أكاديميون عراقيون يلبون نداء العودة.. لكن البيروقراطية خانقة

أستاذ في الكيمياء ينتظر معادلة شهادته.. وآخرون بلا عمل بسبب قيود الميزانية

TT

لبوا نداءات حكومتهم فعادوا إلى الوطن لكنهم لم يجدوا إلا فرص عمل قليلة واستقبالا فاترا. إنهم الأكاديميون العراقيون الذين فر بعضهم إلى الخارج هربا من أعمال العنف والقمع فيما سبقهم آخرون إلى المنافي حيث انتظروا سقوط نظام صدام حسين.

ومع الانخفاض الحاد في معدلات العنف الآن عاد نحو 700 أكاديمي عراقي وهم جزء بسيط ممن رحلوا عن العراق، عودة مؤقتة لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين بالروتين وفي مواجهة مستويات غريبة من الرواتب حيث يخفض العراق ميزانية التعليم الخاصة به. وقال طيف حسن الحاصل على درجة الدكتوراه في علوم الكومبيوتر «حقيقة أنا صدمت صدمة كبيرة لأنني كنت أتوقع أن الوضع أفضل من هذا وأننا نستطيع التحرك بحرية أكبر في وطننا». وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، كان حسن يعمل في سورية حين شجعه المسؤولون العراقيون على العودة ليجد نفسه عاطلا عن العمل بسبب التأخير في تخصيص درجة وظيفية له. ويشعر حسن بإحراج شديد من أخبار أصدقائه في سورية بأنه ليس لديه وظيفة بعد وتساءل «هل من المعقول أنني استطعت الحصول على عمل في سورية ولا أستطيع أن أجد عملا في بلدي؟».

واستهدف المسلحون الأكاديميين والمهنيين العراقيين في السنوات التي أعقبت الغزو الأميركي عام 2003 مما دفع الكثيرين إلى الفرار تاركين الجامعات والمستشفيات تعاني نقصا حادا في العاملين. ورحل البعض في وقت سابق هربا من صدام. وانخفض سعر النفط الذي يحصل منه العراق على معظم عائداته بمقدار نحو الثلثين بعد أن وصل أعلى سعر له حيث بلغ سعر البرميل 147 دولارا الصيف الماضي مما أعاق خطط الإنفاق العراقية وخفض ميزانيته للتعليم لعام 2009 إلى النصف لتبلغ 200 مليون دولار مقابل العام الماضي.

وقال خليل الجنابي وهو طبيب متخصص في تقويم الأسنان إنه ترك العراق منذ 39 عاما هربا من حزب البعث الذي تولى صدام قيادته فيما بعد لكن لدى عودته إلى العراق اكتشف أن سنه (68 عاما) أكبر من أن يحصل على وظيفة دائمة في مجال التدريس. وسن التقاعد في العراق 63 عاما. وفي ظل الاحتياج إلى الخبرات عينت المؤسسات العراقية أكاديميين أكبر سنا بعقود قصيرة الأجل لكن التمويل جف. وأضاف «لقد خاب ظني لأنني أردت أن أخدم وطني». وقال وزير التعليم العالي العراقي عبد ذياب العجيلي إنه متعاطف مع الأكاديميين العائدين لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا. وأضاف «الأزمة المالية أثرت على الوضع المالي في الوزارة بحيث إن أيدينا مكتوفة وفق القوانين لأنه ليس لدينا باب من الأبواب حتى نستطيع التعاقد معهم. حتى العقود غير موجودة الآن. تم إيقاف العقود».

أما بالنسبة لهؤلاء الذين يملكون عروض عمل فبانتظارهم دورة شاقة من البيروقراطية. ويجب معادلة الدرجات التي حصلوا عليها في الخارج وفقا للمعايير العراقية وتحديد درجات وظيفية لهم أما هؤلاء الذين ابتعدوا عن العراق لفترة طويلة فيجب أن يحصلوا على أوراق متنوعة خاصة بالمواطنة.

ولا تقتصر البيروقراطية الخانقة على الأكاديميين. فمن الشائع في أنحاء العراق رؤية الناس يحملون حزما من الورق وينتظرون في طوابير طويلة في مكاتب حكومية تسودها الفوضى. ويقول صادق قنبر أستاذ الكيمياء العضوية البيئية الذي عاد إلى العراق بعد 18 عاما في نيوزيلندا إنه فاض به الكيل. ولديه عرض عمل لكنه تعب من انتظار قبول المسؤولين العراقيين رسميا لدرجة الدكتوراه التي حصل عليها من الخارج. وأضاف «إلى الآن أنا عالق في دائرة مغلقة. حتى عائلتي رجعت إلى نيوزيلندا. لم تعجبهم الأوضاع». وتابع أنه يريد تحذير العراقيين في الخارج. وقال «أفكر بالرجوع إلى المكان الذي جئت منه (نيوزيلندا)».