أكاديمية للشرطة آخر مواقع المواجهة بين السلطة والمتطرفين في باكستان

مقتل أكثر من 20 في لاهور واتهام طالبان بالوقوف وراء الهجوم

رجال أمن باكستانيون يعتقلون مشتبها به خارج أكاديمية شرطة في لاهور أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد ثمانية ساعات من معركة مسلحة مع متطرفين احتجزوا رجال شرطة كرهائن، استطاعت القوات الأمنية الباكستانية إعادة سيطرتها على أكاديمية للشرطة على مشارف مدينة لاهور. وبالإضافة إلى مقتل 4 من المتطرفين خلال العملية التي هزت باكستان أمس، قتل اكثر من 20 من المتدربين في الأكاديمية. واستخدمت مجموعة من 8 مسلحين قنابل يدوية وأسلحة لمهاجمة أكاديمية الشرطة في هجوم بدأ في الساعة السابعة والنصف صباح أمس. واتهم وزير الداخلية عبد الرحمن مالك، مقاتلين موالين لزعيم طالبان الباكستانية بيت الله محسود بتنفيذ الهجوم على أكاديمية الشرطة.

وبينما كان المتدربون من رجال الشرطة يرقدون في أسرتهم بعد انتهاء عطلة نهاية الأسبوع، استيقظوا على صوت القنابل والرشاشات في عملية مشابهة للهجوم الذي وقع في مدينة لاهور بداية الشهر واستهدف فريق سريلانكا للكريكيت.

وكانت مجموعة من المهاجمين استهدفت الاستعراض العسكري الصباحي في الأكاديمية التي يدرس فيها 900 متدرب في مدينة لاهور القريبة من الحدود الهندية. وأبلغ قائد الشرطة خواجة فاروق الصحافيين أن عملية السيطرة على الأكاديمية انتهت بعد ثمانية ساعات من القتال «بنجاح ومن دون أن يستسلم أي من الإرهابيين». وقال مسؤول وزارة الداخلية الباكستانية رحمن مالك في مقابلة مع تلفزيون «جيو» الخاص في مكالمة هاتفية: «لقد اعتقلنا بعض الإرهابيين. ونقوم بالتحقيق معهم». وأضاف أن «أربعة إرهابيين قتلوا» إلا أنه نفى ما تردد عن انهيار الأمن والقانون في باكستان التي تشهد موجة من هجمات المتطرفين، موضحا أن «من الخطأ القول إن القانون والنظام في باكستان انهارا. فنحن اقتربنا من رصد المهاجمين الضالعين في هذه» الهجمات. وتابع: «هذا هجوم إرهابي مخطط ومنظم. ويظهر المدى الذي يمكن أن يذهب إليه أعداء هذا البلد. علينا أن نقاتل بوحدة. ويجب التخلص من العناصر العدائية من خلال وحدتنا». وفي تطور جديد، يسلط الضوء على الترابط بين تراجع الأمن في أفغانستان وباكستان، أعلن وزير الداخلية الباكستاني أن أحد المعتقلين المشتبه بتورطه بالهجوم على الأكاديمية أفغاني الجنسية، ويأتي من محافظة باكتية. وأوضح مالك في مؤتمر صحافي، أن المتهم الأفغاني وصل إلى لاهور قبل 15 يوما، وأن «المختصين يقومون باستجوابه الآن». وكان مسؤولون باكستانيون قالوا إن المعتقلين من موقع الهجوم يتحدثون لغة الباشتو، التي يتحدثها سكان جنوب أفغانستان وبعض المناطق الباكستانية على الحدود الأفغانية. ولم تعلن الشرطة هوية المعتقلين الثلاثة الآخرين. وأشار مالك إلى أن عددا من هذه الجماعات مسؤول عن هجوم لاهور. وقال مالك: «من يدعمهم؟ من يزودهم بالسلاح؟ الجميع يعرف هذه المنظمات المحظورة المدعوة «عسكر جنقوي» و«عسكر طيبة» و«جيش محمد». وأكد أنه «تم تشكيل فريق قوي جدا للتحقيق في حقيقة الأمر. واختار الإرهابيون هدفا جديدا واستهدفوا قوات الأمن». وأشار إلى أن قوات الأمن الباكستانية في حالة تأهب عام خشية أي تسلل محتمل «لإرهابيين مدربين» منذ المسيرة التي كان محامون ونشطاء سياسيون يعتزمون القيام بها إلى إسلام أباد في وقت سابق من الشهر.

وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «أحد الإرهابيين اعتقل خارج معسكر الأكاديمية بينما كانت الشرطة تقاتل الإرهابيين المحصنين في المعسكر». وأضاف، أن رجال الأمن الباكستانيين عثروا على قنبلة يدوية بحوزة المعتقل، وهو في العشرينات من العمر ويتحدث لغة الباشتو. وتابع المصدر أن «الإرهابي المعتقل قال للمحققين إنه كان يريد تفجير طائرات مروحية في الأكاديمية». ولم يتضح عدد المتهمين المعتقلين، إذ أفادت وكالة الأنباء الباكستانية أنه ألقي القبض على ثلاثة مشتبهين، بينما أكد مصدر عسكري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» اعتقال 4، أحدهم من موقع إقلاع المروحيات وثلاثة من داخل مقر الأكاديمية». ويظهر الهجوم العنيف الذي استهدف أكاديمية الشرطة باكستان في مواجهة الإرهاب، خاصة في وقت وضعت فيه واشنطن هذا البلد في صلب استراتيجيتها لمحاربة تنظيم القاعدة. ويذكر هذا الهجوم في استراتيجيته، بالهجوم الذي استهدف في الثالث من مارس (آذار) فريق الكريكت السريلانكي في لاهور، ما أثار سيلا من الانتقادات للحكومة بسبب عدم تمكنها من منع المهاجمين من الفرار. فذلك الهجوم الذي لم يتضح حتى الآن كان له وقع المفاجأة في استراتيجيته، إذ حصل تراشق النار في وسط الشارع، ما يدل على تعقيد التهديد الإرهابي في هذا البلد الذي يشهد منذ يوليو (تموز) 2007 مسلسلا من الاعتداءات غالبيتها هجمات انتحارية. وقد قتل نحو 1700 شخص في هذه الهجمات التي نسبت إلى طالبان ومقاتلين من تنظيم القاعدة يتواجدون في المناطق القبلية الشمالية الغربية الحدودية مع أفغانستان. وحجم العمليات الإرهابية في وقت أصبحت فيه باكستان حليفا استراتيجيا لواشنطن منذ عام 2001، حمل الرئيس الأميركي باراك أوباما على وضع هذا البلد في صلب استراتيجيته في أفغانستان. ووصف تنظيم القاعدة بأنه «سرطان» من شأنه أن يدمر باكستان.