محكمة أميركية تؤكد حق المعتقلين بأفغانستان في الاعتراض على احتجازهم

قاض فيدرالي يصدر حكما بحق 3 معتقلين في قاعدة باغرام

TT

أصدر قاض فيدرالي، أمس، حكما يقضي بأحقية 3 معتقلين بالسجن العسكري الأميركي في قاعدة باغرام بأفغانستان بالاعتراض على سجنهم أمام محكمة أميركية، الأمر الذي يطرح أول هزائم إدارة أوباما القانونية بشأن السلطة التنفيذية. واعترض جون باتس، القاضي الأميركي على قرار الحكومة، الذي كانت إدارة بوش أول من اتخذته، ثم تبنته بعد ذلك وزارة العدل تحت إدارة أوباما، ويقضي هذا القرار بأنه يمكن اعتقال السجناء في «ميدان الحرب» إلى أمد غير محدود. وأوضح باتس، في حيثيات حكمه الصادر في 53 صفحة، بأن وضع المعتقلين الثلاثة في قاعدة باغرام الجوية، الذين تم اعتقالهم في أماكن أخرى، ثم نقلتهم القوات الأميركية بعد ذلك إلى أفغانستان، «يتماثل تماما» مع وضع السجناء المحتجزين من قبل الجيش في معتقل غوانتانامو. جدير بالذكر أنه في العام الماضي، صدر حكم بالغ الأهمية للمحكمة العليا، يقضي بأحقية معتقلي غوانتانامو في المثول أمام القضاء.

ومن المحتمل أن يعقد هذا الحكم من مراجعة إدارة أوباما الحالية لسياسات المعتقلين. هذا ومن المعروف أن الرئيس أوباما كان قد انتقد إنكار سلفه لحقوق الإرهابيين المزعومين، والمعاملة التي يتلقونها. وخلال الأسبوع الأول لتوليه منصبه، أصدر قرارا بأن يتم إغلاق معتقل غوانتانامو هذا العام. وتعكف في الوقت الحالي لجنة رفيعة المستوى على دراسة ما يمكنها فعله مع المعتقلين ممن يعتبرون بالغي الخطورة، على أن يتم إطلاق سراحهم. وحتى هذه اللحظة، عمل هذا الحكم الصادر على تسكين بعض المخاوف، التي أطلقتها جماعات حقوق الإنسان بأن قاعدة باغرام ـ المعتقل السري، الذي لا تطوله عمليات المراقبة العامة بصورة عامة ـ يمكن أن يتحول إلى مقصد بديل للإرهابيين المشتبه بهم. وقال الناطق باسم وزارة العدل: إنه لم يتم اتخاذ أي قرار حتى الآن حول ما إذا كان سيتم استئناف الحكم أم لا. جدير بالذكر، أن الحكومة تبقي على أكثر من 600 معتقل في قاعدة باغرام، بالإضافة إلى أن الجيش يشيد في الوقت الحالي سجنا جديدا، من المخطط له أن يستضيف أكثر من 1000 سجين، أي ما يزيد أربع مرات على العدد الموجود فعليا في غوانتانامو. ومن المحتمل أن ينطبق هذا الحكم الصادر بالأمس على القليل من السجناء، حيث لا يشتمل على المواطنين الأفغان ومن تم أسرهم في ميدان المعركة في أفغانستان. وكتب باتس، لدى إنكاره على الحكومة رفضها الدعاوى القضائية المرفوعة من قبل المعتقلين في العاصمة الأميركية: «السبب الوحيد في أن تدع (الحكومة) هؤلاء (السجناء) هناك هو أن يكونوا في مسرح العمليات الحربية». وقضى بأن المعتقلين ـ وهما يمنيان، وتونسي ـ لديهم الحق في المثول أمام المحكمة، وذلك بناء على المبدأ القانوني الممتد منذ قرون، الذي يسمح للسجناء بأن يمثلوا أمام المحكمة لمعارضة اعتقالهم. ومن جانبهم، أثنت جماعات حقوق الإنسان، ومحامو المعتقلين، على الحكم، واعتبروه انتصارا كبيرا لجهودهم الرامية إلى ضمان المراقبة القضائية لتلك المعتقلات. وأفاد رمزي قاسم ـ محامي أحد المعتقلين: «إنه يوم عظيم للعدالة الأميركية، فاليوم، حكم قاض فيدرالي بأنه لا يمكن للحكومة أن تختطف الأفراد ببساطة وتعتقلهم بمعزل عن القانون». وأردف فقهاء قانونيون أن الرأي يعد بالغ الأهمية، لأنه عارض موقف الحكومة التي تتبناه منذ أمد طويل بأنه يمكنها اعتقال الأفراد دون أي مبرر في ميادين القتال. وقال روبرت تشيسني ـ أستاذ قانون الأمن القومي بجامعة ويك فوريست: «يثير احتمالا (في إشارة إلى الحكم الصادر) بأنه يمكن أن يكون هناك تدخل قضائي في أي مكان في العالم. وسواء كان هذا جيدا أم سيئا، فإنه ليس واضحا تماما». وأكد باتس، أن قراره بمنح حق المثول أمام القضاء للمساجين المعتقلين في قاعدة باغرام محدودا، وأنه ينطبق فقط على المعتقلين المأسورين خارج أفغانستان. ويقول محامو المعتقلين إن المعتقلين الثلاثة تم أسرهم خارج البلاد، ثم أودعوا بعد ذلك في معتقل باغرام، وأنهم قيد الاعتقال هناك منذ عام 2003 على الأقل. ومن المعروف أن أغلب معتقلي باغرام قد تم أسرهم في أفغانستان خلال القتال، لذا كان باتس حريصا على تفادي مواجهة قضايا قانونية تختص بهم. حيث كتب موضحا: «أن يتم احتجاز من تم أسرهم من محيط ميدان القتال في مكان مثل باغرام، فهذه نقرة، وأن يتم اعتقال أفراد من دول أجنبية ـ بعيدة عن أي ميدان للقتال الأفغاني ـ ثم يتم جلبهم إلى مسرح الحرب، بحيث لا يمكن للقانون أن يصل إليهم كما هو مزعوم، فهذه نقرة أخرى». وبالإشارة إلى حكم المحكمة العليا العام الماضي بخصوص معتقلي غوانتانامو، كتب باتس: «مثل هذا التسليم (أي تسليم المتهمين من دولة إلى أخرى) يبعث من جديد شبح السلطة التنفيذية غير المحدودة، التي سعت المحكمة العليا لحمايتها ضد بو مدين ـ وهو ما يثير القلق بأن السلطة التنفيذية يمكنها أن تسوق المعتقلين أنفسهم بعيدا عن القانون، واعتقالهم إلى أمد غير محدود».

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»