حركة دبلوماسية مكثفة على هامش قمة العشرين في العاصمة البريطانية

بين إعادة إطلاق العلاقات الروسية ـ الأميركية وطموح البرازيل الرياضي

غوردون براون رئيس وزراء بريطانيا يرحب بممثلي نقابات العمال في الدول المشاركة بقمة العشرين خلال لقاء في مقر رئاسة الوزراء بلندن أمس (أ.ب)
TT

على الرغم من أن الأزمة الاقتصادية هي القضية الأولى التي تجمع بين قادة كل من السعودية والولايات المتحدة والبرازيل والصين وغيرهم من قادة 22 دولة، يجتمعون في لندن اليوم، فإن هناك قضايا سياسية عدة على جدول أعمالهم في اجتماعات هامشية تجعل اليوم من أكثر الأيام ازدحاما على الرزنامة السياسية العالمية.

وعلى الرغم من وجود 22 قائدا وازدحام جدول الأعمال خلال اليومين المقبلين، تلف السرية برامج غالبية الوفود لدواعٍ أمنية. ولفتت ناطقة من مكتب رئاسة الحكومة البريطانية إلى أن «هذه الجداول تتغير بشكل مستمر حتى الساعة الأخيرة بسبب ازدحامها».

وستكون الأضواء مسلطة على الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي يقوم بجولته الخارجية الأولى منذ توليه الرئاسة بداية العام، باستثناء زيارة سريعة إلى كندا. ويلتقي أوباما رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون صباح اليوم، قبل التوجه للقاء الملكة إليزابيث الثانية.

ومن الملفت أن المؤتمر الصحافي المزمع عقده بين براون وأوباما هو الوحيد المعلن عنه مسبقا، ويعول عليه رئيس الوزراء البريطاني للحصول على تأييد من الرئيس الأميركي لخططه الاقتصادية. كما أن براون يأمل في أن شعبية أوباما قد تساعده في رفع شعبيته المتراجعة في لندن، خصوصا أن استطلاعا للرأي نشرته صحيفة «ذا إندبنتدنت» في لندن أمس أظهرت أن براون يعاني من عدم الشعبية، إذ حصل على تأييد 28 في المائة فقط من البريطانيين، مقابل 40 في المائة لزعيم المعارضة رئيس حزب المحافظين ديفيد كاميرون. ومن المتوقع أن يسعى كاميرون إلى التقرب من أوباما عند لقائهما عصر اليوم. وأكدت السفارة الأميركية في لندن لـ«الشرق الأوسط» أن أوباما سيعقد خمسة لقاءات ثنائية في أثناء وجوده في لندن، فبالإضافة إلى براون يلتقي مع الرئيس الروسي دميتري مدفيديف، والرئيس الصيني هو جين تاو في لقاءات ثنائية اليوم. ويلتقي أوباما غدا مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس الجنوب إفريقي كجاليما موتلانتي، ورئيس وزراء الصين مانموهان سينغ.

وسيكون لقاء أوباما مع القادة الأول منذ توليه الرئاسة، وتعتبر فرصة ليتعرف العالم على سياساته بشكل مباشر. ومن المتوقع أن تكون قضايا الشرق الأوسط على رأس جدول أعمال أوباما عند لقائه العاهل السعودي، بينما كانت واشنطن قد أعلنت سابقا أن لقاء أوباما بمدفيديف سيكون ضمن جهود «إعادة إطلاق» العلاقات بين البلدين. وكان مدفيديف قد قال في لقاء صحافي مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» إنه متحمس للقاء أوباما، مضيفا: «أشعر بأنني أعرفه من كثر ظهوره على التلفزيون».

ولن تكون واشنطن الوحيدة التي تبحث علاقاتها الثنائية مع روسيا، إذ سيلتقي رئيس الوزراء البريطاني مع مدفيديف اليوم في أول لقاء رفيع المستوى للبلدين منذ توتر العلاقات بينهما على إثر مقتل العميل الروسي السابق في لندن أليكساندر ليتفنينكو في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2006. وامتنع مكتب براون عن الخوض في تفاصيل لقاء الرجلين، إلا أن ناطقة باسمه قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الاقتصاد هو أساس أجندة أعمال رئيس الوزراء»، وأضافت: «نحن نتطلع إلى التقدم في مجالات عدة في اللقاءات بين البلدين».

وسيكون على المضيفين البريطانيين مراعاة مسألة حساسة على شكل أخص مع الأرجنتين، إذ يصادف موعد عقد القمة التي تحضرها رئيسة الأرجنتين كرستينا فيرنانديز مع تاريخ بدء حرب جزيرة الفولكلاندز بين الأرجنتين وبريطانيا. وأثيرت هذه القضية عند لقاء براون بفرنانديز في التشيلي وطلب الطرف الأرجنتيني عقد لقاء ثنائي بين الطرفين لبحث مسألة الجزيرة الخاضعة للسلطة البريطانية، والتي تطالب بها الأرجنتين. إلا أن مكتب براون أكد عدم عقد مثل هذا اللقاء.

ومن جهة أخرى يعلق رئيس وزراء بريطانيا الكثير من الآمال على عقد القمة من أجل تحسين حظوظه السياسية. وبينما يسعى براون إلى إقناع القادة المجتمعين بأن الحلول التي يطرحها على القمة هي الأفضل للخروج من الركود، يواجه صعوبة في إقناع شعبه بسياساته. وأظهر استطلاع الرأي أن 58 في المائة من البريطانيين يعتبرون أن براون يفتقر إلى السياسة الصائبة لإخراج بلاده من الركود. والضربة الأقوى لبراون هي أن 72 في المائة من شعبه يعتقدون أن على رئيس وزرائهم التوصل إلى «حل داخلي» للأزمة الاقتصادية بدلا من الحديث عن حل دولي. وكان براون قد صرح مرة تلو الأخرى بأن «هذه أزمة دولية تحتاج إلى حل دولي»، إلا أنه يبدو أنه فشل في إقناع شعبه بذلك.

وهناك دول أخرى لديها اهتمامات داخلية وطنية مختلفة، تسعى أن تكون قمة العشرين جزءا من دعمها. فتعول البرازيل الكثير على زيارة الرئيس لويز إناسيو لولا دا سيلفا إلى لندن، لأسباب مختلفة عن السياسة الخارجية التقليدية. فبينما كان دا سيلفا قد التقى براون في زيارة الأخير إلى البرازيل الأسبوع الماضي، لم تكن هناك لقاءات ثنائية مهمة بين الطرفين، إلا أن ناطقا باسم سفارة البرازيل في لندن أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن دا سيلفا سيبحث استعدادات بريطانيا لاستضافة الألعاب الأولمبية لعام 2012. وأضاف الناطق أن دا سيلفا سيدفع باتجاه دعم ترشيح بلاده لاستضافة الألعاب الأولمبية لعام 2016.