نساء البصرة يفضلن تشغيل الخادمات الآسيويات.. وسط شكاوى من المحليات

إحداهن: المحلية تتعفف.. أما الأندونيسية فتقوم بكل الأعمال وتعلمنا اللغة الإنجليزية

عاملة آسيوية في أحد بيوت البصرة («الشرق الأوسط»)
TT

بات المجتمع النسائي في محافظة البصرة، ثاني اكبر المحافظات العراقية، منشغلا هذه الأيام بالحديث عن تشغيل العاملات الآسيويات للخدمة في البيوت، ويتناقلن ما تتصف به العاملات من هدوء وأمانة ودقة في تنفيذ الواجبات المنزلية، الى الحد الذي يرى فيه البعض ان العاملات حاجة اجتماعية مهمة لا سيما للسيدات اللواتي يعملن لأوقات طويلة كالطبيبات، فيما يعتبر آخرون وجودهن دليلا على الترف الاجتماعي ووفرة النعمة.

وقالت كفاح محسن، موظفة مصرفيه، لـ«الشرق الأوسط» «كنت مترددة في البداية في استقبال امرأة آسيوية في بيتي، وبعد سماع نصائح بعض العاملات معي وتجربتهن في تشغيلهن لأكثر من ثلاثة أشهر، شجعني ذلك باستقدام أحداهن، وهي امرأة أندونيسية في منتصف العمر مضمونة من صاحب احد مكاتب التشغيل، وكل ما علي تقديمه لها هو راتب شهري قدره 200 دولار وغرفة للسكن، إضافة الى الطعام والملابس واحتياجات شخصية».

وأضافت كفاح ان العاملة «تقوم بواجبات البيت ورعاية الأطفال وحتي التسوق من حوانيت المنطقة، وان كانت لغتها العربية ضعيفة، لكنها تستطيع التفاهم بها، إضافة الى إجادتها اللغة الانجليزية التي بدأ كل افراد العائلة تعلمها منها».

وحول ارتفاع أجور العاملات الآسيويات مقارنة بالعراقيات، قالت كفاح «لو أجرينا حساب التكاليف على ضوء أجور دور الحضانة الخاصة للأطفال، رغم قلتها وابتعادها ومحدودية ساعات مكوث الأطفال فيها، وتكاليف وجهد غسل وكي الملابس وتنظيف المسكن وتنظيم الغرف والطهي والتسوق وخدمة الضيوف، فهي مناسبة»، وأشارت الى ان «النساء العراقيات بعضهن يتعففن من العمل بوظيفة خادمة في البيوت، إضافة الى عدم اتقانهن أعمال المنزل بشكل حضاري، والمخاوف من عدم أمانتهن ومن أميتهن وجهلهن والخشية من انتقال عاداتهن ومفردات أحاديثهن المختلفة الى الأطفال». ويرى حمزة الساعدي، متعهد تنظيف، ان «عمله يحتم عليه تشغيل من 15 الى 20 عاملا بشكل يومي لتنظيف المستشفيات والدوائر والفنادق الكبيرة التي تعلن في بداية كل عام مناقصات تنظيف الأبنية، وقد لجأت منذ الشهرين الماضيين الى تشغيل مجموعة من العمال الهنود لقلة اجورهم، اذ يتقاضى كل عامل مائة دولار شهريا، ناهيك عن قبولهم بالطعام البسيط والمأوى المتواضع، في المقابل فإن لهم خبرة بالتنظيف الجيد، خاصة الحمامات والمرافق الخدمية، على النقيض من العمال المحليين، الذين لا يقبل منهم مثل هذه الأعمال الا كبار السن، حيث يقضون معظم أوقاتهم بالحديث عن الأوضاع السياسية وأخر أخبار العالم». من جهتها، قالت سلوى باجي (41 عاما) عاملة سريلانكية بعد ان استأذنت من مخدومتها، لقد «حصلت على العمل في البصرة مع اثنتين من قريباتي بعد ان خدمنا عدة اعوام في دول الخليج، ونريد ارسال معظم المبالغ التي نتقاضاها الى اهلنا، وهم بحاجة كبيرة»، واشارت الى ان «العراقيين يحترمون العاملة ولا يسيئون اليها ويخصصون جزءا من طعامهم لي وليس العيش على بقايا الموائد، كما اهدت لي سيدة البيت بعضا من الملابس الجميلة التي اجريت عليها بعض التغيير كي تلائمني». وفي كلية طب الأسنان بجامعة البصرة تشتغل مجموعة من العمال الهنود في تنظيف القاعات الدراسية والإدارة والمرافق الخدمية للمبنى، وقال محمد رمزان (39 عاما) وهو عامل هندي قدم الى البصرة قبل شهرين من اربيل «اعمل مع مجموعة من رفاقي في المحافظات الشمالية منذ أكثر من ستة أعوام، ونخشى العمل في بغداد والجنوب لكثرة أعمال العنف، وبعد الاستقرار تشجع البعض الى القدوم الى هنا لوجود طلب على تشغيل الهنود»، معربا عن ارتياحه «للتعامل الإنساني من المشرفين العراقيين».   من جانبه، قال أنور جاسب، صاحب شركة توريد عماله اجنبية، ان «عمل هذه الشركات وان بدت جديدة في العمل التجاري الا أنها معروفة عالميا، خاصة في دول الخليج العربي، ولكل شركة وكلاء وعملاء في عدد من الدول الآسيوية».

وعن كيفية توفير العمالة المطلوبة، خاصة العاملات في المساكن قال جاسب ان «أكثر زبائن الشركة هم من المدرسين بالجامعة وكبار الموظفين والطبيبات والصيدلانيات ونساء رجال الأعمال ويتم تحدد مواصفات الخادمة المطلوبة، وبعد ان يكون العدد مشجعا أي ما بين 20 و30 عاملة وبعد استلام التأمينات المطلوبة يتم الاتصال بالمكاتب اما في اربيل او دولة الكويت، حيث يتم تسفيرهن بشكل أصولي ويتم توزيعهن على العوائل بشكل طبيعي».

الى ذلك، تشير المعطيات بالمحافظة الى ان تزايد الأيدي العاملة الأجنبية لن يرضي نقابات العمال المدعومة من الأحزاب وآلاف الشباب من العاطلين عن العمل. وقال الدكتور عباس الشرع، أستاذ الاقتصاد بجامعه البصرة، ان عملية «دخول العمال الأجانب رغم أنها تأتي في إطار التحرر غير المدروس للاقتصاد، لكنها ستقلص فرص العمل أمام العمالة المحلية، وتخلق مشاكل اجتماعية عديدة سيما أن العملية الاقتصادية في العراق هي عملية غير منتجة لفرص العمل».