كركوك: تفاؤل حذر بالتوصل إلى اتفاق بين الأكراد والعرب والتركمان.. وسط أزمة ثقة

الأمم المتحدة تدرس خيارين.. إما اعتبار المدينة المتنازع عليها «حالة خاصة».. أو منحها الحكم الذاتي

جانب من سوق شعبي في مدينة كركوك فيما يرتفع علم إقليم كردستان عاليا (أ.ب)
TT

فيما أعربت لجنة تقصي الحقائق في كركوك عن تفاؤلها، إزاء إمكانية توصل مكونات المدينة الثلاثة، الأكراد والعرب والتركمان، إلى حل جذري لمشكلة تقاسم السلطات المحلية، على أساس نسبة 32% لكل مكون، و4% للمكون المسيحي في المحافظة، نفى كبار المسؤولين في تلك الأطراف مجتمعة التوصل إلى أي اتفاق بهذا الشأن. وعلى صعيد متصل، كشف مسؤولان في الأمم المتحدة عن التوصل إلى وضع مسودة خطة، لتفادي انفجار الأوضاع في كركوك.

ونفى كاكه رش صديق، رئيس لجنة تنفيذ المادة 140، وعضو مجلس محافظة كركوك عن الكتلة الكردية، توصل الأطراف إلى أي اتفاق بهذا الصدد، بل وشدد على أن لجنة تقصي الحقائق أخفقت في انجاز أي تقدم في جهودها، كما أن التجمع العربي في مجلس المحافظة يواصل رفضه حضور اجتماعات اللجنة التنسيقية. وكان عدد من أعضاء لجنة تقصي الحقائق في كركوك، أعربوا عن تفاؤلهم في التوصل إلى نتائج حول المادة 23 من قانون انتخابات محافظة كركوك، وتجاوز الخلافات بين قوائم مجلس المحافظة، حول مسألة تقاسم السلطة بين المكونات الرئيسية في المدينة.

وأضاف صديق لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكتلة التركمانية قدمت مشروعا جديدا لتقاسم السلطات في كركوك، أسوة بالمشروع الذي تقدمت به الكتلة الكردية، بشأن الموضوع ذاته، الأمر الذي يعرقل الجهود الهادفة إلى حل المشكلة».

وأوضح صديق أن الكتلة الكردية مستعدة للقبول بتقاسم السلطات، على أساس التساوي بنسبة 32%، شريطة أن يشمل المشروع جميع المناصب السيادية والوظائف الإدارية الرفيعة، وصولا إلى أدنى المواقع والوظائف، وإعادة جميع الموظفين المفصولين إبان عهد النظام السابق إلى سابق وظائفهم، شرط أن يكونوا من سكان المدينة الأصليين.

وبخصوص مدى استعداد الكتلة الكردية للتنازل عن منصب رئيس مجلس المحافظة، قال صديق، «الكرد مستعدون لذلك وليس لديهم أي موانع، وقد خولنا الكتلتين العربية والتركمانية في شغل ذلك المنصب بعد تراض بينهما، ولكن شريطة أن يتم توزيع جميع المناصب في آن معا، لتفادي أي تراجع محتمل للكتلتين العربية والتركمانية بعد نيل المواقع والمناصب التي تريدانها، سيما أنهما تدعوان إلى تقسيم المناصب والوظائف على مراحل، وهو ما يوجد لدينا تصورا بأن كلا منهما ينوي التراجع عن وعوده، بعد حصوله على المواقع التي يريدها وترك بقية المشاكل عالقة، الأمر يضر بمصالح الكرد». ومن جانبه، قال محمد خليل الجبوري رئيس كتلة الوحدة العربية في مجلس محافظة كركوك، إن التفاوض بين الكتل الثلاث شمل حتى الآن المناصب السيادية في المحافظة وحسب، ولم يجر بحث الوظائف الإدارية فيها، وقد احتفظ الكرد بموجب ذلك بمنصب محافظ المدينة، والعرب بمنصب نائب المحافظ، وبقي منصب رئيس مجلس المحافظة شاغرا.

وأضاف الجبوري لـ«الشرق الأوسط»، قائلا، «نحن العرب لدينا توافقات سياسية مع الأخوة التركمان، وموافقون على منح ذلك المنصب إلى التركمان، وبعد ذلك سننتقل إلى تقاسم المناصب الإدارية». وقال الجبوري «نحن متفائلون بشأن سير العملية التوافقية، شريطة أن يفي الأخوة الكرد بوعودهم، لكنهم إلى الآن لم ينفذوا وعودهم ولم يحددوا موعدا أو سقفا زمنيا لذلك، أي للتنازل عن منصب رئيس مجلس المحافظة، وإذا تحقق ذلك نستطيع الجزم بأن المادة 23 قد دخلت حيز التطبيق». وأكد الجبوري، أن «الكتلة الكردية راهنت على إيجاد هوة في العلاقات بين الكتلتين العربية والتركمانية، عبر تخييرهما شغل منصب رئيس مجلس المحافظة، ظنا منها أن ذلك سيفضي إلى مشكلة عويصة بينهما، وبالتالي تعلن الكتلة الكردية للرأي العام بأنها ليست السبب في عرقلة العملية، بل أن اختلاف العرب والتركمان في شغل المنصب المذكور هو أساس المعضلة». أما الجانب التركماني فقد أكد أن الحديث عن أي اتفاق بخصوص توزيع المناصب على قاعدة التساوي بين المكونات الثلاثة، هو مجرد كلام نظري أو حبر على ورق وليس هناك أي جديد على ارض الواقع. وقال حسن توران نائب رئيس حزب العدالة التركماني وعضو مجلس محافظة كركوك عن كتلة الجبهة التركمانية «لم يتم التوصل إلى أي اتفاق لتقاسم السلطة بين المكونات الثلاثة حتى اللحظة، ولا تزال هناك وجهات نظر مختلفة، بعضها متقاربة والبعض الآخر متباعدة بخصوص القضية، ونسعى بدورنا إلى تقريب وجهات النظر المختلفة». غير أن النائب سعد الدين أركيج، عضو لجنة تقصي الحقائق ورئيس الجبهة التركمانية، شدد على أن «التركمان مصممون على أن يتم منحهم منصب رئيس المجلس، ليكون للكرد منصب المحافظ والعرب نائب المحافظ، ومن ثم يتم العمل بتدقيق السجلات للناخبين وتوزيع المناصب الإدارية في كركوك ووضع حد للتجاوزات قبل عام 2003 وبعدها».

يذكر أن الكرد يحتفظون منذ عام 2003 بمنصب محافظ المدينة، وكذلك برئاسة مجلس المحافظة منذ عام 2005، بعد حصولهم على أغلبية أصوات الناخبين في انتخابات مجالس المحافظات، التي جرت في ذلك العام، والتي شكك العرب والتركمان في نزاهتها حينذاك. وفي تطور لاحق، أعلن مسؤولان غربيان عن التوصل إلى وضع مسودة خطة لتفادي انفجار الأوضاع في كركوك، تقوم على تقاسم السلطة بين مكوناتها الثلاثة، غير انه لم يعرف بعد أن كان ذلك ضمن نقاشات لجنة تقصي الحقائق.

وقال المسؤولان، اللذان رفضا الكشف عن اسمهما، لوكالة الاسوشييتد برس، إن الخطة تضمنت خمسة خيارات تم استبعاد ثلاثة منها على الفور، لعدم القدرة على تطبيقها، وقال إن الخيارين المتبقيين هما، إما اعتبار كركوك محافظة ذات «حالة خاصة»، حيث تتشارك حكومتا بغداد وأربيل في إدارتها، وان يستمر هذا الوضع بين 3 ـ 10 أعوام، حتى يتمكن الساسة من إيجاد حل نهائي للقضية، أو منح كركوك الحكم الذاتي سياسيا، بالاعتماد بشكل من الأشكال ماديا على بغداد. وهذا الخيار يفضله التركمان كما سيسمح للمدينة بالاستفادة من عوائد النفط الذي تتمتع به المدينة.