مجموعة ضغط داخل مجلس الشيوخ الأميركي تطلب دعم مشروع قانون لرفع حظر السفر إلى كوبا

الأصوات المنادية بتخفيف حدة السياسة الأميركية تجاه كوبا تزداد قوة

TT

بعد قرابة العام من تنحي فيدل كاسترو وتسليمه الكثير من مسؤولياته عن قيادة كوبا إلى شقيقه راؤول، ظهر زخم جديد في واشنطن تجاه إلغاء الحظر المفروض على معظم رحلات السفر من الولايات المتحدة إلى كوبا ولإعادة تفحص القيود الشديدة على العلاقات الاقتصادية الأميركية ـ الكوبية. في إطار مؤتمر صحافي يعقد داخل مقر الكونغرس اليوم، ستعلن مجموعة متنوعة من أعضاء مجلس الشيوخ وممثلي جماعات المصالح ـ بينهم رئيس لجنة السياسات الديمقراطية بمجلس الشيوخ، السيناتور بايرون إل. دورغان، ورئيس لجنة الشؤون المصرفية، كريستوفر جيه. دود، وريتشارد جي. لوغار، العضو الجمهوري البارز بلجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، وممثلون عن الغرفة التجارية الأميركية ومنظمة هيومان رايتس ووتش ـ تأييدها لمشروع قانون تاريخي لرفع حظر السفر على كوبا.

من جهته، دعا الرئيس أوباما مراراً خلال حملته الانتخابية الرئاسية العام الماضي إلى اتباع «استراتيجية جديدة» تجاه كوبا. وهذا الشهر، اتخذ قراراً برفع عدد من القيود الصارمة التي أقرتها إدارة بوش على السفر وتحويل الأموال إلى كوبا من جانب الأميركيين من أصول كوبية الذين لا يزال لهم أقارب هناك، بعدما حظر قانون النفقات الصادر عام 2009 استغلال أموال دافعي الضرائب في فرضها. كما أعلنت وزارة الخزانة عزمها تخفيف صرامة المتطلبات اللازمة للحصول على تصريح سفر المواطنين الأميركيين إلى كوبا لأغراض تجارية. ورغم أن القرار ليس نهائياً بعد، فإنه من المتوقع إقرار أوباما لمزيد من الإجراءات الرامية لتخفيف حدة القيود المتبقية على السفر إلى كوبا بالنسبة لجميع المواطنين الأميركيين بحلول موعد توجهه إلى ترينيداد وتوباغو في الفترة بين 17ـ19 أبريل (نيسان) لحضور فعاليات قمة الأميركتين، حسبما أشار مسؤولون بارزون بالإدارة. وجدير بالذكر أن هذه القيود فرضت للمرة الأولى في عام 1961 وجرى تشديدها بمرور الوقت منذ ذلك الحين. ويتطلب إلغاء كافة القيود صدور قرار من الكونغرس يقضي بذلك، إلا أن أحد المسؤولين البارزين أوضح أن وزارة الخزانة لديها سلطة واسعة تسمح لها بتخفيف صرامة المتطلبات التي تقيد من سفر الأميركيين إلى كوبا. جدير بالذكر أن أغلبية من أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري داخل الكونغرس، بينهم أعضاء جمهوريون من الولايات المعتمدة على الزراعة يتطلعون نحو فتح أسواق زراعية جديدة، تدعو منذ فترة بعيدة إلى رفع العقوبات المفروضة على كوبا إلى حد ما. وجرى مراراً إلحاق بنود تقضي بتخفيف القيود على السفر إلى كوبا وتوجيه مبيعات زراعية إليها بتشريعات تم تمريرها في عهد إدارة بوش، لكن تم التخلي عنها داخل المداولات في الغرف المغلقة للتوصل إلى تسوية بشأن التشريعات المقترحة بسبب التلويح باستخدام الرئيس حق النقض (الفيتو). من ناحية أخرى، تم اقتراح مشروع القانون الجديد سالف الذكر للمرة الأولى منذ عامين، لكن قضي عليه داخل اللجنة التي اضطلعت بدراسته. أما هذه المرة، ففاز مشروع القانون بـ18 صوتا داعما بمن فيهم ثمانية رؤساء لجان من الحزب الديمقراطي. في تلك الأثناء، تم طرح تشريع جديد داخل مجلس النواب الأسبوع السابق بهدف إلغاء مزيد من القيود التجارية المفروضة على المنتجات الزراعية. والمعروف أن عدداً من الأميركيين ذوي الأصول الكوبية داخل الكونغرس كانوا منذ أمد بعيد في طليعة الداعين لتشديد القيود وعارضوا اتباع نهج جديد يرمي إلى التواصل مع كوبا، لكن لم يكن أي منهم بمستوى الحماس الذي اتسم به السيناتور روبرت مينيندز (ديمقراطي ـ نيو جيرسي). فقد خاطر مينيندز، وهو نجل مهاجرين كوبيين، بفقدان علاقته الطيبة بالبيت الأبيض ومكانته الرفيعة داخل الحزب الديمقراطي بممارسته الضغوط للإبقاء على العقوبات ضد النظام الكوبي الاستبدادي والقيود على السفر إلى كوبا. خلال هذا الشهر، أثار مينيندز غضب الكثير من زملائه لاعتراضه على اثنين من الشخصيات التي رشحها أوباما لتولي مناصب علمية وإعاقته قانون الإنفاق لعام 2009، لرفضه البنود المرتبطة بكوبا التي يتضمنها. والملاحظ أن مشروع القانون الجديد، الذي سيتم كشف النقاب عنه اليوم داخل مجلس الشيوخ، يقترح إلغاء كافة القيود المفروضة على السفر إلى كوبا، وليس الزيارات العائلية فحسب. جدير بالذكر أن لوغار أصدر تقريراً في فبراير (شباط) الماضي يدعو لإصلاح دراماتيكي للسياسات الأميركية تجاه كوبا. وكتب في خطاب أرفقه بالتقرير: «تعد العقوبات الاقتصادية أداة مشروعة لتنفيذ السياسات الخارجية الأميركية وحققت بالفعل في بعض الأحيان الأهداف المرجوة منها، مثلما حدث مع نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا. بيد أنه بعد 47 عاماً، أخفق الحظر أحادي الجانب المفروض على كوبا في إقرار الهدف المعلن منه المتمثل في تحقيق الديمقراطية للشعب الكوبي، في الوقت الذي ربما جرى استغلاله من قبل النظام الكوبي كذريعة لمطالبة الشعب الكوبي المعوز بتقديم المزيد من التضحيات». على الجانب الآخر وفي إطار خطاب مطول ألقاه أمام مجلس الشيوخ هذا الشهر، شن مينيندز هجوماً مضاداً ضد لوغار، حيث قال: «على مر سنوات، زار ملايين الأوروبيين والكنديين والمكسيكيين وأبناء الأميركتين الجنوبية والوسطى، وآخرون، كوبا واستثمروا فيها، وأنفقوا مليارات الدولارات بها ووقعوا اتفاقيات تجارية معها وتعاونوا معها سياسياً. وماذا كانت نتيجة كل هذه الأموال وكل هذا التعاون؟ لم ينفتح النظام، بل على العكس، استغل موارده كي يصبح أكثر قمعاً». واندهش أقران مينيندز من قوة معارضته العلنية لبند يحظى بتأييد واسع داخل حزبه. جدير بالذكر أن مينيندز يتولى أيضاً رئاسة اللجنة الديمقراطية لحملات مجلس الشيوخ، وهو منصب قيادي مرموق يتطلب مستوى خاصاً من الولاء لتوجهات الحزب. في المقابل، أبدى بعض المتبرعين الليبراليين اعتراضهم على التعاون مع شخص يرون أنه يتخذ مواقف عفا عليها الدهر، في الوقت الذي راودت الشكوك بعض زملاء مينيندز داخل مجلس الشيوخ حول ما إذا كان اختيارهم قد وقع على الشخص الخطأ لرئاسة اللجنة الديمقراطية لحملات مجلس الشيوخ. على سبيل المثال، يعتبر دود واحداً من أكبر الأعضاء الديمقراطيين الذين يستهدفهم الحزب الجمهوري خلال عام 2010. من جانبه، وصف دود السياسة الأميركية تجاه كوبا بـ«الفشل الذريع»، مما دفع بعض الديمقراطيين للتساؤل فيما بينهم حول كيف سيتمكن مينيندز من الدفاع عن موقف زميله. أما مينيندز، فأجاب على التساؤلات بقوله: «كل من يعلمني يدرك أن آرائي صادقة وقائمة على مبادئ. ولا ينبغي أن يشعر أحد بالاندهاش حيال استغلالي رأس مالي السياسي خلال السنوات العديدة التي أمضيتها داخل مجلس النواب والشيوخ في تناول هذه القضية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»