أوباما: لن نتحمل وحدنا عبء مكافحة الإرهاب.. وأوروبا معرضة لاعتداء إرهابي أكثر منا

حذر من سباق تسلح في الشرق الأوسط إذا حصلت إيران على قنبلة نووية

امرأة تحاول مصافحة ساركوزي خلال ممارسته الركض في ستراسبورغ أمس (أ.ف.ب)
TT

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن على أوروبا ألا تتوقع من الولايات المتحدة تحمل عبء خوض المعركة ضد الإرهاب لوحدها، ورأى أن التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة لأوروبا أخطر من تهديده للولايات المتحدة. كما حذر أوباما من السماح لإيران بتطوير أسلحة نووية، وقال في إشارة إلى برنامج إيران النووي: «لا يمكن أن يكون لدينا سباق للتسلح النووي في الشرق الأوسط». واعتبر أوباما خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، أنه بسبب قرب قواعدها الخلفية في أفغانستان وباكستان، «فاحتمال أن تنفذ القاعدة هجوما إرهابيا على أوروبا هو أكثر واقعية (من تنفيذها هجوما مماثلا) على الولايات المتحدة». وأضاف أن «فرنسا تدرك أن عمل القاعدة في مخابئ يمكن استخدامها لـ(تنفيذ) هجمات إرهابية، لا يشكل تهديدا للولايات المتحدة فحسب، بل لأوروبا أيضا».

من جهته، أوضح ساركوزي أن فرنسا موجودة في أفغانستان لمقاتلة «الإرهاب والتطرف». وأعلن أن فرنسا التي نشرت تعزيزات عسكرية في أفغانستان العام الفائت لن ترسل المزيد، لكنه لاحظ في المقابل «إننا مستعدون لبذل جهود إضافية» على صعيد تدريب الشرطة الأفغانية، في إطار ما سماه «الأفغنة».

وأضاف ساركوزي: «نحن ندعم تماما الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان»، لكنه قال إنه لن تكون هناك تعزيزات عسكرية فرنسية إضافية. إلا أنه أضاف: «إننا على استعداد للقيام بالمزيد على صعيد الشرطة والدرك وعلى صعيد المساعدة الاقتصادية لتدريب أفغان ومن أجل أفغانستان».

وبعد أيام من الكشف عن استراتيجيته الجديدة في أفغانستان، دعا أوباما الدول الأوروبية إلى المشاركة بشكل أكبر في البلد المضطرب. وقال إن الاستراتيجية «لها عنصر عسكري، وعلى أوروبا ألا تتوقع أن تتحمل الولايات المتحدة هذا العبء لوحدها»، مضيفا «هذه مشكلة مشتركة وتتطلب جهدا مشتركا».

وقال أوباما أيضا إنه يأمل في رؤية أوروبا قوية وتتمتع بـ«قدرات عسكرية معززة»، وأضاف: «لا نسعى إلى أن نكون أسياد أوروبا، نسعى إلى أن نكون شركاء مع أوروبا. نريد حلفاء أقوياء. نريد أن نرى أوروبا تمتلك قدرات عسكرية معززة». وتابع: «بقدر ما سيكون الأوروبيون أقوياء في مجال الدفاع، سنتمكن من التحرك بصورة منسقة لمواجهة التحديات التي ينبغي أن نتصدى لها معا».

وفي إطار استراتيجية جديدة لأفغانستان، حيث يواجه الحلفاء تصعيدا في تمرد طالبان، قررت الولايات المتحدة إرسال 21 ألف عسكري إضافيا إلى هذا البلد وتعزيز مساعدتها المدنية. وتنوي عدة دول أوروبية أيضا تعزيز مساعدتها المدنية لأفغانستان. لكن العمل الأوروبي في المجال العسكري لا يزال محدودا جدا وينبغي أن يترجم أثناء قمة الحلف الأطلسي بالإعلان عن إرسال بضع مئات من عناصر الدرك للمساعدة على تدريب الشرطة الأفغانية.

وكان تصرف أوباما وديا مع ساركوزي. وقال إن الرئيس الفرنسي «لم ينقصه الخيال ولا الإبداع (..) فهو حاضر على عدد كبير من الجبهات بحيث يصعب اللحاق به» أحيانا. وأشار أوباما إلى أن قمة مجموعة العشرين في لندن حول مكافحة الأزمة الاقتصادية «ما كانت لتحقق ما حققت» من دون «الدور القيادي الاستثنائي لفرنسا». وقال ساركوزي إن بين فرنسا والولايات المتحدة «تطابق تام في وجهات النظر» حيال الكثير من الموضوعات، مشيرا أيضا إلى أنه يثمن ذهنية باراك أوباما المنفتحة.

وأضاف ساركوزي أن الولايات المتحدة وفرنسا «تشتركان في رؤية واحدة للعالم»، مبررا مرة أخرى وأمام رأي عام فرنسي مشكك، عودة باريس إلى القيادة العسكرية الجماعية في الحلف الأطلسي. وقال: «من الجيد أن يكون من الممكن العمل مع رئيس للولايات المتحدة يريد تغيير العالم».

وبعد القمة الثنائية مع ساركوزي في ستراسبورغ، عقد أوباما قمة ثنائية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في بادن ـ بادن بألمانيا، القريبة من ستراسبورغ. وقال الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي مشترك مع ميركل إنه لا يتوقع أن تضطر قوات حلف الأطلسي لدخول باكستان، لكنه قال إن الحلفاء يجب أن يبذلوا المزيد من الجهد لمساعدة إسلام أباد على استئصال الملاذات الآمنة للمتطرفين. وأضاف: «رؤيتي لباكستان لا تتصور أنشطة لحلف الأطلسي في باكستان». وكان أوباما قد شارك في لقاء مع آلاف الشبان الألمان والفرنسيين، وتلقى أسئلة منهم. وعندما وصل أوباما ترافقه زوجته ميشيل إلى ستراسبورغ، اجتمع حوله حشد كبير استقبلوه بالهتاف المرحب، وقبلته امرأة وهو في طريقه إلى عقد محادثات مع ساركوزي.

ودعا أوباما في التجمع مع الشباب في مدينة ستراسبورغ إلى عالم خال من الأسلحة النووية، وقال: «حتى على الرغم من انتهاء الحرب الباردة الآن، فإن انتشار الأسلحة النووية أو سرقة مواد نووية يمكن أن يؤدي إلى إبادة أي مدينة على كوكب الأرض». وقال وهو يشير إلى محادثات مع زعماء الاتحاد الأوروبي يوم الأحد: «في مطلع الأسبوع في براغ سوف أضع برنامجا للسعي لتحقيق هدف إخلاء العالم من الأسلحة النووية».

ولم يذكر تفاصيل أخرى، لكن تصريحاته أعقبت محادثات مع الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف في لندن يوم الأربعاء، التي اتفق فيها الزعيمان على السعي من أجل اتفاق لخفض ترسانات الأسلحة النووية التي امتلكها البلدان أثناء الحرب الباردة. وقال أوباما، وهو يتلقى أسئلة من شبان ألمان وفرنسيين بشأن قضايا تشمل الأزمة الاقتصادية، إن التوصل إلى اتفاق بشأن الأسلحة النووية سيزيد من المكانة الأخلاقية لواشنطن في تعاملاتها مع كوريا الشمالية وإيران. وبحث أيضا خطط تحسين العلاقات مع روسيا، حيث كانت توجد خلافات بين الجانبين بشأن قضايا من بينها حرب موسكو القصيرة مع جورجيا التي تطمح إلى الانضمام لعضوية حلف شمال الأطلسي.