المغرب عازم على متابعة «توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة»

الناصري: بلادنا قطعت شوطاً مهماً لطي صفحة انتهاكات حقوق الإنسان

(من اليمين) محمد الفاسي الفهري، وخالد الناصري، وأحمد حرزني، ونزهة الصقلي، أثناء التوقيع على اتفاقيات مع 32 جمعية للمجتمع المدني بشأن جبر الضرر الجماعي أمس، (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

قال خالد الناصري، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، إن بلاده قطعت شوطا هاما لطي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بعد أن قرأها بإمعان شديد. مشيرا إلى أن عزيمة المسؤولين لن تفتر بشأن متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.

وأكد الناصري، الذي كان يتحدث أمس بالرباط، بمناسبة تفعيل إحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، المرتبطة «بجبر الضرر الجماعي»، أن حكومة المغرب تسير في اتجاه ترسيخ الديمقراطية، وتثبيت حقوق الإنسان، وذلك عبر إنجاز مشاريع على أرض الواقع، مؤطرة من قبل مؤسسات رسمية مثل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وبتنسيق مع المنظمات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني.

وأضاف الناصري أن المغرب منخرط في نادي الدول التي سعت إلى تشييد دولة «بضوابط حقوق الإنسان»، برعاية وتوجيهات من العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وانطلاقا من سياسة حكومية مؤمنة إيمانا راسخا، بعقد شراكة مع كل الفرقاء الفاعلين في مجال حقوق الإنسان، والتنمية المستدامة، قصد بناء مغرب جديد.

من جهته، قال أحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، إن تفعيل أحد بنود توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، المتعلقة بجبر الضرر الجماعي، يدخل حيز التنفيذ في شطره الأول، عبر توقيع اتفاقيات مع 32 جمعية محلية، في 8 أقاليم بشمال وشرق وجنوب البلاد، بكلفة قدرها 14 مليون درهم (الدولار يساوي 8.6 درهم).

وأكد حرزني انخراط المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في المصالحة الشاملة بالمغرب، بتنسيق مع فاعلين آخرين من أجل تطبيق جميع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. مشيرا إلى أن البرامج المزمع إنجازها عبر الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، أمس بالرباط، والمتعلقة بجبر الضرر الجماعي، ترمي إلى تعزيز قدرات الفاعلين المحليين، خاصة في مجالات الحكامة المحلية، والنهوض بحقوق الإنسان، والمواطنة، وإعمال مقاربة التنمية، والعمل على الحفظ الايجابي للذاكرة، عبر تأهيل أماكن شهدت انتهاكات، وإحداث فضاءات لهذا الغرض، ودعم الأنشطة المدرة للدخل لفائدة المناطق المشمولة ببرنامج جبر الضرر الجماعي.

لكن حرزني، لم يوضح، الكيفية التي سيراقب بها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، صرف المال على المشاريع التي وقعها، أمس، بشراكة مع صندوق الإيداع والتدبير، مع ممثلي ورؤساء 32 جمعية محلية. إلى ذلك، قال محمد الفاسي الفهري، الوالي (محافظ) مدير المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، إن إدارته ستتدخل بشكل إيجابي لدعم عمل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. مبرزا أن المشاريع المبرمجة لجبر الضرر الجماعي، في شطرها الثاني ستشمل عمالات (محافظات) جديدة. مؤكدا تعاون وزارة الداخلية في مجال تثبيت حقوق الإنسان، في إشارة مفادها أن المفتشية العامة للإدارة الترابية، باعتبارها هيئة مراقبة، ستتكفل بمراقبة مآل المشاريع المتفق عليها، ومدى احترام بنودها، وكلفتها المالية في الانجاز.

وأكد الفاسي الفهري أن دور وزارة الداخلية متعدد، ويرتكز في البداية على جمع طلبات سكان المناطق المستهدفة، ونقلها إلى المهتمين بالمجال الحقوقي، والسهر على تنفيذ المشاريع المبرمجة الخاصة بجبر الضرر الجماعي. مضيفا أن تنفيذها على أرض الواقع هو «مشروع سياسي محض»، له مدلول واضح، وهو إجراء مصالحة شاملة مع المناطق التي تضررت من ماضي الانتهاكات.

من جهته، قال جيروم كاسييرس، ممثل المفوضية الأوروبية، إن جبر الضرر الجماعي، الذي يعد أحد بنود توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، يهم الاتحاد الأوروبي الذي دعم موقف المغرب الهادف إلى إجراء مصالحة مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لذلك قدم الاتحاد الأوروبي منحة للمغرب بقيمة 33 مليون درهم ( 3 ملايين يورو)، منذ عام 2007، من أجل إنجاز ما اتفق بشأنه لطي صفحة ماضي الانتهاكات.

وأكد كاسييرس أن تطبيق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وطي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يعد أيضا أحد الإجراءات، التي دفعت الاتحاد الأوروبي إلى منح المغرب صفة «الوضع المتقدم».

وفي السياق نفسه، قالت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية المغربية، إنه من خلال التوقيع على الجزء الأول من برنامج جبر الضرر الجماعي، يكون المغرب قد دخل «الجيل الثاني» من مرحلة تثبيت حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا، مثمنة أخذ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بعين الاعتبار تطبيق مقاربة النوع الاجتماعي أثناء تنفيذ البرامج، لضمان تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في مجال تعزيز قدرات التقنية للكوادر، ودعم الأنشطة المدرة للدخل. مشيرة إلى أن المغرب أحدث لجاناً محلية تسمى« لجان استشارية للمساواة وتكافؤ الفرص» على صعيد كل البلديات، بتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني قصد تشجيع النساء للولوج إلى مراكز صنع القرار.