أوباما يطلق استراتيجية لحل مشاكل السودان: تنشيط اتفاق الجنوب.. ومفاوضات برعاية أميركية لدارفور

قال لأعضاء بالكونغرس إن أميركا ستتحدث بصوت واحد.. ولمح إلى التعامل مع السودان.. ولم يتطرق لـ«الجنائية»

TT

حدد الرئيس الأميركي باراك أوباما استراتيجيته للتعامل مع الوضع في السودان، وقال إن تطبيق هذه الاستراتيجية سيكون عملا شاقاً وسيستغرق وقتاً، مؤكداً أنه لا يتوقع حلا بين عشية وضحاها لمشاكل مزمنة. ولم يتحدث أوباما عن عقوبات أو ضغوطات على الحكومة السودانية، وحرص على أن يعلن استراتيجيته الجديدة لدى استقباله مبعوثه الشخصي إلى السودان الجنرال المتقاعد سكوت غراشن، وبحضور أعضاء في الكونغرس من الحزبين لهم اهتمام بالوضع في السودان.

ولم يتطرق أوباما في كلمته نهائياً لموضوع المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت أمراً بإلقاء القبض على الرئيس السوداني عمر البشير، كما ألمح إلى أنه سيتعامل مع «حكومة الخرطوم» لإيجاد حلول لمشاكل السودان. وترتكز استراتيجية أوباما التي أعلن عنها الليلة قبل الماضية على ثلاثة محاور، وهي عودة المنظمات الإنسانية إلى السودان، و«تنشيط» اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب، والبحث عن آلية لإجراء مفاوضات بين الحركات المسلحة في دارفور، وحكومة الخرطوم، برعاية أميركية، تؤدي إلى استتباب الوضع بكيفية نهائية في الإقليم المضطرب.

وفي التفاصيل قال أوباما حول عودة المنظمات الإنسانية إلى دارفور والتي اعتبر أنها النقطة الأولى في استراتيجيته «لدينا أزمة راهنة بسبب طرد حكومة الخرطوم المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدات للنازحين داخل السودان، ويجب علينا البحث عن حلول لعودة هذه المنظمات إلى حيث كانت، والعودة عن هذا القرار وإيجاد آلية لتفادي أزمة إنسانية شنيعة».

وبشأن النقطتين الثانية والثالثة، قال أوباما «أثناء تعاملنا مع هذه الأزمة (الإنسانية) يجب أن لا يغيب عن بالنا النزاعات المستمرة في السودان والتي أدت إلى نزوح هؤلاء النازحين، لذلك فإن مهمة الجنرال غراشن تكمن في معرفة إمكانية تنشيط الاتفاقية بين الشمال والجنوب (نيفاشا) والتأكد من تطبيقها بطريقة فعالة، وفي الوقت نفسه البحث عن آلية لإجراء محادثات بين الثوار (الحركات المسلحة) وحكومة الخرطوم تؤدي إلى استتباب الوضع في دارفور».

وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها واشنطن عن عزمها ترتيب محادثات حول دارفور تحت إشرافها، دون إشارة إلى المحادثات التي جرت في الدوحة أو في عواصم أفريقية. وكانت الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، حضرت محادثات نيفاشا (كينيا) والتي أدت إلى اتفاق الشمال والجنوب ومفاوضات أبوجا (نيجيريا) التي أسفرت عن توقيع اتفاقية «سلام دارفور» لكنها كانت ضمن دول غربية أخرى، بيد أن أوباما لم يتحدث عن مشاركة «المجتمع الدولي أو أطراف أخرى» في المحادثات التي يأمل أن يرتبها مبعوثه الشخصي إلى السودان بين الحكومة السودانية وحركات دارفور. وقال أوباما في إشارة غير مباشرة للمحادثات التي سبق أن جرت بين أطراف النزاع «أنتم تعرفون بوجود أزمة إنسانية مستمرة نجمت عن التهجير والإبادة الجماعية، وكانت هناك مفاوضات جدية لحل هذه الأزمة في السودان، لكن الأزمة لم تحل والآن تزداد سوءا». وقال أوباما إن مهمة مبعوثه في السودان ستكون شاقة، لكنه أشار إلى أن الوضع في دارفور يستأثر باهتمام كثيرين حول العالم وقال «شاهدنا تعبئة استثنائية وسط المدافعين (عن دارفور) وبعض منهم يجلسون حول هذه الطاولة (إشارة إلى أعضاء الكونغرس) ولدينا اهتمام من طرف الحزبين بشأن هذه المسألة، واعتقد أن أميركا ستتحدث بصوت واحد معتمدة على الجانب الأخلاقي للتعامل مع هذا الوضع».

ونوه أوباما بمبعوثه الشخصي، وقال إنه أحد أبرز مستشاريه للأمن القومي، وأشار أيضاً إلى أنه يحظى بثقته الشخصية الكاملة، وأوضح أنه يعرفه منذ فترة طويلة، وقال إنهما سافرا معاً إلى أفريقيا، وكان معه خلال الحملة الانتخابية، وأضاف يقول عن الجنرال سكوت غراشن «لا يمكنني أن أفكر في شخص أفضل منه ويتمتع بخبراته للتوجه إلى أفريقيا وهي القارة التي تربى فيها وأن يحقق في السودان عدة أشياء مهمة». وقال أوباما إن غراشن سيتحدث باسم الإدارة الأميركية، وبعد زيارته للسودان سيقدم له تقريراً شخصيا حول ما يجده هناك والخطوات الضرورية التي يجب أن تتخذ للتعامل مع الوضع هناك.

وعلى صعيد ذي صلة علمت «الشرق الأوسط» أن وفدا برئاسة باقان أوموم أمين عام الحركة الشعبية، الشريك الثاني في حكومة الوحدة الوطنية في السودان والحاكمة في الجنوب، ويضم في عضويته دينق ألور وزير الخارجية التقى أمس في واشنطن سكوت غراشن، ولم تتسرب تفاصيل حول ما جرى خلال هذا اللقاء.

وفي الخرطوم، قال القائم بالأعمال للسفارة الأميركية السفير البرتو فرنانديز إن الحوار بين الإدارة الأميركية والحكومة السودانية مستمر، وإن إدارته تبحث مع الخرطوم عن الطرق المناسبة لدراسة المشاكل والعقبات والتحديات المشتركة لتقوية الحوار من أجل تسوية القضايا العالقة التي تعطل تطبيع العلاقات بين البلدين. ورأى أن الفترة المقبلة تحتاج إلى «إبداع دبلوماسي». وقال فرنانديز إن طرد 13 منظمة أجنبية من دارفور خلق «مشكلة كبيرة» وفاقم الأزمة الإنسانية في الإقليم، وطالب بعودة تلك المنظمات، وأفاد بأنه يناقش مع المسؤولين إيجاد بدائل و«خطوات براغماتية فعالة»، وأضاف أن بعضها ظل يعمل في السودان لأكثر من 50 عاما. وقال الدبلوماسي الأميركي الذي عاد من دارفور قبل أيام إن التقرير المشترك بين الأمم المتحدة والحكومة السودانية عن الأوضاع الإنسانية في دارفور عقب طرد المنظمات الأجنبية كشف عن مشاكل عدة وصفها بـ«الكبيرة» خاصة فيما يتعلق بتوفير المياه والنظافة والخدمات على المديين المتوسط الطويل، وحذر من أن نقص وكلاء توزيع الغذاء خاصة بعد نهاية مايو (أيار) المقبل، واعتبره من المشاكل «المخيفة»، وطالب بتحسين الوضع الإنساني في الإقليم. وقال إن الإدارة الأميركية أبدت مرونة تجاه قضية طرد المنظمات الأجنبية والوضع الإنساني في دارفور، وطالب الحكومة «بمقابلة ذلك بمرونة أكبر».