هيلاري كلينتون خلف الأضواء..لكن نفوذها يكبر

ترافق أوباما في جولته الخارجية وتمتنع عن التصريح أثناء وجوده

TT

بالنسبة إلى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، الوصول إلى لندن ليلة الثلاثاء من لاهاي كان درسا في الاختلاف بين أن تكون شخصا له الأهمية القصوى، وأن تكون شخصا هاما جدا وحسب. انتظرت الطائرة الحكومية التي كانت تستقلها كلينتون في مسار معين فوق مطار ستانستيد، للحصول على إذن بالهبوط بسبب ازدحام في الأجواء وقت وصول الطائرة التي تقل الرئيس الأميركي والطائرات الأخرى التي تقل قيادات العالم المتوجهين إلى القمة الاقتصادية في لندن.

وبمجرد أن هبطت على الأرض تحركت طائرتها «بوينغ 757» ذات اللونين الأزرق والأبيض ببطء بجوار طائرة الرئيس أوباما، «747»، وهي طائرة أكبر حجما. وبعد أن جابت حول العالم خلال الشهرين الماضيين بصفتها المبعوث الأعلى للولايات المتحدة، وتشاورت مع الرؤساء وكشفت عن مقترحات دبلوماسية وحظيت باستقبال حافل من إندونيسيا إلى تركيا، أصبحت كلينتون فجأة جنديا عاديا من جديد، من ضمن الفرقة التي يتزعمها الرئيس الأميركي.

ولا تعد وزيرة الخارجية هي المساعد الأكثر أهمية للرئيس في اجتماع مجموعة العشرين، حيث يحظى بهذه المرتبة وزير الخزانة تيموثي غيتنر، المسؤول عن المسائل الاقتصادية التي يجري نقاشها في لندن، والذي سيكون الذراع اليمنى للرئيس أوباما.

قضت كلينتون يوم الأربعاء في صحبة أوباما خلال اجتماعات مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف والرئيس الصيني هو جين تاو. يذكر أنه قبل ستة أسابيع استقبل الرئيس الصيني الوزيرة كلينتون في بكين.

وثمة صورة مملوءة بالحيوية جسدت هيكلة الإدارة الأسبوع الماضي عندما عادت كلينتون إلى وطنها من المكسيك يوم الخميس، لتقف من دون أن تتفوه بكلمة خلف أوباما في البيت الأبيض، في الوقت الذي كان يعرض فيه الرئيس سياسته في أفغانستان يوم الجمعة الماضي. بعد ذلك سافرت إلى تكساس لتحصل على جائزة من مؤسسة «بلاند بيرنتهوود».

حضرت كلينتون مؤتمرا عن أفغانستان في لاهاي، وفضلت ألا تكون في مركز الضوء وتركت ذلك لمساعدها ريتشارد هالبروك، المبعوث الخاص لشؤون أفغانستان وباكستان. وتمكن هالبروك من اختطاف بعض الكلمات خلال استراحة الغداء مع دبلوماسي إيراني، وهذه أول مقابلة وجها لوجه بين إدارة أوباما والنظام الإيراني. واحتل هذا اللقاء العناوين الرئيسة للصحف، هذا إلى جانب تأكيد كلينتون بنفسها على ما قام به هالبروك. وقال مساعدو كلينتون إنها شجعت إتمام اللقاء، ويرجع هذا بصورة كبيرة إلى قواعد البروتوكول التي تمنعها من القيام بهذا بنفسها، فالممثل الإيراني محمد مهدي خوندزاده ليس أكثر من نائب وزير الخارجية.

وأرجع هالبروك المقابلة إلى كونها مجرد محض صدفة، فقد كان يجلس على مائدة مجاورة للمائدة التي يجلس عليها خوندزاده، ومن ثم كان بإمكانه القيام والتحدث إليه لدقيقتين حول العمارة الفارسية. وقال هالبروك يوم الأربعاء عبر محادثة هاتفية من ميونيخ، حيث كان هناك لحضور اجتماع متابعة بشأن أفغانستان: «سيكون من الغريب أن تعبر هي عبر الغرفة للترحيب به».

وستبقى كلينتون في رفقة الرئيس أوباما لبضعة أيام، في الوقت الذي يسافر فيه لحضور قمة الناتو في فرنسا وألمانيا، بالإضافة إلى حضور اجتماع الاتحاد الأوروبي في براغ. ويقول مساعدون إنه من الممكن تماما ألا تتفوه ببنت شفة على الملأ خلال وجود أوباما. كما أنها أعادت طائرتها إلى البلاد، وأبقت معها حفنة من أعضاء وزارة الخارجية. وأضاف مساعدون أنها تنظر إلى نفسها الآن على أنها الرقم واحد بين فريق الرئيس.

وأشار مسؤولون بالبيت الأبيض إلى أن طريقة كلينتون البرغماتية الأكاديمية عززت من نفوذها مع أوباما. مثلا في رحلتها إلى الصين قللت من مخاوف حقوق الإنسان، ونوهت إلى أنها لا ترغب في أن تدخل هذه الأمور ضمن أولويات على غرار قضية تغير المناخ، والاقتصاد. وجلب ذلك عليها بعض الانتقادات من جانب جماعات حقوق الإنسان، حيث قالت منظمة العفو الدولية إنها شعرت بالصدمة مما اعتبرته تراجعا منها. وأوضح هؤلاء المسؤولون أن هذا الأمر ساعدها داخل البيت الأبيض، إذ وضعت أساسا لاجتماع أوباما مع هو يوم الأربعاء.

وداخليا، لا تضعف إمكانية وصول كلينتون إلى أوباما في البيت الأبيض، وفي هذا الصدد أوضح مساعدون أنه بالإضافة إلى الاجتماع الأسبوعي المنتظم الذي يتم بعد ظهر الخميس، فإنها تلتقي معه عدة مرات أسبوعيا بالبيت الأبيض.

ولدى سفر كلينتون، دوما ما يكون هناك الكثير من الشواهد التي تفيد بأنها ليست وزيرة خارجية عادية، ففي رحلتها من لاهاي احتلت باقة كبيرة من زهور التيوليب الهولندية مقعدا في القسم الصحافي، الذي كان فارغا لأن أغلب أفراد الفريق الصحافي آثروا العودة إلى البلاد. وكانت هذه الهدية من وزير الخارجية الهولندي، والمتمثلة في زهور تيوليب هيلاري كلينتون، وهي مجموعة زُرعت لها خصيصا وسُميت على اسمها عام 1994، عندما كانت وقتها السيدة الأولى، (وحظيت باربرا بوش على واحدة أيضا خاصة بها). وطلبت كلينتون أن يتم جلب هذه الزهور إلى غرفتها في الفندق الذي تقيم فيه وسط لندن.

ولا يحتاج أوباما إلى هذا، حيث يقيم مع السيدة الأولى ميشيل أوباما في ويندفيلد هاوس، منزل السفير الأميركي الفخم في ساحة سانت جيمس في بريطانيا.

* خدمة «نيويورك تايمز»