الخلاف لا يزال قائما بين فتح وحماس حول «الالتزام» و«الاحترام».. والحوار يؤجل مجددا

الأحمد: لا نطلب الاعتراف بإسرائيل بل الالتزام بتعهدات المنظمة.. والرشق: برنامج حكومة الوحدة هو الحد الأدنى الذي نقبله

TT

اختتمت جولة الحوار الثالثة بين حركتي فتح وحماس أمس دون تحقيق النتائج المرجوة منها، واتفقت الأطراف على استمرار الاتصالات المصرية مع كافة الفصائل الفلسطينية لاستئناف الحوار في القاهرة خلال النصف الثاني من ابريل (نيسان) الحالي. وقال مسؤول مصري إن وفدي الحركتين طلبا مزيدا من الوقت للتشاور والمراجعة ارتباطا بطبيعة وحساسية هذه القضايا.

وقال المسؤول في بيان: في إطار الجهود المصرية المكثفة لإنهاء حالة الانقسام عقدت حركتا فتح وحماس اجتماعات في القاهرة على مدار اليومين الماضيين لاستكمال بحث القضايا العالقة من أجل الوصول إلى وثيقة الوفاق والمصالحة.

وأضاف: لقد تمت مناقشة هذه القضايا بشكل جدي بهدف التوافق حول أسلوب حلها وقد تم تحقيق بعض أوجه التقدم وطرح مقترحات جديدة لدراستها، وطلب الجانبان مزيدا من الوقت للتشاور والمراجعة ارتباطا بطبيعة وحساسية هذه القضايا.

وكان وزير المخابرات المصرية عمر سليمان قد حث وفدي حركة فتح وحماس خلال محادثاتهما المتواصلة في القاهرة، على ضرورة تليين موقفيهما وتقديم التنازلات المتبادلة من أجل حسم القضايا الخلافية المتبقية، وهي تشكيل الحكومة وبرنامجها السياسي والصيغة الانتقالية للأمن والمشاركة في منظمة التحرير ونظام الانتخابات.

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن سليمان أكد خلال الاجتماع على ضرورة التوافق حول القضايا الخلافية وتشكيل حكومة في أسرع وقت، من أجل رفع الحصار وإعادة الإعمار، والعمل على إعادة توحيد مؤسسات السلطة، والإعداد للانتخابات، والتواصل مع كل العالم خدمة للقضايا الفلسطينية.

وأضاف المصدر أن الوزير أطلع الحركتين على أن موقف واشنطن من أي حكومة فلسطينية لم يتغير، وهو ضرورة الالتزام بشروط اللجنة الرباعية.

وقال عزام الأحمد رئيس كتلة فتح النيابية وعضو وفدها في الحوار، إن الوزير سليمان «أبلغنا بشكل واضح أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي أكدا ضرورة التزام أي حكومة قادمة بشروط (الرباعية)، وأي برنامج سياسي لا يلبي هذه المطالب سيحول دون تعامل واشنطن وأوروبا معها. وسنضع أنفسنا في مأزق جديد، وبدلا من فك الحصار وإعمار غزة سنضيف حصارا جديدا، ليس على غزة فقط، بل على الضفة الغربية أيضا». وذكّر الأحمد بوجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو وعضوية المتطرف ليبرمان، والمتغيرات الدولية الجديدة، وانشغال الولايات المتحدة بأزمتها المالية، والمصالحة العربية، ودعا حماس إلى التعامل مع الواقع. وقال الأحمد إن الحوار أنجز العديد من القضايا، ولكن يبقى هناك قضايا عالقة أهمها برنامج الحكومة و«الالتزام» باتفاقات منظمة التحرير وليس «الاحترام» كما كان في اتفاق مكة، لأن حكومة الوحدة التي تشكلت بمقتضى هذا الاتفاق لم تفك الحصار عن الشعب الفلسطيني. وأضاف «ما دامت هذه التجربة قد فشلت فلا يجب تكرارها وتضييع الوقت، ويجب أن تعلن حماس فقط أنها ملتزمة، وهذا الالتزام لا يلزمها بالاعتراف بإسرائيل، فنحن في فتح حتى الآن لا نعترف بإسرائيل، وليس مطلوبا من حماس الاعتراف، وإذا أرادت أن تنأى بنفسها عن أي شبهات فعليها دعم حكومة من شخصيات مستقلة».

ومن جانبه وصف عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحماس الاشتراطات الأميركية بالمجحفة والظالمة، واتهم واشنطن بمواصلة الانحياز لإسرائي، مؤكدا ضرورة عدم الرضوخ لهذه الاشتراطات. وقال الرشق: «نريد من مصر بحكم موقعها وعلاقات السياسية القوية وثقلها في المنطقة، أن تحمل على عاتقها الترويج للقضية والبرنامج السياسي للحكومة والتأكيد للمجتمع الدولي أن هذا الاتفاق (برنامج حكومة الوحدة السابقة) هو الممكن الذي تم التوافق عليه، وتعطي مصر بإسناد عربي ضمانات لكي يثق العالم ويدعم الحكومة المقبلة».

وأضاف: «نحن في حماس نقول لا يجب أن نجعل من تشكيل الحكومة وبرنامجها السياسي سببا لفشل الحوار، ويجب أن نتوافق على المشترك بيننا ونواجه العالم متحدين فلسطينيا وعربيا»، مؤكدا أن هذا الاتفاق وهذه الوحدة يمكنهما أن يجبرا العالم «على التعاطي مع خياراتنا الفلسطينية.. ومن غبر المناسب أبدا الخضوع للشروط الدولية، ويجب أن تكون هناك بعض المقاومة بوحدتنا الفلسطينية والموقف العربي الضامن والمساند للاتفاق».

وحسب الرشق فإن حماس تقدمت باقتراحين لحل مشكلة الحكومة، الأول هو تشكيل حكومة دون الإشارة إلى الجملة السياسية، خصوصا أن هذه الحكومة انتقالية يجب عدم إقحامها في السياسة، وأنها ستستمر لمدة بضعة أشهر لا غير، وستكون مهمتها العمل علي توحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية وتأهيل الأجهزة الأمنية، ورفع الحصار وفتح المعابر، وتهيئة الأجواء أمام الانتخابات الرئاسية والتشريعية. والاقتراح الثاني تشكيل حكومة ترتكز علي برنامج حكومة الوحدة المنبثقة عن اتفاق مكة، لكنة أشار إلى أن المقترحين رفضتهما فتح التي تريد برنامجا سياسيا يلتزم باتفاقات منظمة التحرير، وهذا معناه الاعتراف الواضح بإسرائيل، «لكن حماس لن توافق ولن تخضع لهذه الشروط لأن هذا يتعارض مع ثوابتها الوطنية».

وقال: «إننا أجّلنا الحوار حول تشكيل الحكومة حتى ننتهي من الاتفاق على برنامجها السياسي». وحول المرجعية قال الرشق إن الخلاف قائم حول القيادة الوطنية التي تتولى الشأن الفلسطيني لحين إجراء انتخابات المجلس الوطني قبل 25 يناير (كانون الثاني). وأضاف: «إن حماس تريد مرجعية تمثل إطارا قياديا، لكن فتح تريد ألا تأخذ هذه اللجنة طابع المرجعية السياسية والقيادية، وحتى الآن لم نتوصل إلى اتفاق حول هذه النقطة». وبالنسبة إلى نظام الانتخابات أكد الرشق أنه لم يتفق عليه، فحماس تريد نظام الدوائر نظرا لطبيعة القرى والمناطق البعيدة، لكن الحركة قدمت مرونة كافية في هذا الملف بقبولها الاستمرار في النظام الانتخابي الحالي، الذي يخلط بين التمثيل النسبي ونظام الدوائر، بينما تصر فتح على التمثيل النسبي الكامل.