توقعات بأن تطلق كوريا الشمالية صاروخها اليوم.. واليابان مستعدة للدفاع عن أراضيها

واشنطن تتحدث عن «استعدادات» لمواجهة بيونغ يانغ.. وكوريا الجنوبية تتعهد برد صارم

جنديان يابانيان يحرسان بوابة أرايا في قاعدة «باك 3» العسكرية التي أعلنت فيها حالة تأهب استعدادا لإطلاق كوريا الشمالية صاروخها (أ.ب)
TT

أعلن الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك أن كوريا الشمالية قد تطلق اليوم «قمرا صناعيا» يشتبه الغرب بأنه تجربة لصاروخ بعيد المدى وتعهد برد «قوي وصارم»، فيما كررت الولايات المتحدة وحلفاؤها مطالبة بيونغ يانغ بالامتناع عن إطلاق الصاروخ. وقال الرئيس الكوري الجنوبي لصحافيين على هامش مشاركته في قمة مجموعة العشرين في لندن، إن كوريا الشمالية ستطلق صاروخها اليوم إذا كانت الظروف المناخية مواتية، وأضاف: «إذا اعتبروا أن الطقس يناسبهم فسيحصل ذلك غدا (السبت)». وكرر لي أن أي إطلاق للصاروخ سيعد انتهاكا للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على بيونغ يانغ وأنه يود أن يبعث المجتمع الدولي برسالة شديدة اللهجة لكوريا الشمالية.

وتوقعت وكالة الرصد الجوي الكورية الجنوبية طقسا غائما في نهاية الأسبوع، ولكن من دون أمطار أو رياح شديدة في أجواء موقع موسودان ري لإطلاق الصاروخ، الأمر الذي يتيح عملية الإطلاق هذه. وسبق أن أعلنت كوريا الشمالية أنها ستضع في المدار بين السبت والأربعاء «قمرا صناعيا للاتصالات» سيحلق فوق شمال اليابان. لكن الولايات المتحدة وحليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية تشتبه في أن النظام الشيوعي يحاول اختبار صاروخ بعيد المدى من طراز «تايبودونغ 2» قادر نظريا على ضرب ولاية ألاسكا الأميركية. وأعلن وزير الدفاع الياباني أمس أن بلاده «مستعدة» للدفاع عن أراضيها في حال واجهت أي خطر جراء الصاروخ. وقال الوزير ياساكازو هامادا إن قوات الدفاع الذاتي اليابانية وضعت في حال تأهب لإسقاط الصاروخ الكوري الشمالي في حال انحرف عن مساره وهدد البلاد، أو لتدمير بقايا الصاروخ التي ستسقط أرضا. وأضاف: «قمنا بكل الإجراءات الضرورية حتى نكون على استعداد (..) ولا سيما بنشر وحدات» مضادة للصواريخ.وفي ستراسبورغ بفرنسا، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما كوريا الشمالية إلى وقف الاستعدادات لإطلاق صاروخها «الاستفزازي». وقال الرئيس الأميركي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل ساعات من افتتاح قمة حلف شمال الأطلسي: «أبلغنا الكوريين الشماليين صراحة أن إطلاق الصاروخ عملية استفزازية». وشدد على أن هذا الأمر «يمارس ضغطا كبيرا جدا على المحادثات السداسية ويجب عليهم وقف إطلاقه (الكوريون الشماليون)».

وكان المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس قد قال في وقت سابق أمس إن إطلاق كوريا الشمالية المزمع لصاروخ سيكون «عملا استفزازيا» ينتهك قرارا صادرا عن مجلس الأمن الدولي.

وقال غيبس في تصريحات للصحافيين أثناء مرافقته لأوباما في جولته الأوروبية إن «استعدادات» تجرى تحسبا لمضي كوريا الشمالية قدما في إطلاق مخطط لصاروخ لكنه لم يقدم أي تفاصيل أخرى.ويقول مسؤولون أميركيون إنهم يعتزمون إحالة الأمر إلى مجلس الأمن إذا مضت عملية الإطلاق قدما. ورأى رئيس الوزراء الياباني تارو آسو أن «اختبار الصاروخ سيمس بالسلام والاستقرار في المنطقة». وأضاف اسو خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في لندن أن «إطلاق الصاروخ سيشكل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وانطلاقا من ذلك فهو غير مقبول». وتعهدت اليابان، ومثلها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الرد في شكل «حازم». وصرح السفير الياباني في الأمم المتحدة يوكيو تاكاسو بأن «اليابان ستدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث هذه القضية». ووعدت الحكومة اليابانية التي نشرت بطاريات صواريخ مضادة للصواريخ في طوكيو ومحيطها، بتدمير أي صاروخ يشكل تهديدا لأراضيها. وردت بيونغ يانغ أنها ستعتبر أي اعتراض لصاروخها بمثابة «عمل حربي»، مؤكدة أن تبني الأمم المتحدة عقوبات جديدة في حقها سيكون «عملا عدائيا» يؤدي إلى وقف المفاوضات حول تفكيك منشآتها النووية. وسواء أطلقت بيونغ يانغ قمرا صناعيا أو صاروخا، سيكون من الصعب تحديد طبيعة هذا الجسم فورا لأن العمليتين تستندان إلى التكنولوجيا نفسها. وتخشى الدول المجاورة لكوريا الشمالية تكرارا لسيناريو صيف 1998، حين أطلق نظام بيونغ يانغ صاروخا بعيد المدى من طراز «تايبودونغ 1» حلق فوق أجزاء من اليابان قبل أن يسقط في المحيط الهادي. وتسببت كوريا الشمالية بأزمة دولية أخرى حين أطلقت في الرابع من يوليو (تموز) 2006، أي يوم العيد الوطني الأميركي، سبعة صواريخ أحدها من طراز «تايبودونغ 2»، انفجر بعد أربعين ثانية من إطلاقه. وبادر مجلس الأمن الدولي في 15 يوليو (تموز) 2006 إلى إصدار قرار بالإجماع يدين كوريا الشمالية. وتخوض كوريا الشمالية منذ ستة أعوام مفاوضات سداسية شاقة مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان والصين وروسيا بغية تفكيك منشآتها النووية في مقابل حصولها على مساعدة اقتصادية وضمانات أمنية. لكن العملية التفاوضية تعثرت منذ أشهر عدة على خلفية تفاصيل التحقق من تفكيك تلك المنشآت.

ونقلت وكالة أنباء رويترز عن محللين أن عملية الإطلاق تساعد زعيم كوريا الشمالية كيم جونج ايل على حشد الدعم بعدما اشتبه بإصابته بجلطة في أغسطس (آب)، مما أثار تساؤلات حول مدى إمساكه بزمام السلطة في البلاد كما أنها تعزز قبضته في استخدام التهديدات العسكرية للحصول على تنازلات من القوى العالمية. وقال العديد من الدبلوماسيين في مجلس الأمن الدولي اشترطوا عدم ذكر أسمائهم لرويترز، إنه لا يوجد أحد يفكر في فرض عقوبات جديدة على عملية الإطلاق لكن نقطة الانطلاق قد تكون مناقشة إصدار قرار بتشديد تنفيذ عقوبات سابقة على الشمال.

وقال محللون إن الصين التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، وهي أقرب ما يمكن أن تعتبره بيونغ يانغ حليفا كبيرا، ستعرقل على الأرجح أي عقوبات جديدة أو محاولات لتشديد تنفيذ القرارات الصادرة ضد بيونغ يانغ والتي من المفترض أن توقف معظم مبيعات السلاح وتصدير الكماليات. إلى ذلك، حثت كوريا الجنوبية رعاياها أمس على إلغاء رحلاتهم إلى كوريا الشمالية. وأعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أنها عززت إجراءات المراقبة قبل إطلاق الصاروخ، وحثت وزارة التوحيد التي تتولى شؤون الحدود بين الكوريتين، المجموعات والأفراد على تجنب زيارة كوريا الشمالية اعتبارا من اليوم. ويتوجه مئات الكوريين الجنوبيين عادة بشكل يومي إلى منطقة صناعية مشتركة.