إعلان الدوحة يؤكد ضرورة احترام الشرعية الفلسطينية وإنهاء الخلافات بين الفصائل

تأكيد التمسك بمبادرة السلام العربية كخيار استراتيجي عربي لتحقيق السلام العادل والشامل

صورة جماعية للقادة العرب في قمة الدوحة أمس (أ.ف.ب)
TT

قرر القادة العرب التضامن مع السودان ودعمه في مواجهة قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي يهدف إلى النيل من قيادته الشرعية المنتخبة ووحدته وأمنه واستقراره وسيادته، ويؤثر سلبا على الجهود الحثيثة لإحلال السلام، مؤكدين أن إحالة مجلس الأمن الوضع في دارفور، الذي يعد نزاعا داخليا، إلى المحكمة الجنائية الدولية لا يتسق وأغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

واعتبر القادة العرب، في القرارات الختامية الصادرة عن القمة العربية في الدوحة، قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير، سابقة خطيرة تستهدف رئيس دولة لا يزال يمارس مهام منصبه، وخرقا لاتفاق فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961، مطالبين بإلغاء الإجراءات المتخذة من قبل المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن السودان ليس عضوا في هذه المحكمة.

وأكدت القمة رفض محاولات تسييس مبادئ العادلة الدولية واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها واستقرارها تحت ستار العدالة الجنائية الدولية.

ودعا القادة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في إقرار السلام والاستقرار في السودان، مطالبين الدول دائمة العضوية في المجلس بالتحرك للتوصل إلى موقف موحد لحماية السلام والاستقرار في السودان، ودعم الجهود المبذولة لتحقيق تقدم على مسار التسوية السياسية لأزمة دارفور.

وعبروا عن أهمية إيلاء الاهتمام اللازم لتحقيق السلام بين الأطراف السودانية المعنية بأزمة دارفور ودعم جهود حكومة الوحدة الوطنية السودانية في هذا الشأن، محذرين من أن قرار المحكمة الجنائية الدولية سيؤثر سلبا على تلك الجهود، ودعوا الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق أبوجا إلى الانضمام إلى العملية السياسية، وتحمل مسؤولياتها لتعزيز فرص تحقيق الأمن والاستقرار لإحلال السلام في دارفور.

ورفض القادة محاولات الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها وأمنها واستقرارها ورموز سيادتها الوطنية، وشددوا على ضرورة إتاحة الفرصة أمام القضاء السوداني المستقل المؤهل الراغب في تحقيق العدالة الناجزة في دارفور.

كما قرر القادة العرب تأكيد التمسك بمبادرة السلام العربية كخيار استراتيجي عربي لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وفقا للإطار السياسي الذي يقوم على أن مبادرة السلام المطروحة اليوم لن تبقى طويلا، وأن استمرار الجانب العربي في طرح هذه المبادرة مرتبط بقبول إسرائيلي لها، وأن تفعيلها مرتبط ببدء تنفيذ إسرائيل التزاماتها في إطار المرجعيات الأساسية لتحقيق السلام العادل والشامل، وأنه لا يمكن الوصول إلى هذا السلام طالما استمرت إسرائيل في تعنتها ورفضها لمبادرة السلام العربية.

ونبه القادة إلى خطورة استمرار إسرائيل في تجاهل المساعي السلمية العربية والدولية وتحدي قرارات الشرعية الدولية، ورفض مبادرة السلام العربية واتخاذ الإجراءات أحادية الجانب التي تضر في شكل خطير بنتائج مفاوضات الوضع النهائي، ومحاولاتها تهويد مدينة للقدس وتغيير معالمها التاريخية والديموغرافية وبناء وتوسيع المستوطنات واستمرار بناء جدار الفصل العنصري وفرض الحصار على قطاع غزة وإغلاق المعابر والحاجات اليومية لمدن الضفة الغربية. وحث القادة اللجنة الرباعية الدولية والمجتمع الدولي ودول الاتحاد الأوروبي للضغط على إسرائيل لكي تكون شريكا حقيقيا في عملية السلام. وطالبوا بفك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، لتسهيل حياة المواطنين الفلسطينيين، والبدء في عملية إعادة إعمار القطاع تبعا لما تقرر في مؤتمر شرم الشيخ للمانحين في الثالث من الشهر الجاري، داعين الفصائل الفلسطينية لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة توافق وطني، تستطيع إعادة وحدة الصف، والتحضير للانتخابات في الأراضي الفلسطينية.

وشددوا على ضرورة التحرك نحو القضاء الدولي لتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للعدالة على ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.

وأشار القادة إلى دعمهم الجهود التي تقوم بها الأمانة العامة للجامعة العربية للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني خلال العدوان على غزة وضرورة التحرك نحو عرض هذه الجرائم على المحاكم الدولية المختصة.

ورحب القادة في قراراتهم الختامية بإعلان القاهرة بدء المصالحة الوطنية الفلسطينية، الذي صدر عن اجتماع قادة الفصائل في 26 فبراير (شباط) الماضي، مطالبا جميع الأطراف الفلسطينية بالتجاوب مع الجهد المصري. وأكدوا على رفض جميع الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية التي تستهدف تهويد القدس وضمها وتهجير سكانها، خاصة بعد قرار إسرائيل الأخير بهدم 88 منزلا وتشريد 1500 مقدسي من حي البستان تمهيدا لهدمه وبناء متنزه عام، داعين الدول العربية إلى ضرورة التحرك السريع من أجل إحباط مخططات إسرائيل، مع ضرورة قيام المنظمات الدولية، لا سيما اليونسكو، بتحمل مسؤولياتها في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية.

وأكد القادة على ضرورة احترام الشرعية الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس وتثمين جهوده مع جميع الأطراف الفلسطينية والعربية في مجال المصالحة الوطنية وإنجاح الحوار واحترام المؤسسات الشرعية للسلطة الفلسطينية بما في ذلك المجلس التشريعي المنتخب، مشددين على أهمية إنهاء الخلافات الفلسطينية، مشيرين إلى ضرورة الالتزام بوحدة القرار الفلسطيني من أجل الحفاظ على مكتسبات وحقوق الشعب الفلسطيني المعرضة للخطر.

وطالبوا مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وإرسال مراقبين دوليين وقوات دولية لحمايته من المجازر والعدوان المستمر ومطالبة إسرائيل بالتوقف الكامل عن عملياتها العسكرية المستمرة وانتهاكها لأحكام القانون الدولي، وضرورة إلزام إسرائيل بأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

وجدد القادة تأكيدهم على الدعم العربي للحكومة اللبنانية في ترسيخ الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وفي مكافحة الإرهاب، مشيرين إلى ضرورة تعزيز قدرات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية لتمكينها من القيام بمهامها الوطنية الملقاة على عاتقهما.

وأعربوا عن استعدادهم لتقديم أي مساعدة لجهود الرئيس اللبناني ميشيل سليمان لاستكمال المصالحة الوطنية وتفعيل علاقات لبنان الخارجية، وذلك بالتعاون مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدكتور فؤاد السنيورة، مرحبين بقرار سورية ولبنان إقامة علاقات دبلوماسية بينهما على مستوى السفراء وبافتتاح السفارتين في كل من بيروت ودمشق، كما رحبوا باستكمال الخطوات بين البلدين في المرحلة المقبلة بهدف وضع العلاقات بينهما على المسار الذي يحقق مصالح البلدين الشقيقين.

وحول جهود المصالحة، أكد القادة العرب أهمية العمل على بلورة رؤية استراتيجية موحدة للتعامل مع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها من التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي.

وشددوا على أهمية انتهاج أسلوب الحوار والتشاور في حل الخلافات العربية والابتعاد عن إثارة الفتن ولغة التهجم والتوتر والتصعيد على كل الساحات ونبذ القطيعة والخصام.

ودعوا إلى ضرورة الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية وتنفيذ القرارات الصادرة عنها مؤكدين على ضرورة التوجه الجاد والمخلص لتنفيذ وثيقة العهد والوفاق والتضامن التي سبق التعهد بها في تونس باعتبارها الأرضية الأساسية لتنقية الأجواء ودعم العلاقات العربية البينية وتحقيق التضامن العربي والحفاظ على المصالح القومية العليا.

وأشار القادة إلى أن الأمة العربية تتطلع إلى أن تشكل قمة الدوحة نقطة تحول إيجابي لتعزيز مسيرة المصالحة وإيصال الجهود المبذولة في هذا الشأن إلى غايتها المنشودة، مؤكدين عزمهم وتصميمهم على المضي قدما في هذه المسيرة بما يحقق تطلعات وآمال الشعوب العربية والمصالح القومية.

وحول استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، وافق القادة على وضع استراتيجية عربية للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حتى عام 2030، مطالبين الجهات المختصة بالدول العربية والهيئة العربية للطاقة الذرية بوضع خطط وبرامج تفصيلية لتنفيذ ما ورد بها.

ووافق القادة على عقد مؤتمر عربي على مستوى كبار المسؤولين بوزارات الخارجية لمناقشة مختلف القضايا المطروحة على مؤتمر 2010 لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ولتحديد مواقف وسياسات عربية مشتركة من مجمل هذه القضايا، خاصة ما يتعلق منها بالشرق الأوسط، ورفع توصيات محددة للقمة العربية القادمة في 2010. وأعرب القادة عن قلقهم من عدم تحقيق معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية الأهداف التي كانت متوخاة من الانضمام إليها حتى الآن، خاصة ما يتصل منها بمتطلبات الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط في ضوء عدم تحقيق عالمية المعاهدة، واستمرار رفض إسرائيل الانضمام إليها، مطالبين بوقف مشروعات التعاون الفني القائمة بين الوكالة الدولية للطاقة النووية وإسرائيل إلى حين انضمامها إلى معاهدة منع الانتشار النووي كدولة غير نووية، وإخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة.

وحول تطورات الوضع في العراق، أكد القادة على أهمية دعم جهود الحكومة العراقية في إعادة بناء مؤسساتها الأمنية على أسس وطنية ومهنية استعدادا لتهيئة الظروف لاستكمال استلام الملف الأمني لعموم العراق، حيث تسلمت الملف الأمني لـ11 محافظة حتى الآن، مع ضرورة رفع حجم المشاركة العربية الفعالة في تلك الجهود من خلال تدريب قوات الجيش والشرطة العراقية والمساهمة الفعالة في تأهيل الكوادر البشرية العراقية في مختلف المجالات.

كما أكدوا على ضرورة احترام الحدود الدولية العراقية وعدم انتهاك السيادة الوطنية والالتزام بالقوانين الدولية واللجوء إلى الحلول الدبلوماسية عبر الحوار المباشر والالتزام بالعمل المشترك ضد جميع الأعمال الإرهابية التي تمس أمن واستقرار العراق وتركيا ومصالحهما المشتركة وأمن المنطقة، مشيرين إلى أهمية قيام دول الجوار بدور فاعل لمساعدته في تعزيز الأمن والاستقرار وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ودعم جهود المصالحة والوفاق الوطني العراقي والتعاون بين الأجهزة الأمنية لضبط الحدود ومنع المتسللين من عبور الحدود المشتركة مع العراق. وحول دعم الصومال، رحب القادة بتوجهات رئيس الصومال والحكومة الصومالية الجديدة بتفعيل المصالحة الوطنية مع جميع مكونات المجتمع الصومالي في الداخل والخارج انطلاقا من اتفاق جيبوتي والاتفاقات الأخرى ذات الصلة، وحثوا جميع الأطراف الصومالية بمختلف توجهاتها على دعم هذه الاتفاقات وجميع برامج المصالحة الوطنية.

ودعوا جميع الدول الأعضاء إلى تقديم سبل الدعم المالي واللوجيستي العاجل والفوري إلى الحكومة الصومالية الجديدة لتمكينها من إقامة وإدارة مؤسسات فاعلة للدولة وتنفيذ برامجها في الأمن والاستقرار والمصالحة وتقديم الخدمات العامة للشعب الصومالي.

ورحبوا بالمشاركة الفاعلة لكل من الإمارات العربية المتحدة وجيبوتي والسعودية والصومال وسلطنة عمان ومصر واليمن والأمانة العامة للجامعة في مجموعة الاتصال الدولية المعنية بمواجهة القرصنة والسطو المسلح قبالة السواحل الصومالية، مشيرين إلى ضرورة التنسيق مع المنظمات البحرية الدولية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في ضوء الاتفاقيات الدولية والإقليمية والقواعد المنظمة لأعمال مكافحة القرصنة. وأكد القادة رفضهم العقوبات الأميركية المفروضة على سورية وما يسمي قانون «محاسبة سورية» باعتباره تجاوزا للقانون الدولي وتغليبا للقوانين الأميركية على القوانين الدولية، مطالبين الإدارة الأميركية الجديدة بإعادة النظر في هذا القانون وإلغائه، وأكدوا أن قيام الإدارة الأميركية الجديدة بإلغاء هذا القانون يمثل بادرة إيجابية وانتهاجا لسياسة تخلو من المعايير المزدوجة. كما أكدوا رفضهم الحصار الأميركي الجائر على سورية بخصوص شراء أو استئجار الطائرات، وأكدوا حق سورية والسودان في تطوير أسطولهما الجوي.

وحول الأمن القومي العربي، كلف القادة أجهزة العمل العربي المشترك، كلا في مجال اختصاصه، بمتابعة العمل ووضع الخطط والبرامج التنفيذية في مجال الأمن القومي العربي في ضوء المقترحات والتوصيات المقدمة من قبل مجموعة العمل مفتوحة العضوية على مستوى الخبراء ومن خلال الآليات والأجهزة المنصوص عليها في ميثاق الجامعة العربية ومعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي والنظام الأساسي لمجلس السلم والأمن العربي. كما كلفوا مجلس الجامعة على المستوى الوزاري بدراسة المقترحات المقدمة من الأمين العام بشأن تعزيز وتطوير مجلس السلم والأمن العربي.