيز قدرات الموظفين لأن المباراة المحصورة في كل مرة تؤدي إلى تردي الإدارة. فعارضه نائب «حزب الله» حسين الحاج حسن الذي وصف وضع وزارة العدل بـ «المزري» لجهة شغور الكثير من الوظائف. واستغرب كيف أنه «كلما تقدم نائب باقتراح ما لتصحيح الخلل في الدوائر الرسمية نتهم بتعطيل الإدارة، علماً بأن الاقتراحات موقعة من مختلف الكتل».

ورد السنيورة قائلاً: «لقد أسهمنا جميعاً منذ 15 سنة بما وصلت إليه الإدارة التي أخضعت دائماً للاستثناءات التي تخالف الأصول والدستور. وأقدمنا مرات عدة على طرح قضايا تتعلق بمجموعة من الموظفين وأخضعنا أنفسنا للضغوطات التي تأتي من هنا ومن هناك».

وقبل رفع الجلسة، أثار النائب مروان حمادة موضوع الاعتداء على سيارات قضاة في محلة بدارو ليل الأربعاء ـ الخميس، فاستهجن النواب الاعتداء. وأعلن الرئيس بري استنكاره «أي اعتداء على أي قاض لأنه بمثابة اعتداء على كل لبنان، وبالتالي يؤدي إلى تدمير لبنان». وذكر وزير العدل إبراهيم نجار أن التحقيقات «تجرى بجدية بإشراف القضاء المختص لجلاء ملابسات هذا الاعتداء». أما وزير الداخلية زياد بارود فقال: «نحن ضد أي اعتداء على أي مواطن لبناني، فكم بالحري إذا كان المواطن في موقع السلطة القضائية». وأكد أن «التحقيق يجري بجدية. وبعد ذلك سنعلن للرأي العام نتائج التحقيقات» مشيراً إلى أن «الاعتداء على الجسم القضائي بدأ قبل قيام المحكمة الدولية وتحديداً تحت قوس المحكمة في صيدا (إشارة إلى جريمة اغتيال القضاة الأربعة في عام 1999) وفي غيرها من المناطق». ولفت إلى «أن المحكمة الدولية هي للتأكيد على عدم الإفلات من العقبات مهما تكن الظروف وبمعزل عمن يكون الضحية ومن هو المرتكب. وسيتم اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة وفقاً لنتائج التحقيقات الجارية».