العساف يشدد على تسهيل إجراءات الإقراض من صندوق النقد الدولي

تدرس أشكالا أخرى من الدعم وتنادي بالابتعاد عن الحمائية

د. إبراهيم العساف وزير المالية السعودي وبجانبه د. محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (تصوير: حاتم عويضة)
TT

أكد الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي أن السعودية لم تساهم في زيادة الدعم لصندوق النقد الدولي، وأنها تدرس الخيارات المتاحة في الأمر، منها إصدار جديد من حقوق السحب الخاصة. وشدد على الحاجة إلى تسهيل الإقراض من قبل الصندوق، وذلك لحاجة الدول إلى تمويل إضافي حتى إذا كانت اقتصاداتها في وضع ليس بالخطير تأثرا بالأزمة المالية، والبعد عن السياسات الحمائية من قبل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين. ونفى الوزير السعودي أية أنباء عن أن المملكة قدمت أي اقتراحات بشأن زيادة في أي جهة. وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي تبع قمة العشرين عقد في وسط العاصمة لندن بحضور الدكتور العساف، ومحمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما). وكانت لصندوق النقد شروط على ألا تحد أي من الدول المشاركة في القمة معدلات التعاون التجاري، ولكن كان هناك أكثر من 16 دولة من الدول الأعضاء تبنت سياسات حمائية بشكل أو بآخر سواء كان للتجارة والتمويل أو غير ذلك، فيما عدا ثلاث دول هي السعودية وجنوب أفريقيا واليابان. وأضاف العساف في المؤتمر أنه جرى النقاش مؤخرا بشأن تدبير دعم يصل قدره إلى 250 مليار دولار، لم تساهم فيه المملكة، فيما شارك فيه الاتحاد الأوروبي بـ100 مليار دولار، واليابان بـ100 أخرى، أما الـ50 مليارا المتبقية، فكانت من نصيب عدة دول أخرى. وأشار العساف في كلمته إلى أهمية تشجيع التجارة الدولية، وذلك من خلال الحد من السياسات الحمائية وإصلاح التجارة، وإعادة الثقة والنمو والتوظيف وإصلاح النظام المالي وإعادة النمو والرقابة المالية. وأوضح أن القيمة النهائية لتنفيذ هذه البرامج تقدر بما يتجاوز 5 تريليونات دولار، ضمنها إعلان خادم الحرمين في واشنطن في القمة الماضية 400 مليار دولار للاستثمار والتنمية لقطاعي الحكومة والقطاع المصرفي لخمس سنوات في السعودية، ليعد من أكبر البرامج نسبة لحجم الاقتصاد. وقال «هناك جهود للحصول على أموال لتحفيز التجارة الدولية، تتركز على أن تقوم المؤسسات المالية بالإنفاق مرة أخرى، مشيرا إلى عدة قنوات في الصندوق السعودي للتنمية لتمويل التجارة، والمخصص له 15 مليار دولار والبرنامج في نمو مستمر في تدعيم نشاط الصادرات السعودية».

وأوضح أن صندوق النقد الدولي أعد دراسة لسياسات دول مجموعة العشرين، وتبين أن برنامج المملكة أن الاستثمار في البنية الأساسية وغيرها في المملكة، يقدر بنسبة 10 في المائة تقريبا بالنسبة للناتج المحلي للدولة. واستدرك أن آخر النقاشات تعلقت بزيادة دعم الدول الفقيرة، سواء عن طريق البنك الدولي أو صندوق النقد، بالإضافة إلى إعلان الصندوق بيع جزء من احتياطي الذهب لديه لتمكينه من تقديم التمويل الميسر للدول الفقيرة، وموارد أخرى للبنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي وبنك التنمية الآسيوي.

وأوضح أن دولا أخرى تبنت برامج كثيرة، هو أن تبدأ المصارف في الإقراض مرة أخرى والتخلص من الأصول الفاسدة، وتبني هذه السياسات.

ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن النمو في العام المقبل سيكون 2 في المائة أما في العام الجاري فكانت البيانات رديئة بوصولها بنسبة قريبة من الصفر، بينما جاءت تقديرات البنك الدولي أكثر سلبية. وأشار الدكتور إبراهيم العساف لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرارات التي اتخذتها القمة سيكون من الصعب أن نتنبأ الآن بحجم تأثيرها، ولكن بالنظر إلى حجم برنامج التحفيز، وكيفية التعامل مع الأصول الفاسدة، بالإضافة إلى عدد القرارات الأخرى المؤثرة». أما تعليقا على التغير المناخي الذي كان الأمر الثاني الأكثر أهمية في القمة، «فالنقاش الحقيقي فيه سيكون في قمة كوبنهاغن نهاية العام الجاري». وأضاف الوزير: «أما بالنسبة إلى الملاذات الضريبية، وصناديق التحوط، فقد حظيت بقدر كبير من الاهتمام المطول، وهناك ملاحظة إلى الدول التي بها ملاذات ضريبية أن تتبنى سياسات تطالب بها دول أخرى للحد من السرية على الحسابات».

وتحدث محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، عن قيام دول الاقتصادات الكبيرة وغيرها بجهد منسق يعمل في اتجاه واحد نحو خفض الفوائد على الإقراض، وإعادة رسملة البنوك الضعيفة لكي تتمكن لاحقا أن تعود إلى سوق الإقراض وإعطاء دفعة في أسواق المال، بينما أشارت التوقعات أن نهاية 2010 سيكون النمو 2 في المائة مما يعني أن النمو سيكون قد عاد بالفعل. وقال الجاسر: «السعودية كانت تؤمن دائما بأنه يجب أن يكون هناك إشراف جيد على القطاع المالي بينما تحولت الدول التي تعاني من الأزمة إلى الإشراف الذاتي. وثبت الآن بلا شك أن الإشراف الذاتي للقطاعات المالية العالمية لم يعد مطروحا أو مقبولا في كل دول العالم الآن».

وأفاد أن من أهم زوايا الأمر أن تجربة المملكة كانت على مستوى الوزراء والمحافظين ثم على مستوى القمة، مفيدا أنه من الضروري متابعة تطورات الأجهزة المالية في كل دول العالم، وخاصة تلك التي تؤثر على أسواق المال العالمية، والتي تنتشر عدواها إلى دول أخرى غيرها مثلما حدث مع القطاعات المالية الكبيرة. فهذه خطوة جيدة واعتراف من الدول النامية بتطوير القطاع البنكي وأسواق المال لديها. مفيدا أن مساهمة العديد من الدول ستعود إلى إعادة رسملة أسواقها ومصارفها مرة أخرى، التي عانى بعضها من عجز وانهيار. وانضمت السعودية إلى مجلس الاستقرار المالي الذي كان يطلق عليه منتدى الاستقرار المالي، وهذا إضافة إلى صندوق النقد الدولي. وقال الجاسر «نحن لدينا مصلحة قوية في أن يكون الاقتصاد العالمي بصحة جيدة، بنوكنا لم تنهار والتأثر ليس شديدا، ولكننا لسنا بمنأى تام عن الأزمة، المشاريع الإنتاجية لا تحتاج إلى عمليات إنقاذ لتصبح عبئا على المملكة ولكن أي أموال إضافية ستكون تنمية في البلاد وليس عبئا على الميزانية». واختتم كلمته أنه لا مكان على الإشراف الذاتي في القطاع المالي، والإشراف يجب أن يكون حصيفا، مفيدا أن النفط تأثر بالسوق المحلية خاصة في التوظيف، وخاصة مع برنامج الحكومة الاستثماري، موضحا أهمية انضمام المملكة إلى قمة العشرين، وأنه ذو فوائد خاصة، تتمثل في مشاركة المملكة بجانب من اتخاذ القرار.

اختتمت القمة الثانية لمجموعة العشرين أمس، وستعقد القمة الثالثة قبل نهاية العام في سبتمبر (أيلول) المقبل بين نيويورك واليابان.