ميدفيديف: روسيا ترغب بتوسيع علاقاتها مع منظمة المؤتمر الإسلامي

اتفق مع أوغلي على المساهمة في درء أخطار الإرهاب والمخدرات في أفغانستان

TT

في لقائه مع الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف رغبة بلاده في توسيع علاقاتها مع المنظمة، ولا سيما فيما يتعلق بالجهود المشتركة الرامية إلى تسوية الأوضاع في الشرق الأوسط. وقال ميدفيديف في مستهل لقائه الذي جرى في مقر إقامته بضواحي العاصمة الروسية، إن روسيا ترتبط مع المنظمة بعلاقات خاصة، بغض النظر عن عضويتها بصفة مراقب، معرباً عن أمله في الارتقاء بمستوى هذه العلاقات إلى مستوى العلاقات الكاملة في مختلف المجالات وعلى شتى المستويات. وإذ أكد الرئيس الروسي على أهمية الدور الذي تلعبه المنظمة في البلدان الإسلامية، قال بضرورة التنسيق معها في مجال التسوية الشرق أوسطية. وتقول المصادر إن اللقاء الذي شارك فيه كامل إسحاقوف، الممثل الشخصي للرئيس الروسي لدى منظمة المؤتمر الإسلامي، وأحد أبرز الشخصيات السياسية الروسية، تناول بالكثير من التفاصيل مجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط. وتطرق إلى الجهود التي تبذلها موسكو للإعداد لمؤتمر دولي في العاصمة الروسية بمشاركة كل الأطراف المعنية. وأعلن ميدفيديف عن تقدير بلاده للنتائج الايجابية التي أسفر عنها مؤتمر إعادة إعمار غزة، الذي شارك فيه الكثير من البلدان الأوروبية على مستوى القمة إلى جانب ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية، الذي عقد في شرم الشيخ في مطلع مارس (آذار) الجاري.  وقال الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في تصريحات خص بها «الشرق الأوسط»، إنه أطلع الرئيس ميدفيديف على نتائج زيارته الأخيرة لقطاع غزة وما شاهده من دمار، فيما دعا روسيا والمجتمع الدولي لتقديم أوجه المساعدة للفلسطينيين الذين يواصلون العيش لما يزيد على الستين عاماً في ظل ظروف مأساوية. وقال إن اللقاء مع الرئيس الروسي الذي استغرق قرابة الساعة، تطرق إلى بحث قضية الشرق الأوسط والمسائل المتعلقة بعقد المؤتمر الدولي الذي تدعو إليه موسكو، إلى جانب الأوضاع في العراق والملف النووي الإيراني والسودان ودارفور والصومال. وأضاف أكمل الدين إحسان أوغلي أنه التقى في موسكو أيضاً سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، والشيخ راوي عين الدين، رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا ورئيس مجلس المفتين، إلى جانب زيارته لمقر المركز الثقافي الإسلامي، حيث التقى رئيسه عبد الواحد نيازوف وممثلي الطوائف والجاليات الإسلامية، بمشاركة علي جعفر حسن، سفير خادم الحرمين الشريفين، حيث اطلع على الكثير من جوانب حياتهم ونشاطهم. كما التقى، بمبادرة من السفير السعودي في مقر سكنه بموسكو أيضاً، سفراء البلدان العربية والإسلامية حيث أطلعهم على نتائج مباحثاته ولقاءاته في العاصمة الروسية. وكان أوغلي في زيارة لموسكو بدعوة من الجانب الروسي للمشاركة في المؤتمر الذي أقيم تحت رعاية منظمة بلدان مجموعة شنغهاي لبحث الأوضاع الراهنة في أفغانستان، وتحديد سبل تسوية هذه الأوضاع ومكافحة الإرهاب وانتشار المخدرات، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية والبلدان الثمانية الكبار.

وفي موسكو أيضاً، وفي إطار جهود التكامل الدولي بحثاً عن إقرار الأمن والسلام في أفغانستان، التي طالما كانت مسرحاً لصراعات القوى العظمى، التقى أمس في موسكو ممثلو روسيا والولايات المتحدة وكبريات الدول والمنظمات الدولية تحت رعاية منظمة بلدان مجموعة شنغهاي لبحث سبل تحقيق الأمن والاستقرار هناك. وجاء مؤتمر موسكو، الذي شارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي ووزراء خارجية بلدان مجموعة شنغهاي وممثلو البلدان الثمانية الكبار والناتو والاتحاد الأوروبي، قبل أيام من انعقاد مؤتمر لاهاي الذي دعت إليه واشنطن برعاية الأمم المتحدة لبحث القضايا ذاتها التي طرحها بالأمس مؤتمر موسكو، مما يجعل الأمر يبدو أشبه بسباق تتباين خلاله النوايا وتتناقض الشعارات. فعلى الرغم من إجماع كل الأطراف حول السعي من أجل مكافحة الإرهاب الدولي والحد من انتشار تجارة المخدرات، وإعلان موسكو أن مؤتمري موسكو ولاهاي يهدفان إلى تحقيق استقرار الأوضاع ودعم جهود القيادة الأفغانية لمكافحة أخطار الإرهاب وانتشار المخدرات، فإن هناك من الدلائل ما يشير إلى تباين استراتيجيات القوتين العظميين، ونقصد بذلك الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو والاتحاد الأوروبي من جانب، وروسيا وشركاءها في منظمة مجموعة شنغهاي والأعضاء المراقبين في هذه المنظمة، ومنها إيران والهند وباكستان ومنغوليا، من جانب آخر. ومن هذا المنظور تساءلت مصادر روسية حول ضرورة طرح قضايا استبدال الناتو البعيد جغرافياً عن المنطقة بمجموعة شنغهاي التي تسعى لفرض نفسها كتحالف أمني يضم روسيا والصين وبلدان آسيا الوسطى والأعضاء المراقبين، وهي البلدان التي تحد أفغانستان من الاتجاهات الأربعة، بالتعاون مع بلدان معاهدة الأمن الجماعي. وأشارت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» إلى بعض من تاريخ الماضي الذي شهد محاولات الولايات المتحدة وبريطانيا لاستقطاب أفغانستان إلى حلف بغداد ثم إلى الحلف نفسه بعد تغيير اسمه إلى حلف «السنتو» والتي رفضتها أفغانستان، مما جعلها عرضة للعقوبات ودفعها إلى طلب العون من الاتحاد السوفياتي الذي سقط في شرك التدخل العسكري بكل ما أسفر عنه من عواقب وخيمة، وثمة ما يشير إلى أن ما يشهده اليوم من مشاكل جزء من هذه العواقب.

وكان وزير الخارجية الروسية قد أعلن أمس اقتراح منظمتي شنغهاي ومعاهدة الأمن الجماعي التي تضم روسيا وبيلاروس وبلدان آسيا الوسطى، حول إنشاء حزام أمني مالي لمكافحة الإرهاب وانتشار المخدرات التي تتعاظم أخطارها التي تهدد بلدان آسيا الوسطى وروسيا. وإذ أشار إلى الكثير من الدعم والجهود التي بذلتها روسيا لمساعدة أفغانستان في مجالات الصحة والتعليم والطاقة، قال بضرورة تولي القوات الدولية المعنية ضمان الأمن في أفغانستان وتفعيل نشاطها في مجال مكافحة المخدرات، مؤكداً أن تسوية الأوضاع في أفغانستان تتطلب أسلوباً متكاملا لا يستند إلى القوة وحسب في التعامل مع الإرهابيين ومروجي المخدرات بل وفي إطار برنامج تعاون تشمل أبعاده المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى ضرورة اتخاذ التدابير الأمنية والمدنية النشطة لقمع نشاط المتطرفين في المناطق المتاخمة للحدود الأفغانية الباكستانية. ونقل لافروف رسالة التحية التي بعث بها ميدفيديف وأكد فيها على ضرورة الاهتمام بدعم جهود أفغانستان في بناء الدولة والاقتصاد، وهو ما يستحيل تحقيقه بدون ضمان الأمن والاستقرار في كل الأراضي الأفغانية وما يتطلب الكثير من المساعدة والدعم أكثر من ذي قبل. وأشار ميدفيديف إلى استعداد بلاده للمساهمة في تطبيع الأوضاع في أفغانستان وتقديم الدعم اللازم لتطورها السلمي. ومن جانبه أشار أندريه نيستيرينكو المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية إلى استحالة تسوية المشكلة الأفغانية من دون بذل الجهود الجماعية وليس الأعمال المنفردة. وأضاف نيستيرينكو أن مؤتمر موسكو لا يأتي في إطار التنافس مع القوى الدولية الموجودة في أفغانستان وإنما في إطار إعطاء دفعة جديدة للجهود الرامية إلى تحقيق التسوية هناك. وكانت الولايات المتحدة قد شاركت في المؤتمر في بادرة هي الأولى التي تسجل مشاركة أميركية في فعالية دولية تقام تحت رعاية منظمة مجموعة بلدان شنغهاي. ونقلت «ريا نوفوستي»، نقلا عن مصدر أميركي شارك في لقاء الأمس، قوله إن الولايات المتحدة ترحب بالموقف البناء من جانب روسيا تجاه أفغانستان. وأضاف أن الجانبين الروسي والأميركي سبق وعقدا عدة جولات ثنائية لمناقشة القضايا الأفغانية ومنها اتفاقية عبور المعدات عبر الأراضي الروسية.