أرملة عراقية تدخل مجال الأعمال بحثا عن النجاح والقوة

حليمة الجاف تدير شركة مقاولات وتؤكد لـ«الشرق الأوسط»: مقتل زوجي وضعني أمام تحد كبير

حليمة الجاف بوشاحها الأسود وسط مجموعة من السيدات اللواتي أقمن معرضا للزهور أخيرا («الشرق الأوسط»)
TT

بدت بوشاحها الأسود وملابسها التي تحمل نفس اللون كمن غادرت فرحها منذ وقت طويل، لكن بمجرد الحديث معها ومعرفة تفاصيل يومها المفعم بالحيوية تتحول صورة السواد الذي يلفها الى الوان قد لا تراها حتى العين المجردة.

غادر زوج حليمة الجاف الحياة مقتولا قبل عام على يد جهة قالت عنها انها مجهولة، لكن مرارة فراق زوجها ووالد ابنائها الثلاثة ما زالت تعتصر قلبها الذي لم تغادره ذكرياتها معه، وبدا وكأنه يعرف الجهة التي اغتالت ذلك الموظف في احدى وزارات الدولة المهمة.

حليمة التي تبلغ الاربعينات من العمر بدأت تعمل وتدير احدى الشركات المتخصصة بوكالة الشركات الاجنبية في العراق بعد ان استقالت من وزارة النفط في فترة الحصار الذي فرض على العراق بعد ان اشتدت الأزمة الاقتصادية على الاسر العراقية، وبدأت حليمة تعمل في مجال التجارة واسست لنفسها شركة اكبر للمقاولات والتجهيز وراحت تعمل ليل نهار لتكسب ثقة المتعاملين معها في الداخل والخارج خصوصا في السنوات الاخيرة.

وتقول حليمة لـ«الشرق الأوسط» ان رحيل زوجها مقتولا وضعها أمام تحد كبير، مضيفة انه كان عليها مسؤولية مواصلة الحياة مع ابنائها الثلاثة وهم طلبة في الجامعات العراقية، وكان عليها ايضا ان تثبت مقدرتها على مقارعة الحزن العام والحزن الخاص. وتضيف انها ومجموعة اخرى من السيدات العراقيات بدأن بالعمل وسط ظروف استثنائية بين التهديد والوعيد وبين عيون تتربص بكل شيء وتحاول اغتيال الحياة في العراق خصوصا في عامي 2005 و2006 وتؤكد انها سعت بكل جهدها لتأسيس اتحاد لسيدات الاعمال لتلتقي بكل سيدة تحاول ان تؤسس لنفسها. وشاركت حليمة الجاف في مؤتمرات لسيدات اعمال عرب واثبتت جدارتها في الحديث وتسليط الاضواء على عمل المرأة العراقية من مقرها الذي تتقاسمه مع رجال اعمال في مركز اعد للإنماء الاقتصادي. وعندما زارتها «الشرق الأوسط» كانت تشرح لمجموعة من السيدات كيفية تواصلهن مع الشركات الاجنبية وكيفية استيراد المعدات من المنشأ الاصلي وكانت تقف وكأنها نخلة جميلة وان اتشحت بالسواد.

وتقول احدى السيدات اللواتي يتعاملن مع حليمة الجاف انها امرأة رقيقة وجميلة وقوية في نفس الوقت لم تكسرها الأحزان ولم تقف بوجهها لتستمر في عملها وهي الآن بمثابة مثل جميل لكل امرأة عراقية عاشت اقسى الظروف وتغلبت على احلكها. وكانت حليمة ومجموعة من السيدات قد اقمن معرضا للزهور والادوات المنزلية والفخاريات والتحف في خيمة في منطقة الجادرية وكأنهن يبحثن عن الجمال وسط الاعمال التي يقمن بها كل يوم.