رحلة القذافي مع الألقاب بدأت مبكراً بعد توليه السلطة

القائمة تشمل الأخ والعقيد والقائد وملك ملوك أفريقيا.. وأضاف لها أخيراً «إمام المسلمين»

TT

عندما ستلتئم القمة العربية خلال العام المقبل في ليبيا، فإن رئاستها ستنتقل من قطر الرئيس الحالي للقمة إلى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ليحمل لقب رئيس القمة العربية، وهو لقب جديد سيضاف إلى عدة ألقاب محلية وعربية وإقليمية ودولية يحملها القذافي في آن واحد على نحو مذهل وغير مسبوق لأي رئيس دولة أخرى في العالم.

وإلى جانب لقبه العسكري المفضل العقيد وهو رتبة عسكرية توقف عندها القذافي بعد وصوله إلى السلطة والإطاحة بنظام حكم ملك ليبيا الراحل إدريس السنوسي، فإن العقيد الذي سيحتفل في سبتمبر (أيلول) المقبل بالذكرى الأربعين لتوليه حكم ليبيا، يحمل لقب الأخ قائد الثورة، وهو لقب رافقه منذ الشهور الأولى للثورة الليبية.

لا يفضل القذافي مناداته بلقب الرئيس، لكنه لا يمانع تلقيبه بالزعيم، ذلك أنه رسميا لا يشغل أي منصب رسمي في الدولة الليبية، على الرغم من أن العالم كله يتعامل معه باعتباره الرئيس الفعلي والرسمي لبلاده.

وكان القذافي قد استقال في الأول من شهر مارس (آذار) 1979 من جميع مناصبه الرسمية، وتفرغ لقيادة الثورة لا السلطة التي هي في الأصل رئاسة الدولة.

وبحكم كونه أطول رئيس عربي بقاءً في السلطة بسنواته الأربعين، منح القذافي لنفسه لقب عميد الحكام العرب على غرار اللقب الدارج لبعض السفراء في الدول التي يمكثون فيها فترات أطول من نظرائهم الآخرين.

وصك القذافي هذا التعبير للمرة الأولى في اجتماعات القمة العربية، وكرّره لاحقا في خطاباته الجماهيرية داخل ليبيا وخارجها، وفي بعض اللقاءات الإعلامية والصحافية التي أجراها مؤخرا، من دون أن يعترض أي زعيم عربي أو يتوقف أحد للتساؤل حول مغزى اللقب ومعناه ودلالته.

لكن رحلة العقيد القذافي مع الألقاب بدأت مبكرا، وربما بالتزامن مع شهوره الأولى في السلطة، عندما منحه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لقب أمين القومية العربية.

وقبل حصوله على لقب رئيس الاتحاد الأفريقي لمدة عام واحد فقط، خلفا للتنزاني جاكايا كيكويتي وبقرار من رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي خلال اجتماعهم في 2 فبراير (شباط) من العام الماضي، في أديس أبابا، توّجه سلاطين وأمراء وشيوخ وعُمد أفريقيا ملكاً عليهم وبايعوه باعتباره «ملك ملوك أفريقيا». وطالب ملوك وسلاطين وأمراء وشيوخ وعُمد أفريقيا اعتبارا من شهر أغسطس (آب) الماضي أن يحمل القذافي هذا اللقب، تعبيرا عن تأييدهم لمشروعه الطموح بإنشاء كيان أفريقي موحد على غرار الولايات المتحدة الأميركية.

وكما كان القذافي الأوفر حظاً في انتخابات في رئاسة الاتحاد الأفريقي التي عادت إلى شمال أفريقيا بعد شرق أفريقيا، باعتباره الرئيس الوحيد من تلك المنطقة الذي شارك في القمة الأفريقية، فإن منحه لقب شاهنشاه أفريقيا وهو لقب شبيه باللقب الذي حمله شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي قبل سقوطه من السلطة، كان متوقعا بالنظر إلى علاقات القذافي القوية بالفعاليات القبلية والاجتماعية في القارة السمراء.

وفي احتفال حاشد أقيم بمدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية، قام رئيس مجلس ملوك ساحل العاج الملك «شيفينه جان جرفيه» ورئيس مجلس ملوك غانا الملك «أودينو جابونغ أبابيو» بتتويج القذافي بتاج ملك ملوك أفريقيا وتسليمه الصولجان.

وفتح حصول القذافي على لقب رئيس الاتحاد الأفريقي الطريق أمامه ليتلقى دعوة مهمة من رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني للمشاركة في قمة مجموعة دول الثماني الصناعية الكبرى التي ستعقد في ايطاليا في يوليو (تموز) المقبل، حيث يتوقع أن يلتقي للمرة الأولى مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في القمة، فيما سيصبح أول لقاء بين الزعيم الليبي ورئيس أميركي.

وخلال اجتماع عقده شيوخ وسلاطين الطوارق في مدينة اغاديس بشمال النيجر، بمناسبة الخطاب الذي ألقاه القذافي هناك مطلع شهر ابريل (نيسان) 2007، تقرر إعلان القذافي زعيما عليهم ومنحه لقب أمغار أو قائد الطوارق بلغتهم المحلية.

يحمل القذافي أيضا لقب رئيس تجمع دول الساحل والصحراء الذي تأسس في 4 فبراير (شباط ) 1998 بالعاصمة الليبية طرابلس في أعقاب اجتماع القمة الذي عقد بمبادرة من القذافي نفسه، وحضره قادة دول مالي وتشاد والنيجر والسودان وممثل عن رئيس منظمة الفاو.

والى جانب كل هذا، فالقذافي قائد ما يسمى بالقيادة الشعبية الإسلامية، وهي منظمة تتخذ من ليبيا مقرا لها وتضم مختلف المنظمات والأحزاب والفعاليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم.

وخلال مداخلته في أشغال القمة العربية التي عقدت في الدوحة أول من أمس، أشار القذافي إلى نفسه بغالبية الألقاب التي يحملها، وأضاف إليها لقب «إمام المسلمين». وقال القذافي في قمة الدوحة: «أنا قائد أممي وعميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا وإمام المسلمين».

ومن بين المناصب التي يتقلدها يثير وجود القذافي على رأس الاتحاد الأفريقي خصوصاً، شيئاً من الجدل في القارة السمراء. فبعض نظرائه لم ينظروا بعين الرضا إلى انتخابه في فبراير (شباط) الماضي. واتسعت الهوة بين الاتحاد الأفريقي والقذافي منذ وساطته مطلع مارس (آذار) في موريتانيا. فقد عبر عمليا عن تأييده لانقلاب السادس من أغسطس (آب) 2008م، ودعا إلى إقفال ملف العقوبات التي فرضها الاتحاد الأفريقي على الفريق العسكري الحاكم في الخامس من فبراير(شباط). تولى القذافي الحكم في ليبيا عام 1969، وفي عام 1977، تم حل مجلس قيادة الثورة، وتم حينها تعيين القذافي أميناً عاماً لمؤتمر الشعب العام، وأعلن عن دخول ليبيا عصراً جديداً هو عصر الجماهيرية، أي أن الجماهير هي التي يجب أن تمارس وتراقب السلطة من خلال لجانها الشعبية والثورية. وتمشياً مع هذه المرحلة أعلن القذافي تغيير اسم الجمهورية العربية الليبية، وأعلن قيام (الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية). ثم عقب مواجهته مع الولايات المتحدة حوّل الاسم إلى الجماهيرية العظمى.