منظر الجماعة الإسلامية: كامب ديفيد رغم سلبياتها كانت أفضل المتاح أمام مصر

مرشد الإخوان رفض التعليق قائلا: لا أريد الخوض في «المهاترات»

TT

في تغير لافت من المتوقع أن يثير جدلا كبيرا، قال منظر الجماعة الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم إن اتفاقية «كامب ديفيد» (الموقعة بين مصر وإسرائيل) رغم سلبياتها كانت أفضل المتاح أمام مصر. ويصطدم الرأي الأخير الذي أعلنه إبراهيم، مع بديهيات الحركة الإسلامية في مصر التي ترفض الصلح مع إسرائيل أو حتى الاعتراف بها، حيث رفضته جماعة الإخوان المسلمين، لكن مرشدها رفض التعليق بالقول «لا أريد الخوض في المهاترات»، ومن جانبه قال نائبه الأول الدكتور محمد حبيب إن اتفاقية كامب ديفيد مرفوضة من الجماعة وتصر على طرحها في استفتاء عام على الشعب المصري.

وقال حبيب لـ«الشرق الأوسط» ردا على الموقف الأخير لمنظر الجماعة الإسلامية: «هم مسؤولون عن بياناتهم أمام الله وأمام أنفسهم وأمام الأمة وأمام التاريخ». وقال منظر الجماعة في بيان له نشر على الموقع الرئيسي للجماعة الإسلامية حمل عنوان «كامب ديفيد في فكر داعية.. في شبابه وشيخوخته»: «تبين بعد سنوات طويلة من البحث والدراسة أن كامب ديفيد رغم سلبياتها الكثيرة إلا أنها كانت أفضل المتاح أمام مصر وقتها.. وأن مصر بظروفها المحلية والإقليمية والدولية لن تستطيع أن تعيش باستمرار في حالة حرب متصلة مع إسرائيل.. وأنها لا تملك القدرة العسكرية ولا السياسية أو الاقتصادية لتحرير فلسطين كلها.. وأنها لم تسع في حرب من حروبها لتحرير فلسطين». وحدد إبراهيم، الذي حرص على الإشارة إلى أن موقفه الجديد موقف شخصي، 3 أسباب دفعته للتراجع عن موقفه، خاصة بعدما أشار إلى أن الجماعة الإسلامية كانت من أوائل المعارضين لها مع كل أطياف الحركة الإسلامية، وكذلك كل فصائل المعارضة السياسية في مصر وقتها.

وأشار إبراهيم إلى أن السبب الأول هو أن الشريعة الإسلامية أباحت الصلح مع المسلمين وغير المسلمين.. سواء يهود أو نصارى أو بوذيين.. وأي ملة مهما كانت، مشيرا إلى أن ما يظنه بعض شباب الحركة الإسلامية من السبعينات وحتى اليوم بعدم جواز الصلح مع اليهود أو غيرهم هو كلام سياسي ولا يمت للفقه الإسلامي بصلة. وأوضح إبراهيم أن السبب الثاني، يكمن في أن الضابط في الصلح مع أي عدو من اليهود أو غيرهم من أي ملة هو تحقيق أكبر قدر من المصلحة الشرعية للأوطان المسلمة، ولذا أجاز الفقهاء الصلح حتى على الشرط الجائر ما دام ذلك يصب في مصلحة للإسلام والمسلمين ويحققها.

وشدد إبراهيم على أن اتفاقيات الصلح إنما تعبر عن واقع كل قوة على الأرض.. ولا تعبر عن حق وباطل.. وهناك فرق بين الحق المطلق وبين ما يفترضه الصلح على الأطراف.. أي أن هناك فرقاً بين المشروعية الدينية للأمور.. والمشروعية الواقعية.

وقال: «احتلال إسرائيل لفلسطين غير مشروع من الناحية الدينية.. ومن ناحية الحلال والحرام.. ولكنه أمر واقع.. وتعاطيك مع هذا الواقع لا يمنحه المشروعية الدينية.. وإقرار الدولة بوجود إسرائيل كدولة في إحدى المعاهدات هو إقرار للواقع وليس بيانا لحكم شرعي.. وهو يختلف عن الإقرار الشرعي الديني.. وهذا يحل الإشكالية التي تتولد لدى الشباب المسلم الذي يتخبط في هذا الأمر. وأشار إلى أن السبب الثالث، هو أن غياب فقه الموازنات عند التعامل مع الواقع كان هو الدافع الأساسي لرفضها ( اتفاقية «كامب ديفيد») بصورة تامة ومجملة، فأذهان الشباب المتحمس ونفوسهم المتطلعة نحو الكمال والمثالية لا تحتمل حدوث صلح فيه أي نوع من الهضم أو الظلم للمسلمين».

وقال إبراهيم: من السهل جدا المطالبة بإلغاء اتفاقية أو هدم صلح، فتلك النداءات التبسيطية تدغدغ عواطف الكثيرين، وتجد لها صدى جميلا في نفوسهم، ولكن من العسير الصعب أن يتحمل قائد ما عبء التفاوض مع أعدائه ومحاولة اقتناص مصالح أمته وأوطانه قدر المستطاع، ولو كان ذلك القدر اليسير الذي يحققه لا يرضي غرور الكثيرين من أبناء وطنه وأمته. ومن جانبه أبدى القيادي عصام دربالة عضو مجلس شورى الجماعة تأييده للتأصيل الفقهي الذي اعتمده ناجح إبراهيم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: أتفق معه في النتيجة، فخيار التحرك العربي الجماعي غير متحقق في ذلك الوقت، واضطر السادات للتحرك منفردا، والآن العرب تحركوا نحو السلام مع إسرائيل ومنهم الفلسطينيون. وتعجب الدكتور ضياء رشوان الباحث السياسي والمحلل في شأن الجماعة الإسلامية من الموقف الأخير لقادتها، وقال: «هذا كلام غريب»، حتى لو بني على قاعدة تحقيق أكبر قدر من المصلحة الشرعية للأوطان المسلمة، ثبت عكس هذا الكلام والدليل، حروب لبنان وعمليات إسرائيل العسكرية في غزة والأراضي الفلسطينية.