القمة تلقي بظلالها على الأسواق العالمية.. والنفط ينتعش بدعم من ارتفاع الأسهم

تراجع الدولار.. والمركزي الأوروبي يخفض الفائدة لمستوى قياسي لتحفيز النمو

قادة الدول وأعضاء الوفود المشاركة في قمة العشرين في صورة تذكارية بمركز إكسيل في لندن أمس (أ.ب)
TT

ألقت قمة مجموعة العشرين بلندن بظلالها على الأسواق العالمية أمس، ارتفع سعر الخام الأميركي في العقود الآجلة بأكثر من أربعة في المائة مسجلا أكثر من 52 دولاراً وسط موجة من التفاؤل بشأن انتعاش الاقتصاد انعكست في ارتفاع أسعار الأسهم وتراجع الدولار.

وحذت الأسواق الأوروبية حذو الأسواق الآسيوية وسجلت مؤشراتها الرئيسية ارتفاعات قوية فاقت 4% في بورصة لندن، و5% في بورصة باريس، و6% في البورصة الألماني. وفتحت الأسهم الأميركية على ارتفاع أيضاً وصعد مؤشر داو جونز الصناعي للأسهم الأميركية الكبرى 165.43 نقطة أي بنسبة 2.13 في المائة ليسجل 7927.03 نقطة. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقاً 17.64 نقطة أي بنسبة 2.17 في المائة إلى 828.72 نقطة. وقد شهدت أسواق المال في آسيا والمحيط الهادئ خلال جلسة أمس ارتفاعات قوية هي الأفضل منذ ثلاثة أشهر على خلفية صدور بيانات أميركية قوية وتفاؤل المستثمرين بقمة مجموعة العشرين في لندن.

وارتفعت الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادي بعد أن سجلت بورصة وول ستريت مكاسب قوية الليلة قبل الماضية بفعل البيانات التي جاءت أفضل من المتوقع في قطاعات الإسكان والتصنيع والسيارات الأميركية وهو ما يشير إلى أن الركود العالمي قد يكون معتدلا.

وفي اليابان، صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة، قفز مؤشر نيكي المؤلف من 225 سهماً بنسبة 4.4% ليغلق على 8719.78 نقطة بينما حقق مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً مكاسب بنسبة 4.14% ليغلق على 826.69 نقطة.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية اندفع المستثمرون في بورصة طوكيو إلى شراء أسهم شركات السيارات والتكنولوجيا التي توجه إنتاجها للتصدير بعد أن أظهرت تقارير ارتفاع مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة في مارس (آذار) متعافية من أدنى مستوى لها في 27 عاماً والمسجل في فبراير (شباط) الماضي.

وسجلت بورصة هونغ كونغ أكبر مكاسب في المنطقة خلال يوم، حيث إن بورصتي الهند الرئيسيتين سجلتا ارتفاعاً بنحو 5% عند اقتراب جلسة تعاملات أمس على الانتهاء.

وأغلق مؤشر هانغ سينغ لبورصة هونغ كونغ على أعلى مستوى له في أربعة أشهر إذ ارتفع بنسبة 7.4% لينهي التعاملات على 14521.97 نقطة.

وقاد سهم مجموعة «إتش إس بي سي هولدنغز» المصرفية العملاقة السوق للارتفاع بعد أن ارتفع بنسبة 15.3% بنهاية تعاملات اليوم ليصل سعره إلى 49.40 دولار هونغ كونغ (6.37 دولار أميركي).

وفي الهند، شهد مؤشر «سينسيكس» المؤلف من 30 سهماً في بورصة بومباي ارتفاعاً لليوم الثالث على التوالي مدعوماً بأسهم شركات تصدير برامج الكمبيوتر بعد أن تراجعت قيمة الروبية، الأمر الذي يعزز قيمة أرباح تلك الشركات في الخارج.

وارتفع المؤشر بنسبة 4.64% ليصل إلى 10361 نقطة بينما سجل مؤشر «إس آند بي سي إن إكس نيفتي» الأوسع نطاقاً في بورصة الهند الوطنية 3214.95 نقطة بارتفاع نسبته 5.05%.

وجاء انتعاش أسعار الأسهم في إطار انتعاش أسواق المال من جديد في أنحاء آسيا عقب البيانات الاقتصادية الأميركية التي جاءت أفضل من المتوقع وتفيد بأن أكبر اقتصاد في العالم بصدد التعافي.

وارتفعت مبيعات المنازل القائمة بالفعل في الولايات المتحدة بنسبة 2.1% في فبراير (شباط) مقارنة بمستواها في الشهر السابق عليه وذلك وفقاً لبيانات الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين في الولايات المتحدة وذلك في مؤشر صغير آخر على أن تباطؤ قطاع الإسكان الذي تسبب في اندلاع الأزمة الاقتصادية الأميركية وحدوث ركود عالمي قد ينتعش.

وحقق مؤشر معهد إدارة التوريدات للقطاع الصناعي الأميركي مكاسب للشهر الثالث على التوالي على الرغم من أن المؤشر الذي سجل 36.3 نقطة لا يزال أقل بكثير من مستوى التقسيم الذي يحدد الميزان بين الانكماش والنمو.

وهوت مبيعات السيارات الأميركية بأكثر من 38% في مارس مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي لكن شركات السيارات أشارت إلى أن مبيعات هذا الشهر لا تزال أفضل من مستوى فبراير.

وفي أسواق أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادي، صعد مؤشر كوسبي لبورصة كوريا الجنوبية بنسبة 3.5% ليصل إلى 1276.97 نقطة بينما ارتفع مؤشر بورصة أستراليا المؤلف من 200 سهم بنسبة 2.7% ليغلق على 3680 نقطة.

وارتفع مؤشر «تايكس» لبورصة تايوان بنسبة 3% ليغلق على 5473.78 نقطة فيما كانت أسهم القطاع المالي أكبر الرابحين في السوق.

وفي منطقة جنوب شرق آسيا، قفز مؤشر «ستريتس تايمز» لبورصة سنغافورة بنسبة 5.9% ليصل إلى 1803.34 نقطة وارتفع مؤشر بورصة جاكرتا المجمع في إندونيسيا بنسبة 2.6% ليغلق على 1499.73 نقطة كما ارتفع مؤشر بورصة تايلاند بنسبة 2.96% لينهي التعاملات على 422.96 نقطة ومؤشر كوالالمبور المجمع في ماليزيا بنسبة 2.36% ليصل إلى 905.07 نقطة. وارتفعت الأسهم العالمية حسب مؤشر مورغان ستانلي كابينتال انترناشيونال لجميع الدول بنسبة 1.8 في المائة بعد أن دعمت بيانات مبيعات المصانع والمساكن الأميركية، التي صدرت أمس، التفاؤل بشأن الاقتصاد رغم أن بيانات أخرى أظهرت ارتفاع أعداد العاطلين. وانخفض سعر الدولار أمام سلة عملات رئيسية أمس مع ارتفاع أسواق الأسهم العالمية مدعومة ببعض البيانات الاقتصادية الإيجابية، مما جدد الآمال في أن يكون الكساد العالمي العميق قد بدأ يعتدل. وارتفع سعر الإسترليني أمام الدولار واليورو بعد بيانات الإسكان التي أظهرت أول ارتفاع في أسعار المنازل البريطانية منذ أكتوبر (تشرين الثاني) عام 2007. وقد قفز سعر اليورو أمام الدولار أمس بعد أن قرر البنك المركزي الأوروبي خفض الفائدة بمقدار أقل من المتوقع بلغ ربع نقطة مئوية لتبلغ 1.25 في المائة. وبحسب «رويترز» كانت الأسواق تتوقع خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. وتقارن الفائدة الأوروبية بفائدة تقترب من الصفر في الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان. وارتفع سعر اليورو إلى مستوى 1.3418 دولار من 1.3330 دولار قبيل القرار.

وسجل بعد ذلك 1.3370 دولار بارتفاع بنسبة واحد في المائة. وانخفض مؤشر الدولار الذي يقيس سعره أمام ست عملات رئيسية بنسبة 0.6 في المائة إلى 84.900. لكن انخفاض الين على نطاق واسع دفع الدولار للارتفاع إلى أعلى مستوياته في خمسة أشهر عند 99.90 ين في حين ارتفع اليورو 2.2 في المائة إلى 133.55 ين. وصعد الإسترليني 1.2 في المائة إلى 1.644 دولار بعد أن بلغ أعلى مستوياته في أسبوع عند 1.4716 دولار.

وقال جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي إن قرار البنك بخفض الفائدة أمس سيحقق استقرار الأسعار في منطقة اليورو التي تشهد تباطؤاً اقتصادياً عنيفاً. وخفض البنك سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية إلى مستوى قياسي بلغ 1.25 في المائة لكن المحللين كانوا يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية. وقال تريشيه في مؤتمر صحافي «بعد قرار اليوم نتوقع استقراراً في الأسعار في الأجل المتوسط مما يدعم القوة الشرائية للأسر في منطقة اليورو». وأضاف «الاقتصاد العالمي بما فيه منطقة اليورو يشهد تراجعاً عنيفاً. وتابع «الطلب العالمي وفي منطقة اليورو من المرجح أن يستمر ضعيفاً للغاية خلال عام 2009 قبل أن ينتعش تدريجياً خلال عام 2010». وقد مهد تراجع التضخم وتفاقم الركود الطريق أمام البنك المركزي الأوروبي للإقدام على خفض آخر لأسعار الفائدة أمس. وقد صل حجم خفض أسعار الفائدة في منطقة اليورو المؤلفة من 16 دولة منذ أكتوبر (تشرين الأول) إلى 3 نقاط مئوية وهو ما يعكس جهود البنك المركزي الأوروبي لتنشيط النمو الاقتصادي.

وتزامن خفض الفائدة، وهو السادس من نوعه للبنك منذ أكتوبر (تشرين الأول) مع انعقاد قمة مجموعة العشرين بلندن.

وهناك انقسام بين خبراء الاقتصاد بشأن ما إذا كان خفض تكاليف الإقراض إلى 1.25% سيوقف دورة البنك الحالية لخفض أسعار الفائدة أو ما إذا كان البنك سيستمر في تخفيف سياسته النقدية.

ودفع المدى الذي وصل إليه التباطؤ الاقتصادي حالياً البنوك المركزية حول العالم إلى الاعتقاد بأنه لا يمكن الاعتماد فقط على أسعار الفائدة وأنها اضطرت إلى العودة لانتهاج ما يطلق عليه إجراءات غير تقليدية لمواجهة الركود العالمي.

وفي إطار رفضه الشديد لاتجاه البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة إلى الصفر، أشار رئيس البنك جان كلود تريشيه إلى أن البنك، ومقره فرانكفورت، يبحث اتخاذ إجراءات غير تقليدية.

ويمكن أن يشمل ذلك تطبيق ما يطلق عليه أدوات السياسة النقدية الكمية التي تستهدف التأثير على كمية النقود بطرح المزيد منها في الأسواق.

بيد أن كثيراً من المحللين يرون أنه قد لا تزال هناك فترة قبل أن يحذو البنك المركزي الأوروبي حذو البنوك المركزية الكبرى الأخرى في العالم مثل مجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) وبنك اليابان وبنك إنجلترا واتخاذ خطوات لتعزيز المعروض النقدي كجزء من جهود تقوية النشاط الاقتصادي.