اغتيال أبرز خصوم الرئيس الشيشاني في دبي والسلطات الروسية تؤكد مقتله

الاغتيال يعيد «الشائعات» حول الصراع على السلطة

TT

تضاربت الأنباء أمس حول مصير المقاتل الشيشاني سليم يامادايف الذي تعرض لمحاولة اغتيال في دبي يوم أول من أمس. إلى أن أعلن القنصل الروسي في دبي أن يامادايف، الخصم البارز لرئيس جمهورية الشيشان رمضان قادروف، قضى في محاولة اغتيال وأشارت صحيفة «كوميرسانت» الروسية إلى أن شرطة دبي أعلنت رسميا أنه قضى نحبه. ونقلت وكالة «نوفوستي» تصريحات لأحد أقاربه في غوديرميس، يقول فيها إن سليم قضى نحبه بالفعل. وما عاد التلفزيون الروسي ـ القناة الأولى إلى تأكيده ناقلا الشهادة نفسها لقريبه ومستشهدا أيضا بتصريحات القنصل الروسي في دبي.

وكان يامادايف قد اضطر إلى مغادرة ضواحي موسكو مع أشقائه وأفراد عائلته في ديسمبر (كانون الأول) الماضي خوفا على ما يبدو من تكرار المأساة التي لحقت بشقيقه الذي قضى نحبه على مقربة من مقر الحكومة الروسية في خريف العام الماضي.

وقد أعلن القنصل الروسي في دبي أمس أن الشيشاني الذي اغتيل في دولة الإمارات العربية المتحدة مطلع الأسبوع هو سليم يامادايف. ونقلت وكالة «رويترز» عن القنصل سيرجي كراسنوجور أن الأقارب أكدوا أن القتيل هو يامادايف. وأضاف: «تلقيت توا تأكيدا من شرطة دبي بأنه قتل». وقال: «لم نطلع بشكل شخصي على أي أوراق أو جواز سفر بعد».

وقالت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» إن مسلحين مجهولين هاجموا أول من أمس سليم يامادايف في مرآب للسيارات تحت الأرض في المنزل الذي يعيش فيه بدبي. ونقلت الصحيفة عن عيسى، وهو شقيق أصغر ليامادايف قوله أمس: «أنا في المستشفى الآن بدبي... سليم حالته سيئة وفاقد للوعي ولا يسمح لأحد برؤيته. لكنني أعتقد أنه سينجو من الموت. أتمنى ذلك».

ويؤشر الحادث إلى احتمال تواصل مسلسل الاغتيالات تصفية لحسابات قديمة منها ما يقال حول عودة الصراع على السلطة في الشيشان على الرغم من كل ما يبدو حول استقرار الأوضاع هناك وإمساك الرئيس الحالي رمضان قادروف بخيوطها بمباركة شخصية من جانب رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين. الحادث الأخير يميط اللثام عن الكثير من المجهول في الوقت نفسه الذي يظل فيه الغموض يكتنف جوانب القضية التي تتشابك خيوطها مع حادث اغتيال شقيقه رسلان يامادايف عضو مجلس الدوما في أغسطس (آب) من العام الماضي. وفي غوديرميس، ثاني كبريات المدن الشيشانية ومقر إقامة الرئيس الشيشاني رمضان قادروف، يتواصل الجدل حول أسباب الحادث فيما يعود البعض إلى ذكريات الماضي القريب الذي تتشابك الكثير من مجرياته مع خيوط العلاقات العشائرية في هذه المدينة ومنها ما يتعلق بعشيرة بينو التي ينتمي إليها كل من الرئيس الشيشاني الراحل الحاج أحمد قادروف والشقيقان رسلان وسليمان يامادايف، وتعتبر العشيرة الأكبر في الشيشان وينتمي إليها نصف السكان تقريبا. وكانوا جميعا قد انخرطوا في صفوف المقاتلين ضد السلطة الفيدرالية الروسية خلال الحرب الشيشانية الأولى ليتحولوا لاحقا مع بداية الحرب الشيشانية الثانية إلى السلطات الفيدرالية وإلى مناصبة رفاق الأمس من المقاتلين العداء بعد توصلهم إلى قناعة مفادها عدم جدوى الاستمرار في القتال وخيبة أملهم في بعض رفاق «الجهاد» ومنهم المقاتل الشيشاني الأشهر شامل باسايف. ومع تولي الحاج أحمد قادروف مقاليد السلطة هناك في مطلع عام 2000 انصرف رسلان يامادايف مع أشقائه إلى مساعدته من خلال «كتيبة الشرق» التي قام بتشكيلها في عام 2003 من المقاتلين الموالين له بعد منحه لقب «بطل روسيا الاتحادية». وكان قد انضم مع أشقائه والكثير من أفراد عشيرته إلى صفوف القوات الموالية لموسكو وقواتها الفيدرالية في عام 1999 ليفرض سيطرته الكاملة على منطقة غوديرميس. وقالت مصادر عسكرية إن الكتيبة الشيشانية كانت إحدى وحدات الفرقة 42 التابعة لوزارة الدفاع، وإن أشارت إلى تبعيتها المباشرة للمخابرات العسكرية لدى رئاسة الأركان. وساهمت هذه الكتيبة بدرجة كبيرة في دحر المقاتلين فيما أبلت بلاء حسنا إلى جانب القوات الروسية خلال الحرب الأخيرة في القوقاز في مواجهة القوات الجورجية. غير أن الأحداث التالية التي أعقبت اغتيال الرئيس الشيشاني قادروف الأب في 9 مايو (أيار) 2004 أسفرت عن خلط كثير من الأوراق واشتعال الصراع غير المعلن بين أفراد الفريق الواحد، الذي انتهى بانتصار قادروف الابن بمباركة من موسكو بعد سلسلة من التطورات أزاحت علي الخانوف الذي خلف قادروف الأب لتستقر الأمور بين يدي الشاب رمضان قادروف وإن ظل الأشقاء يامادايف على علاقة طيبة بالسلطة الفيدرالية، ما يؤكده اختيار سليم يامادايف نائبا للحكم العسكري للشيشان في 2001 ـ 2002 ثم مسؤولا في 2002 ـ 2003 عن فرع «حزب الوحدة الروسية» الحاكم في الشيشان، واختياره عضوا بمجلس الدوما.