دعوات إلى تغيير التمثيل في صندوق النقد ليعكس الوزن الاقتصادي الحقيقي

مجموعة الدول العشرين تقدم دورا جديدا للاقتصادات الناشئة

رجل يمر أمام مبنى جرى تغطية نوافذه بالألواح الخشبية في حي المال والأعمال في قلب العاصمة البريطانية لندن، استعدادا لقمة العشرين (أ.ب)
TT

في قمة العشرين التي تعقد خلال الأسبوع الحالي في العاصمة البريطانية لندن بين زعماء العالم، سيكون الفائز الكبير هو العالم النامي، حيث تقدم الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، إلى الصين والهند والبرازيل ودول أخرى ناشئة، نفوذا كبيرا غير مسبوق في القرارات المالية العالمية.

وفي الاجتماع الذي سيعقد غدا الخميس بين مجموعة الدول العشرين الصناعية والنامية، من المتوقع أن يؤيد رؤساء الدول، ومن بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، إضافة 10 دولة نامية إلى مجلس اقتصادي مهم في سويسرا، كان يعتبر منتدى للدول الغنية. ووفقا لما ذكرته مصادر دبلوماسية، سوف يمنحهم هذا المجلس منبرا للمساعدة على تنقيح المعايير المالية العالمية، والمشاركة في الإشراف على أكبر 25 مصرفا في العالم. ويدخل العديد من الدول النامية الكبرى - وأبرزها الصين - في مفاوضات المرحلة الأخيرة للفوز بالسلطة الجديدة لاتخاذ القرارات في صندوق النقد الدولي الذي يقع مقره في واشنطن، ولطالما اشتكت الدول النامية من أنه يملي عليها الأوامر، بدلا من الإصغاء إليها.

ويمثل الدور الجديد الذي سوف تلعبه الدول النامية تغييرا في النظام الاقتصادي العالمي، عملت على تسريعه تلك الأزمة المالية الأخيرة. ويلقي قادة هذه الدول باللوم لانهيار المؤسسات المالية على سوء إدارة وتنظيم الغرب، مما سلب من الدول الغنية السلطة الأخلاقية لإعادة بناء المعايير المالية بأنفسها، على حد قولهم.

وقد صرح رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا للصحافيين في برازيليا خلال الأسبوع الماضي، بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، بقوله «لقد ازدادت قوة هذه الأزمة، وعزز منها السلوك غير العقلاني لبعض الأشخاص من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء. وقبل حدوث الأزمة بدوا وكأنهم يعرفون كل شيء عن الاقتصاد، ولكنهم أظهروا أنهم لا يعرفون شيئا عن الاقتصاد».

ومن المتوقع أن تنتهي قمة لندن، التي تستغرق يوما واحدا، يوم الخميس، حيث سيتفق رؤساء العديد من أكبر الأنظمة الاقتصادية في العالم على لوائح تنظيمية جديدة للمصارف وصناديق التحوط، وعلى زيادة كبيرة في تمويل صندوق النقد الدولي، وتعهد بمكافحة الحمائية.

ولكن تشير النسخ المبكرة من مسودة البيان الختامي، الذي من المتوقع أن يصدره القادة، إلى قلة التفاصيل المحددة نسبيا حول هذه القضايا. ومن المتوقع أيضا أن يتطرق إلى الدعوة الأميركية، التي يعارضها الكثيرون في أوروبا، وإلى تعزيز الإنفاق الحكومي في جميع أنحاء العالم. وقد أشار مسؤولون أميركيون في الأسبوع الماضي إلى أنهم لن يضغطوا على الدول من أجل الالتزام بتحقيق أهداف إنفاق محددة. وبدلا من ذلك، يقول المحللون إنه ربما يدور محور الاتفاق الملموس، الذي سيتم التوصل إليه يوم الخميس، حول المكانة الجديدة التي ستمنح للدول الناشئة.

وتحتاج الولايات المتحدة وبريطانيا إلى الأموال الطائلة لدى دول مثل الصين والسعودية في الوقت الحالي أكثر من ذي قبل، حيث تسعيان إلى مشترين لديونهما التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لتغطية خطط الإنفاق من أجل التحفيز وإنقاذ المصارف في الداخل. وفي استجابة لذلك، تبذل الصين - على وجه التحديد - المزيد من السلطة. وقد دفعت بكين من أجل اتخاذ عملة احتياط عالمية جديدة، بالإضافة إلى الدولار الأميركي، وهو الاقتراح الذي على الرغم من رفض واشنطن له، فإنه سوف ينال اهتماما في لندن خلال هذا الأسبوع.

ويسعى صندوق النقد الدولي، الذي تموله وتسيطر عليه الدول الغنية منذ إنشائه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، إلى تقديم إسهامات جديدة كبيرة من الأنظمة الاقتصادية الناشئة ذات السيولة الكبيرة، في الوقت الذي يتعرض فيه لضغط هائل من أجل إنقاذ عدد متزايد من الدول المتعثرة والفقيرة.

ولكن أوضحت أكبر الدول النامية، التي يشهد اقتصاد الكثير منها نموا، على الرغم من التراجع الاقتصادي العالمي، أنها تريد مقعدا على طاولة صناعة القرار، في مقابل منح المال.

وفي اجتماع وزراء المالية، الذي عقد منذ أسبوعين للتمهيد لانعقاد القمة، أصدرت البرازيل والصين وروسيا والهند بيانها الختامي قائلة إنها تريد أن يكون لها رأي في الشؤون العالمية. وكان هناك أيضا دفع متزايد من أجل زيادة وجود الدول النامية في هيئات أخرى مهمة، مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وجاء في البيان الختامي للدول الأربع «نطالب باتخاذ إجراء عاجل فيما يتعلق بالتمثيل في صندوق النقد الدولي، ليعكس بصورة أفضل الوزن الاقتصادي الحقيقي».

وتقترح الولايات المتحدة الأسبوع الحالي، وفقا لتصريحات مسؤول في الإدارة الأميركية، أن تحصل خمس دول نامية، وهي الصين والبرازيل وروسيا والمكسيك والهند، على المزيد من التأثير على قرارات صندوق النقد الدولي المتعلقة بالإقراض، في مقابل عشرات المليارات من الدولارات في صورة تبرعات جديدة. وتتطلع واشنطن إلى تصديق زعماء العالم على الاقتراح خلال الأسبوع الجاري، وستعلن التفاصيل قبل انعقاد الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي في واشنطن في الأسبوع المقبل. ولكن تتوخى بعض الحكومات الأوروبية الحذر، خوفا من أن تفقد سلطتها في مؤسسة ترأسها تقليديا واحدة منها.

ومن المقرر أيضا أن يصدق زعماء العالم هذا الأسبوع على توسعة منتدى الاستقرار المالي في سويسرا، الذي سيظهر تحت مسمى جديد، وهو مجلس الاستقرار المالي، وبمهمة أكثر توسعا. وتجمع هذه المنظمة في الوقت الحالي بين جهات التنظيم والمصارف المركزية ووزراء المالية في مجموعة من الدول الغنية. وستشمل العضوية الجديدة 10 أسواق ناشئة، من بينها الأرجنتين والبرازيل وجنوب أفريقيا والصين. وستضع المؤسسة، التي كانت في الماضي منتدى يقل اللجوء إليه لتبادل الأفكار، التفاصيل من أجل تعزيز المعايير العالمية في المؤسسات المالية، ومن بينها مقاييس أجور رؤساء الشركات، ومدى الخطورة التي يمكن أن يخوضوا فيها. ولكن يهاجم النقاد دخول عدد كبير للغاية من الدول الناشئة إلى المنتدى دفعة واحدة، لأن من شأن ذلك تعقيد العملية.

ويقول هوارد دافيز، مدير كلية الاقتصاد في لندن «يمكنك أن تفهم الصين، فهي جزء من النظام العالمي حاليا، ويجب أن نصغي إليها. ولكن في الوقت الذي قد يكون لدينا فيه اضطراب شديد، فإن ذلك لا يعني أنه يجب تلقي النصيحة من الأرجنتين».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»