«طالبان» الباكستانية والأفغانية تتعاونان لمواجهة القوات الأميركية

تجهيزات تجرى استعدادا لتدفق متوقع

TT

بعد الاتفاق على دفن خلافاتهم وتوحيد القوات، ثمة تقارب بين قادة «طالبان» في باكستان ورفاقهم الأفغانيين، وذلك ليكونوا على أهبة الاستعداد لهجوم جديد في أفغانستان، وذلك في الوقت الذي تعد فيه الولايات المتحدة العدة لإرسال 17,000 جندي هذا العام إلى هناك.

وأوضح العديد من قادة «طالبان» المتمركزين على المنطقة الحدودية في مقابلات أجريت معهم، أن التجهيزات تجري فعليا استعدادا لتدفق متوقع للقوات الأميركية. وأضاف المقاتلون أن عددا من القادة الشباب الجدد يعدون العدة لشن حملة بالقنابل المزروعة على جوانب الطرق والهجمات الانتحارية ترحيبا بالأميركيين القادمين.

وصرح مسؤولون باكستانيون وأعضاء من «طالبان» بأن هذا التحالف المتضافر من جديد قد تشكل بعد أن بعث الملا محمد عمر ـ زعيم «طالبان» الأفغاني المخلوع ـ برسل لإقناع قادة «طالبان» الباكستانية بضم القوات، وصب اهتمامهم على أفغانستان. ويعد مقترح الملا عمر دلالة إلى أنه مع توقع الزيادة الأميركية، تشعر «طالبان» بالحاجة إلى تقوية قواتها في أفغانستان، وإعادة توجيه حلفائهم الباكستانيين إلى إلحاق الأذى بالزيادة الأميركية الجديدة.

ويقود «طالبان» الباكستانية ـ وهي جماعة تعود أصولها إلى «طالبان» الأفغانية ـ مقاتلون مخضرمون خبروا الحرب في أفغانستان، وأتوا من المناطق الحدودية، ودوما ما كانوا يؤيدون مقاتلة القوات الأجنبية في أفغانستان، وذلك عبر إمداد المقاتلين وتقديم المساعدة التدريبية واللوجيستية.

ولكن خلال الأعوام الأخيرة انصب تركيز واهتمام «طالبان» الباكستانية على قتال الحكومة الباكستانية، وبهذا تكون قد زادت من سلطانها الذي لم يمثل تهديد باكستان وحسب، ولكن ساعد عن تكوين قاعدة بعيدة ضرورية للتمرد الطالباني في أفغانستان.

وفي غضون ذلك أطلع مسؤولون أميركيون صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الأسبوع على أن وكالة الاستخبارات العسكرية الباكستانية استمرت في تقديم المال والإمدادات، والتوجيه لحركة التمرد التي تتزعمها «طالبان» في أفغانستان، وذلك أملا في المساعدة على تشكيل حكومة صديقة لها في أفغانستان حال رحيل القوات الأميركية.

وأثار التحالف الجديد بين صفوف «طالبان» المخاوف في أفغانستان، حيث حذر جنرالات الناتو من أن الصراع سيزداد سوءا هذا العام. كما بعث التحالف القلق في باكستان أيضا، إذ يخشى المسؤولون أن تكون «طالبان» الموحدة أكثر خطرا، فحتى وإن صبت جل تركيزها على أفغانستان فمن شأنها جلب المزيد من هجمات الطائرات الأميركية الموجهة دون طيار على الداخل الباكستاني. وقال مسؤول باكستاني بارز، شريطة عدم الكشف عن اسمه، حيث إنه ليس مسموحا له بالحديث مع الهيئات الإخبارية: «قد يريحنا هذا من هجمات المسلحين بعض الشيء، إلا أن ما قد ينجم عن هذا من حيث الأمن القومي قد يكون أكثر سوءا، فهذا يعني المزيد من الهجمات على المناطق القبلية الباكستانية، وهذا موضع جدل وخلاف حالي مع الأميركيين».

يُذكر أن «طالبان» الباكستانية تقع تحت إمرة ثلاثة قادة أقوياء، ألا وهم بيت الله محسود، وحافظ غل بهادور، ومولوي نضير، ويستقر هؤلاء القادة في شمال وجنوب وزيرستان، بؤرة أنشطة التمرد في المناطق الحدودية القبلية في باكستان. وأفاد العديد من مقاتلي «طالبان» في مقابلات أجريت معهم في ديرا إسماعيل خان ـ وهي مدينة في إقليم الحدود الشمالية الغربية، ليست بعيدة عن جنوب وزيرستان ـ أن الملا عمر أرسل فريقا مكونا من ستة أفراد إلى وزيرستان نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول)، ومطلع يناير (كانون الثاني). وأشار المقاتلون إلى أن وفد حركة طالبان داخل أفغانستان حث القيادة المكافئة في التنظيم الباكستاني على تسوية خلافاتهم الداخلية، والاتجاه إلى تقليل أنشطتهم في باكستان، والمساعدة في مواجهة زيادة القوات الأميركية المخطط لها في أفغانستان.

ووافق قادة «طالبان» الباكستانية الثلاثة على ذلك، وفي فبراير (شباط) شكلوا مجلسا موحدا ـ أو شورى ـ وأطلقوا عليه «مجلس المجاهدين المتحدين». وفي بيان مكتوب أقسم القادة على نبذ خلافاتهم، والتركيز على قتال القوات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان. وعلى صعيد آخر أنكر ذبيح الله مجاهد ـ الناطق باسم «طالبان» الأفغانية ـ انعقاد مثل هذا الاجتماع، أو إرسال الملا عمر أي رسول من جانبه. ولطالما أنكرت «طالبان» الأفغانية أي وجود لها في باكستان، أو حتى وجود أي نوع من الاتصال مع «طالبان» الباكستانية، وذلك للتأكيد على أن الحركة جذورها تمتد في أفغانستان. وفي هذا الصدد قال مجاهد: «لا نميل إلى الانخراط معهم، فضلا عن أننا نعارض أي انضمام إلى مقاتلي (طالبان) الباكستانية. إننا نتعاطف معهم كمسلمين، ولكن إلى جانب هذا لا يوجد أي شيء آخر بيننا».

وأكد العديد من المسؤولين الباكستانيين ـ الذين لم يرغبوا في الكشف عن أسمائهم لأنهم غير مخولين بالحديث إلى وسائل الإعلام ـ على حدوث هذا الاجتماع، إلا أنهم أشاروا إلى أن مثل هذا المقترح قد يكون نابعا من سراج الدين حقاني، وهو زعيم في «طالبان» الأفغانية، والذي تعهد بالتحالف مع الملا عمر، إلا أنه مستقل إلى حد كبير في عملياته. ويؤكد مسؤولون أميركيون على وجود صلة وثيقة بين سراج الدين ووالده جلال الدين حقاني ـ وهما من أكثر الرموز نفوذا في وزيرستان _ مع «القاعدة» والاستخبارات الباكستانية. وانطلاقا من قاعدتهما شمال وزيرستان يدير الرجلان جماعات من المقاتلين في شرق أفغانستان، فضلا عن هجمات معقدة متزايدة في العاصمة الأفغانية كابل. وقال محاربو «طالبان» إن وفد «طالبان» الأفغانية قادها الملا عبد الله ذاكر، قائد من إقليم هلمند جنوب أفغانستان، وورد أن اسمه الحقيقي عبد الله غلام رسول.

وتحدث أعضاء من «طالبان» الأفغانية عبر الهاتف موضحين أنه بصفته أحد قادة الصف الأول في الحكومة الطالبانية، تم أسر الملا ذاكر شمال أفغانستان في عام 2001، وتم احتجازه في معتقل غوانتانامو، حتى إطلاق سراحه في عام 2007.

* خدمة «نيويورك تايمز»