إجراءات أمنية غير مسبوقة في لندن.. وتطويق البنك المركزي بعد مخاوف من تفجيره

شعار أوباما الانتخابي يستخدم ضده في العاصمة البريطانية.. والمتظاهرون يكثفون نشاطهم عشية القمة

ضابط شرطة بريطاني يتابع شاشات التلفزيون في مركز قيادة شرطة «المتربوليتان» في لندن. وتشهد لندن مظاهرات غاضبة قبل قمة العشرين (ا.ف.ب)
TT

أصبح شعار «نعم نستطيع» من أكثر الشعارات شهرة في العالم، بعد أن أوصل هذا الشعار الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى البيت الأبيض. وبينما استخدم مناصرو اليسار شعار «نعم نستطيع» لهزم الجمهوريين في الولايات المتحدة والتنديد بالرئيس الأميركي السابق جورج بوش، يعتمد اليساريون اليوم الشعار ذاته للاحتجاج على أوباما. فشعار «نعم نستطيع» يتصدر الشعارات التي يطلقها المتظاهرون الذين يكثفون حملاتهم اليوم، ضد قمة العشرين. ومن المتوقع انطلاق تظاهرات عدة في مركز لندن المالي وأمام مقر قمة العشرين شرقي العاصمة في مقر المعارض «اكسيل» وأخرى أمام السفارة الأميركية، من قبل مجموعات يسارية مختلفة رافضة للعولمة ومنتقدة لقمة العشرين. وشهدت العاصمة البريطانية إجراءات أمنية مشددة لم تشهد مثيلا لها، مع قطع الشوارع الرئيسية لفترات مختلفة بالإضافة إلى إلغاء جميع الإجازات الخاصة بالشرطة كي ينتشر الآلاف منهم في شوارع العاصمة البريطانية. وشددت الشرطة الإجراءات الأمنية حول مقر «اكسيل»، حيث تعقد القمة أمس، وقطعت الشوارع منذ يوم أمس وحتى الحادية عشر مساء من ليل الخميس، على الرغم من أن القمة تنهي أعمالها في الساعة الرابعة عصرا من اليوم نفسه. وتم تعطيل قطار «دوكلاندز لايت ريلواي» الذي يوصل مجمع «اكسيل» بالعاصمة البريطانية، ولم يشغل حتى بعد يوم من انتهاء القمة. وطلب من المطاعم المحيطة بالمعرض أن تغلق أبوابها حتى يوم الجمعة الماضي، بينما سيكون على سكان منطقة «دوكلاندز» حيث يقع المجمع، حمل بطاقتين رسميتين لإثبات الهوية في كافة الأوقات من أجل الدخول إلى مناطق سكنهم. كما أنه سيكون على كل الصحافيين والمشاركين في القمة حمل الهويتين من أجل التمكن من دخول الموقع. واستخدمت الشرطة العشرات من الكلاب البوليسية لتفتيش المناطق المجاورة لـ«اكسيل» من أجل التأكد من عدم وجود أية متفجرات بالقرب من الموقع. وتغيرت ملامح الكثير من المناطق في لندن خلال اليومين الماضيين، إذ وضعت لوائح خشبية على تماثيل خشية استهداف المتظاهرين لها، كما وضعت اللوائح على واجهات فنادق فخمة مثل «الريتز» ومتاجر مثل «هارودز» خوفاً من كسر زجاجها. وأصدرت المجالس المحلية أوامر لتنظيف الشوارع البريطانية من الحجر والركام في مواقع ترميم الشوارع، خوفا من أن يستخدمها المتظاهرون لرمي الحجارة على الشرطة. ويركز المتظاهرون على قضيتين اليوم، الأولى المعارضة للنظام الرأسمالي، والثانية المعارضة للسياسة الخارجية الأميركية. وتحمل التظاهرة في وسط المركز المالي البريطانية عنوان «يوم الساذجين المصرفيين»، إذ يصادف يوم 1 أبريل (نيسان) المعروف بالإنجليزية بيوم «الساذجين»، أي يوم «كذبة نيسان». وبينما يشدد أحد المنظمين للتظاهرات مارك باريت على أن «الهدف هو توصيل رسالة وعدم إيذاء أحد بشكل مباشر»، إلا أن جهات متطرفة أرسلت منشورات وكتبت على مواقع إلكترونية أنه يجب «استهداف المصرفيين». وقد دعت مصارف بريطانية موظفيها إلى ارتداء الملابس البسيطة بدلا من البدل، كي لا يستهدفهم المتظاهرون. كما أن عددا من فروع المصارف البريطانية قررت غلق أبوابها خلال اليومين المقبلين، بينما فروع أخرى قالت إنها وجهت موظفيها لاتخاذ قرار الذهاب إلى العمل بناء على التطورات الأمنية. وتعهد المتظاهرون بـ«السيطرة على المركز المالي» ابتداءً من الثانية عشر بعد الظهر. وحاولت الشرطة تهدئة مخاوف العاملين في مركز المدينة، مصدرة بيانا جاء فيه: «الشرطة لديها خبرة جيدة في حماية الأحداث والتظاهرات وتتعامل مع 4500 تظاهرة سنويا». وأضافت: «الشرطة ملتزمة وتساعد دائما التظاهر الشرعي». وعلى الرغم من أن هناك مخاوف من اندلاع أعمال عنف في المركز المالي من مجموعات مناهضة للرأسمالية، فإن هناك مخاوف من حوادث أمنية متعلقة بالإرهاب أيضا. وعاش المركز المالي في لندن ساعات من الخوف أمس بعد تطويق الشرطة للبنك المركزي البريطاني تحسبا من تفجير بسبب بلاغ خاطئ بوجود قنبلة قرب مقر البنك المركزي. وأفادت الشرطة أمس أن جسما مشبوها وجد بالقرب من البنك مما أثار مخاوف أمنية، إلا أن ناطقة باسم الشرطة أعلنت لاحقا: «انتهى الأمر». وأزيلت الحواجز التي وضعت حول المبنى ولكن من المتوقع انتشار الشرطة مجددا حول المبنى مع انطلاق تظاهرة اليوم. وستكون التظاهرة الكبرى الأخرى أمام السفارة الأميركية في لندن اليوم وتنطلق في الثانية ظهرا. وقال مصدر في السفارة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن السفارة لم تصدر تعليمات خاصة لدبلوماسييها وموظفيها تحسبا للمظاهرات، مضيفا: «لقد اعتدنا على التظاهرات، هناك واحدة شبه أسبوعية». إلا أن منظمي التظاهرة، وهم «ائتلاف أوقفوا الحرب»، المعارضين للوجود الأميركي في العراق وأفغانستان، توعدوا بأن تكون تظاهرة اليوم هي الأكبر أمام السفارة. وقالت المنظمة في بيان أمس إن أهدافها هي «إخراج الجنود من أفغانستان والعراق وإنهاء حصار عزة وتحرير فلسطين»، بالإضافة إلى المطالبة بـ«خلق فرص العمل بدلا من القنابل والتخلص من كل الأسلحة النووية» و«وقف بيع الأسلحة لإسرائيل». وحول استخدام شعار «نعم نستطيع» قال باريت لـ«الشرق الأوسط»: «بالطبع نحن نسخر من الوضع بأخذ هذا الشعار». وأضاف: «لكننا في الوقت نفسه نؤمن بأننا نستطيع أن ننجح».

وكانت الإجراءات الأمنية شديدة إلى درجة أن الكثير من أعضاء سفارات الدول المشاركة في القمة إما رفضوا الإعلان عن برامج القادة الزائرين، أو أكدوا عدم معرفتهم حتى يوم أمس بالجداول الموضوعة للقادة.