اجتماع الدوحة التشاوري: «عصف للأفكار» ولا نتائج ملموسة للمصالحة العربية

وزير خارجية البحرين: هناك بعض القضايا عليها اختلاف * الأسد في الدوحة اليوم * مصر لم تحسم مستوى تمثيلها للقمة

عناصر من الشرطة القطرية يقومون بالحراسة أمام الفندق الذي ستعقد فيه القمة العربية (إ.ب.أ)
TT

أنهى وزراء الخارجية العرب أمس اجتماعهم «التشاوري» في العاصمة القطرية الدوحة، دون الخروج بنتائج ملموسة فيما يتعلق بالمحور الأساسي الذي أعلن مسبقا أنه سيتصدر جدول الأعمال، وهو موضوع المصالحة العربية، وبدا أن الاجتماع كان فقط «عصفا للأفكار»، كما وصفه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.

وقضى وزراء الخارجية نحو ثلاث ساعات في اجتماع مغلق، لكن اجتماعهم هذا انقضى دون حل الاختلافات المتباينة التي كانت سائدة على الاجتماع، وفقا لتصريحات وزراء ومسؤولين عرب.

وفي تصريحات صحافية قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد آل خليفة إن اجتماع أمس شهد سعيا لإنهاء الاختلافات المتباينة بين الدول العربية، موضحا أن هناك بعض القضايا عليها اختلاف، فيما هناك اتفاق على قضايا أخرى. وأضاف «لكن الجميع ركز على المصالحة وتوحيد الرؤى».

وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك مشروع جديد لمبادرة السلام العربية، قال الشيخ خالد «هناك تأكيد للالتزام بالمبادرة العربية التي وضعت السلام على الخريطة الدولية، ونحن لسنا دعاة حرب، ونسعى لإقرار السلام».

وقال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إن «المصالحة العربية ليست شعارا وإنما موضوع أساسي في حل الكثير من القضايا العربية، التي تتطلب منا أن نتصارح، وقد تم ذلك بالفعل بناء على ورقة قدمتها، وطلبت أن يكون الحوار بيننا دون مجاملات»، واصفا الموقف العربي بـ«المعقد».

وفيما يخص الموقف المصري من المصالحة العربية، قال حسام زكي الناطق الرسمي للخارجية المصرية، والذي ترأس وفد بلاده للاجتماع، إن القاهرة تقف مع المصالحة وإنها «منفحتة عليها وتأمل أن تكون مصالحة شاملة وتقوم على أسس موضوعية». واعتبر أن مقومات المصالحة العربية مقومات موضوعية تقوم على التفاهم العربي على القضايا الرئيسية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وعدد آخر من القضايا. وردد المسؤول المصري أن موقف بلاده حول تمثيلها في القمة العربية بأنه «لم يتحدد بعد»، نافيا أن يكون غياب وزير الخارجية أحمد ابو الغيط عن الحضور للاجتماع التشاوري بأنه تعميق للخلاف المصري ـ القطري. وقال «هناك بعض المواقف التي كان عليها خلافات في الفترة الماضية، ونأمل أن تحل هذه الأمور ونضعها وراء ظهورنا»، معتبرا المرحلة الحالية «مرحلة مهمة وتتطلب تكاتفا عربيا».

وكان السفير حسام زكى أعلن في القاهرة قبل سفره للدوحة أن مصر «لم تحسم بعد مستوى تمثيلها في القمة العربية في الدوحة التي ستعقد يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، وأنه سيتم ذلك في الوقت المناسب».

وقال زكي في تصريحات صحافية، قبل مغادرته القاهرة قبل ظهر أمس متوجها إلى قطر للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يعقد اليوم بالدوحة «إن وفد مصر إلى القمة مهتم بكل القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة سواء الأمور السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وله دور ومساهمات قيمة في كل الموضوعات خاصة السياسية حيث يتركز اهتمامه على موضوعات الصراع العربي الإسرائيلي وفلسطين والسودان».

وأضاف زكي «إن مصر حريصة على أن تخرج من قمة الدوحة قرارات تبقى على صلابة الموقف العربي لمواجهة كل القضايا المطروحة وتدعم التحركات العربية الواعية من أجل تحقيق المصلحة العربية».

وأكد أن مصر ستواصل جهودها عقب القمة العربية لرعاية الحوار بين الفصائل الفلسطينية وتشجيعها على التوصل إلى تفاهمات وتوافقات بينها حول بعض القضايا المطروحة والعالقة والتي لم يتم التوصل فيها إلى اتفاق ونأمل أن تنجح هذه الجولة في حسم هذه الأمور.

إلى ذلك قال مسؤولون عرب أمس، إن القمة العربية العادية في الدوحة، ستشدد من خلال بيانها الختامي على موقف عربي متضامن مع الرئيس السوداني عمر البشير.

وفيما قال مساعد وزير الخارجية القطري سيف مقدم البوعينين إن «هناك مشروع قرار يبحثه الاجتماع حول قرار المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس البشير يؤكد الدعم العربي للسودان». أكد دبلوماسي عربي لـ«الشرق الأوسط» أن وزراء الخارجية العرب سيضمنون توصية في لقائهم التحضيري اليوم، تشير إلى أن الدول العربية تقف مع السودان «في أزمته هذه».

وفي تصريحات صحافية قال مساعد وزير الخارجية القطري إن القرار سيعرب عن الأسف لعدم تمكن مجلس الأمن من استخدام المادة 16 من ميثاق محكمة الجنايات الدولية التي تسمح للمجلس بتأجيل قرارات المحكمة لمدة عام في حال الضرورة مع تأكيد القرار على حصانة رؤساء الدول.

وقال البوعينين إن مشروع القرار يطلب من مجلس الأمن تحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلام في السودان.

وكان عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية قد قال إن القمة العربية العادية الحادية والعشرين التي ستنطلق الاثنين المقبل، ستناقش قضايا تتعلق بالتحديات التي تواجه الدول العربية وفي مقدمتها «الوضع العام في فلسطين في ضوء الاحتلال وعدم اكتمال المصالحة الوطنية وما يجري في السودان وإقليم دارفور».

وأعرب موسى خلال تصريحات صحافية أمس، عن ارتياحه للتطورات الإيجابية «التي شهدها النظام الإقليمي العربي في الآونة الأخيرة وفي صدارتها خطوات المصالحة التي بدأت على هامش قمة الكويت الاقتصادية في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي وتواصلت في القمة العربية المصغرة التي عقدت بالرياض في العاشر من الشهر الجاري بمشاركة قادة السعودية والكويت ومصر وسورية إلى جانب بدء خطوات المصالحة الفلسطينية من خلال الحوار الوطني بالقاهرة».

ووصف هذه التطورات بأنها نقاط إيجابية ستدفع بها قمة الدوحة تحت قيادة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى الأمام وتتخذ قراراتها بناء على هذه المعطيات الجديدة «الأمر الذي سيصب باتجاه المزيد من تفعيل منظومة العمل العربي المشترك ويسهم في إزالة أسباب الاحتقان بين أكثر من طرف عربي».

وردا على سؤال حول أهم الملفات المطروحة على قمة الدوحة أوضح موسى أنها متعددة ويأتي في صدارتها الوضع في السودان في ضوء تداعيات مذكرة المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس عمر حسن البشير، مشيرا إلى أنه سيقدم تقريرا للقادة عن الجهود التي تبذلها الجامعة العربية بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي لاتخاذ الخطوات القانونية والدبلوماسية التي من شأنها تأجيل القرار لمدة عام.

وقال إن القضية الفلسطينية بكل جوانبها تتصدر كالعادة جدول أعمال القمة العربية إلى جانب ملف السلام في الشرق الأوسط الذي أصبح مهددا بالتعطيل خاصة مع صعود بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود إلى السلطة في ضوء الانتخابات الأخيرة بالتحالف مع القوى اليمينية الأكثر تطرفا في إسرائيل.

لكن موسى في الوقت نفسه لفت إلى وجود «آمال بتغيير السياسة الدولية إزاء عملية السلام في المنطقة، وهو قال إنه لمسه خلال لقاءاته مع مسؤولي الإدارة الأميركية الجديدة أثناء زيارته لواشنطن الأخيرة.

وأضاف موسى أن ملفات العراق والصومال ولبنان والعلاقات الإقليمية للعالم العربي ستكون مطروحة على قمة الدوحة.

من جهته، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن القمة الرباعية التي عقدت في الرياض «أرست أساسا لبدء السير في طريق صحيح».

وفي إجابة عن سؤال عن المصالحة العربية رد الوزير المعلم بالقول «بدأنا الخطوات الأولية على الطريق الصحيح للمصالحة العربية ونبذل كل جهد كي تكون هذه المصالحة شاملة»، مضيفا أن وجهة نظر الرئيس الأسد تقوم «على أن يتفق القادة العرب على الأهداف الأساسية للأمة العربية مع احترام الاختلاف في الرأي بسبب العوامل الموضوعية لكل دولة ومواصلة الحوار للتوصل إلى قواسم مشتركة». وأعلن أمس أن الرئيس السوري بشار الأسد سيقوم اليوم بـ«زيارة عمل» إلى قطر، وذلك للتشاور مع أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني «حول الأوضاع العربية الراهنة».

وبحسب بيان رئاسي سوري فإن زيارة الرئيس الأسد إلى الدوحة تأتي «في إطار التشاور والتنسيق القائم بين البلدين إزاء مختلف القضايا بما يخدم المصالح العربية».

إلى ذلك نفى وليد المعلم أن تكون بلاده قد قدمت شروطا للمصالحة العربية العربية، مضيفا «من الطبيعي أن تكون هناك اتصالات سورية مع جميع الأشقاء العرب الذين سيحضرون القمة».

وعبر الوزير السوري عن تفاؤله بنتائج هذه القمة، مؤكدا أن بلاده تعمل على أن تكون هذه القمة مميزة «وهذا شيء طبيعي في ثوابت السياسة السورية». وأضاف الوزير المعلم أن الرئيس السوري بشار الأسد يرى أن مؤسسة القمة «هي الواجهة التي تعقد سنويا للقاء القادة وإجماعهم ولو على الحد الأدنى»، مضيفا أن تحرك الرئيس الأسد والقمة الرباعية وزيارتيه لقطر والأردن والرسالة الشفهية التي بعث بها للقيادة العراقية «تأتي في إطار مساعيه لإنجاح قمة الدوحة».

وأكد الوزير المعلم أن التضامن العربي ضرورة في هذه المرحلة، آملا أن يكون حضور القادة العرب تاما حتى تستطيع سورية مواصلة دورها في استكمال مسيرة المصالحات العربية. ويبدأ صباح اليوم وزراء الخارجية العرب اجتماعاتهم الرسمية لمناقشة مشروع القرارات، وإعلان الدوحة لرفعه إلى القمة العربية الحادية والعشرين، التي تبدأ أعمالها بعد غد الاثنين، برئاسة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ومشاركة القادة والملوك والرؤساء العرب، ومتوقع أن يشارك في القمة حوالي 17 دولة على مستوى القادة، وتناقش القمة 25 بندا سياسيا، بجانب عدد من البنود الاقتصادية، على رأسها الأمن القومي العربي، والقضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي ومستجداته. وقد أعلنت الإمارات أمس، أن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات سيتوجه غدا إلى لدوحة على رأس وفد للمشاركة في القمة العربية،