أوباما يرسل المزيد من القوات إلى أفغانستان ويحذر من هجمات ضد أميركا

الرئيس الأميركي يقول إن رسالته إلى «القاعدة» وطالبان هي «سنهزمكم»

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث أمس عبر شاشة الكترونية صغيرة عن استراتيجيته الجديدة لتصفية قادة ومسلحي تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان، وظهرت خلفه وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون (رويترز)
TT

تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بهزيمة حركة طالبان وتنظيم «القاعدة» في أفغانستان، وأمر بإرسال أربعة آلاف جندي أميركي إضافي إلى هناك لتدريب الجيش الأفغاني، وسينضم هؤلاء إلى 17 ألفا كان تقرر إرسالهم من قبل، وذلك في إطار استراتيجية جديدة للتعامل مع أفغانستان، كما قرر أوباما إرسال مئات الموظفين المدنيين الأميركيين لإعادة بناء الدولة الأفغانية، ولم يحدد في خطاب ألقاه أمس موعدا لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. ويوجد حاليا حوالي 65 ألف جندي أجنبي في أفغانستان معظمهم من الأميركيين. وحذر أوباما أن «القاعدة» تخطط لشن مزيد من الهجمات على الولايات المتحدة من ملاذاتها الآمنة في باكستان، وقال إن تنظيم «القاعدة» عبارة عن سرطان يهدد باكستان من الداخل، وفي لهجة حاسمة ضد حكومة حميد كرزاي، قال أوباما إنه لن يتغاضى عن فساد الحكومة، وقال إن الوضع في أفغانستان يزداد خطورة، مقترحا تشكيل مجموعة اتصال جديدة حول أفغانستان تضم دولا في المنطقة من بينها روسيا والصين وإيران والهند. وكان مسؤولون أميركيون قالوا قبل أن يلقي أوباما خطابه إن القوات الإضافية ستكون شريكة للجيش الأفغاني، بينما ستعزز مئات من موظفي الحكومة الأمريكية المدنيين أعمال إعادة الإعمار وبرامج التنمية. وقال مسؤول أمريكي: «نريد التحرك بأقصى سرعة وبأقصى قوة ممكنة لبناء جيش أفغاني قادر على الدفاع عن بلاده وهزيمة طالبان و«القاعدة». ويعتقد أن التكاليف الشهرية الحالية للعمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان سترتفع من ملياري دولار بنسبة قد تصل إلى 60 في المائة. وقال أوباما في خطابه إن الإرهابيين يدبرون مؤامرات ضد بلاده ، مشيرا إلى أن القوات الإضافية ستعمل على بناء جيش أفغاني قوي يتصدى للإرهابيين، ومن المقرر أن يتضاعف خلال سنتين. وتهدف خطة أوباما إلى القضاء على الملاذات الآمنة في باكستان ومواجهة التحديات التي ستواجه الحكومة الباكستانية.

ووصف أوباما الوضع في المنطقة بأنه «محفوف بالمخاطر» أكثر من أي وقت مضى. وقال في هذا الصدد: «إذا سقطت الحكومة الأفغانية أمام طالبان وتركنا «القاعدة» من دون مواجهة، سيصبح هذا البلد من جديد قاعدة للإرهابيين» على حد تعبيره. وقال أوباما أيضا: «أريد من الشعب الأميركي أن يفهم أن لدينا أهدافا واضحة نركز عليها وهي تعطيل وتفكيك وهزيمة «القاعدة» في باكستان وأفغانستان، والحيلولة دون عودتهم إلى أي بلد في المستقبل، وهذا الهدف لا بد أن يتحقق» وقال أوباما إن رسالته للإرهابيين هي الرسالة نفسها «سنهزمكم».

وقال أوباما إن الحدود المشتركة بين أفغانستان وباكستان هي الأكثر خطورة في العالم. وقال أيضا إذا حدث هجوم في آسيا أو أوروبا أو أفريقيا فإن من المرجح جدا أن يكون هناك ارتباط بينه وبين قيادة «القاعدة» في باكستان. وانتقد أوباما الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وقال إن حرب العراق شتتت جهوده مما سمح بتدهور الوضع الأمني في أفغانستان. وطلب أوباما فور توليه الرئاسة مراجعة السياسة الأميركية في أفغانستان، وكان ذلك من بين أول القرارات الرسمية التي اتخذها بعد انتقاله إلى البيت الأبيض. وقال مسؤولون في إدارة أوباما قبل الكشف عن الاستراتيجية أمس، إن السياسة الجديدة تركز أيضا على دولة باكستان المجاورة، حيث توجد ملاذات آمنة لطالبان في مناطق قبلية على طول الحدود الباكستانية الأفغانية. وقال أحدهم: «للمرة الأولى نتعامل مع هذه المشكلة ليس على أنها تخص بلدين هما أفغانستان وباكستان، بل تحد واحد ومسرح واحد لدبلوماسيتنا ولجهودنا لإعادة الإعمار. نرى أنها مشكلة واحدة» وسيكون للاستراتيجية هدف عسكري واحد هو إعاقة وتفكيك وفي النهاية تدمير ملاذات «القاعدة» في باكستان والشبكة الداعمة لها ومنعها من إيجاد ملاذات آمنة لها في أفغانستان. وأوضح مسؤولون أن الولايات المتحدة ستشرك في إطار جهودها الدبلوماسية كلا من الهند وروسيا والصين وإيران، كما سيعقد المبعوث الأميركي الخاص في المنطقة ريتشارد هولبروك اجتماعات ثنائية مع أفغانستان وباكستان كل ستة إلى ثمانية أسابيع.

وفي تطور ذي صلة، طلبت باكستان أمس من واشنطن إعادة النظر في استراتيجيتها المتعلقة بإطلاق الصواريخ على المناطق القبلية، وذلك قبل ساعات من إعلان باراك أوباما خطته الجديدة لأفغانستان، التي تشمل باكستان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عبد الباسط في بيان نقلته وكالات الأنباء أن الصواريخ التي تطلقها طائرات أميركية من دون طيار على المناطق القبلية في شمال غرب باكستان «انتهاك لسيادة باكستان وذات مفاعيل عكسية حتما». وأضاف المتحدث: «من الأهمية بمكان أن تأخذ الإدارة الأميركية هذا الأمر في الحسبان في مقاربتها العملانية. إن مخاوف باكستان في هذا الصدد نقلت إلى الحكومة الأميركية على أعلى مستوى». واستهدفت عمليات إطلاق 36 صاروخا أميركيا على الأقل منذ أغسطس (آب) 2008 المناطق القبلية في شمال غرب باكستان، وهي المنطقة التي تشكل «القاعدة» الخلفية، طبقا لما تقول واشنطن، لعناصر حركة طالبان ومقاتلي تنظيم «القاعدة» لهجماتهم ضد القوات الأجنبية في أفغانستان. وقتل قرابة 350 شخصا من مسلحين ومدنيين أيضا جراء هذه الصواريخ، بحسب المعلومات التي جمعت من مسؤولين محليين والأجهزة الأمنية. واحتجت باكستان مرارا على ذلك، لكن صحفا أميركية وباكستانية تحدثت عن اتفاقيات سرية بين إسلام أباد وواشنطن تسمح بهذه الضربات.