براون يحدد 5 معايير لنجاح قمة العشرين وأوباما يعتبر أن المسؤولية جماعية

حاولا التقليل من شأن الخلافات مع فرنسا وألمانيا وأكدا أهمية التعاون الدولي

رئيس الوزراء البريطاني براون خلال استقباله للرئيس الأميركي أوباما أمس في 10 داوننغ ستريت (أ.ف.ب)
TT

حدد رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون خمسة معايير لتحديد نجاح قمة دول العشرين التي تنطلق في لندن اليوم. وقال براون في مؤتمر صحافي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس: «خمسة اختبارات لقمة العشرين وخمسة اختبارات للعالم، وإذا نجحنا فيها سنخلق إجماعا جديدا للعالم». وأوضح أن هذه الاختبارات ستعتمد على اتفاق القادة المجتمعين في لندن على تنظيم المصارف واتخاذ إجراءات لتنمية الاقتصاد ودعم النمو في أسواق الدول النامية ورفض الحمائية والالتزام بالتعهدات لتقديم المساعدات للفقراء.

ومن جهته، شدد أوباما على ضرورة العمل الجماعي لمواجهة الأزمة الاقتصادية. ورد على سؤال حول تحمل الولايات المتحدة مسؤولية الأزمة الاقتصادية بسبب الإفراط في الديون، قائلا: «نريد التطلع الى الأمام بدلا من الخلف»، ولكنه أضاف: «البعض يلام ولكن الكل يتحمل المسؤولية». وتابع في ختام لقائه براون في مكتبه في مقر الحكومة البريطانية «تترتب علينا مسؤولية تنسيق أعمالنا والتركيز على النقاط المشتركة وليس على الخلافات الثانوية».

وكان المفاوضون عن الدول الـ22 المشاركة في قمة اليوم، وهي الدول الـ20 التقليدية، إضافة إلى إسبانيا وهولندا، يكثفون جهودهم للتوصل إلى مسودة نهائية للبيان الختامي للقمة. ويبدو أنه تم الاتفاق على النقاط التي أثارها براون في المؤتمر الصحافي إذ بدا واثقا من تمريرها. وقال براون إن «الامتحانات» التي تواجه قمة العشرين هي أولا «الاتفاق على مراقبة أكثر صرامة وأكثر شفافية للبنوك وصناديق التحوط وما يعرف بنظام الصيرفة العالمي في الظل»، في إشارة إلى البنوك المستخدمة للتهرب من الضرائب. وأضاف براون أنه متفق مع أوباما بأنه «لن يكون هناك انتعاش إلى حين تنظيف البنوك ووضع نظام تنظيمي جديد». واعتبر براون ان الاختبار الثاني سيكون «الالتزام باتخاذ الخطوات الضرورية من اجل إعادة النمو (الاقتصادي) والدفع ضد الركود العالمي ودعم العائلات والأعمال». أما الاختبار الثالث، فقال انه «التأكد من التعاون الاقتصادي الدولي ومن خلال تقوية المؤسسات المالية الدولية ودعم النمو في الدول النامية». وأما الاختبار الرابع، وهو ما يتفق عليه جميع القادة في تصريحاتهم خلال الأسابيع الماضية، يرتكز على «رفض الحمائية ودفع التجارة العالمية». واقترح براون قيمة 100 مليار دولار «كحد أدنى للتبادل التجاري المطلوب بشدة». واختتم لائحة الاختبارات التي ستكون أمام القمة بالتذكير بـ«التزامنا أمام الفقراء في العالم والضعفاء»، مشددا على أنه يجب «الالتزام بأهداف التنمية للألفية والالتزام بتعهداتنا في المساعدات الإنسانية». وظهر براون وأوباما في مؤتمر صحافي مشترك صباح أمس للتأكيد على التقارب في وجهات القائدين، بينما ظهر شرخ مع فرنسا وألمانيا الملتزمتين بمطالب لتنظيم أشد للمصارف ورفض الخطط التحفيزية الكبيرة للاقتصاد. وبعد 6 ساعات من لقاء أوباما وبراون ظهر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مؤتمر صحافي مشترك في لندن. وقرر الفرنسيون والألمان الإعلان عن المؤتمر الصحافي قبيل لقاء براون وأوباما مما سلط الأضواء على الخلافات التي كان الرئيس ساركوزي قد أشار إلى أنها قد تدفعه للخروج من القمة قبل انتهائها. وعلق بعض المسؤولين البريطانيين بسخرية، وآخرون بغضب، حول تهديد بالانسحاب من القمة. وأفادت مصادر بأن ساركوزي لن ينسحب من القمة ولكنه أراد إثارة انتباه المسؤولين والصحافيين على حد سواء. إلا أن أوباما وبراون حاولا التقليل من شأن الخلافات. واعتبر أوباما أن «الخلافات بين مختلف الأطراف (في مجموعة العشرين) مبالغ فيها كثيرا». وعبر براون عن قناعته «بأن الرئيس ساركوزي سيشارك في بداية مأدبة العشاء وسيبقى حتى النهاية».

وأقر براون بأنه ستكون هناك «مفاوضات صعبة» أمام المشاركين في القمة، بينما قال أوباما «إننا لن نتفق على كل النقاط»، لكنه اعتبر أن القمة لا يمكن أن تسمح لنفسها باتخاذ «أنصاف الإجراءات». وصرح الرئيس الأميركي بأن «على الجميع العمل بشعور بضرورة العمل وكل دولة مشاركة تأثرت في الأزمة التي كلفتنا الكثير من حيث الوظائف والأموال والأمن الاقتصادي لمواطنينا». وتوجه أوباما للقادة قائلا: «نحن نواجه أكبر أزمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية»، مضيفا أن «كل دولة تمارس السياسة التي تناسبها، ولن نتفق على كل نقطة، لقد جئت هنا لأقدم أفكارنا ولكن أيضا جئت هنا لأستمع لا أخاطب». وفي معرض حديثه قبل التوجه إلى لندن مباشرة، أكد ساركوزي انه أجرى وبراون محادثة هاتفية «أكدا خلالها مجددا مواقفهما الداعية الى مزيد من التنظيم المالي وموقفهما الحازم جدا بشأن الجنات الضريبية». وكانت باريس وبرلين أبدتا مرارا تحفظاتهما بالنسبة الى اتخاذ إجراءات جديدة للإنعاش المالي، وهي التي حظيت بدعم لندن وواشنطن. وفي برلين، كررت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن ألمانيا «قدمت مساهمة ضخمة حتى الآن»، لكنها أقرت بأنها «لا يمكنها استبعاد» نقاش حول خطط نهوض جديدة أثناء قمة مجموعة العشرين التي قالت إنها ستتوجه إليها «بمزيج من الثقة والقلق».

وبينما أخذ الاقتصاد الحيز الأكبر من اهتمام براون وأوباما في المؤتمر، إلا أنهما تناولا 3 قضايا أخرى، وهي الوضع في أفغانستان وإيران وعملية السلام. وأشاد أوباما بالتعاون مع بريطانيا في أفغانستان، مشددا على ضرورة «تركيز جهودنا لمواجهة القاعدة». وأضاف: «خلال الأيام المقبلة سنتشاور مع حلفائنا من الناتو حول تدريب القوات الأفغانية الأمنية وزيادة دعمنا المدني والعلاج الإقليمي الذي يعترف بالروابط بين مستقبل أفغانستان وباكستان». وأفاد براون أنه تم الاتفاق على «وضع المزيد من الموارد في الدعم المدني لإعادة الإعمار الأفغاني» وفي ما يخص إيران، قال براون: «لقد ناقشت مع الرئيس آمالنا بأن تتخذ إيران القرار الصائب وتستغل قابلية المجتمع الدولي للتفاوض». وقال أوباما من جهته: «إننا ملتزمان بالدبلوماسية مع إيران التي تقدم للجمهورية الإسلامية فرصة لمستقبل أفضل إذا تخلت عن طموحاتها للحصول على أسلحة نووية». وأضاف الرئيس الأميركي انه يعمل مع رئيس وزراء بريطانيا «سويا لإنهاء الحرب في العراق بطريقة مسؤولة من خلال نقل المسؤولية إلى العراقيين». وكرر براون وأوباما التزامهما بعملية السلام، وقال أوباما: «نحن ملتزمون بدبلوماسية متواصلة من أجل سلام دائم وقوي بين إسرائيل والفلسطينيين وإسرائيل والعالم العربي».