دبلوماسي إسرائيلي لـ«الشرق الأوسط»: نتنياهو حائر ما بين المسار السوري والتوجه نحو تسوية شاملة

وضع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في موقع متأخر من قائمة اهتماماته

TT

قال دبلوماسي إسرائيلي كبير يعمل في المحيط الحكومي في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد/القديم، بنيامين نتنياهو، يتعرض لضغوط كبيرة من الخارج كي لا يهمل مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية على أساس مبدأ «دولتان للشعبين»، ولكنه ينوي الالتفاف على هذا المبدأ والتوجه نحو شيء جديد قد يكون مفاجئا. وهو حائر اليوم ما بين تفضيل المسار السوري وبين التوجه إلى مفاوضات حول تسوية إقليمية شاملة، تنهي الملفات الثلاثة: السوري واللبناني والفلسطيني.

وشرح هذا المسؤول حيرة نتنياهو قائلا: «واضح أن الوضع الفلسطيني لا يتيح أية فرصة للتفاوض الجاد حول مستقبل الشعب الفلسطيني.. والفلسطينيون مختلفون.. لا أحد يستطيع الكلام باسم الشعب الفلسطيني ولا التوقيع على اتفاق سلام حتى لو توصلنا إليه. وإذا وجد من يوقع فإنه سيكون على إسرائيل أن تفاوض الأطراف الأخرى وتتنازل لها، وإلا فإنها ستواصل الحرب. لذلك، جاء التفكير في إنهاء الملف السوري، فهو يعرف ما الذي تطلبه سورية مقابل السلام. وكان في حكومته الأولى (1996 ـ 1999) قد قطع شوطا طويلا في المفاوضات مع الرئيس الراحل حافظ الأسد. فإذا استطاع التقدم في المفاوضات أو التوصل إلى سلام مع سورية، فإن مكاسب كبرى ستتحقق في أكثر من اتجاه، وستضعف القوى التي تحارب إسرائيل، خصوصا حماس وأمثالها.

أما المفاوضات الإقليمية فهي مبنية على «نصيحة قدمها لنتنياهو رئيس الدولة شيمعون بيريس». وأضاف المسؤول الإسرائيلي قائلا: إن بيريس يرى في مبادرة السلام العربية أفضل مخرج للمفاوضات من أزمتها.. فهي تتحدث عن سلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي.. وفي المفاوضات على أساسها نتجنب الدخول في متاهات الصراعات الداخلية الفلسطينية.. ولكن المشكلة أن نتنياهو لم يؤيد هذه المبادرة حتى الآن، وفي الوقت نفسه لم يهاجمها.. وهو يفتش عن سبيل للتعاطي مع مضمونها من دون الالتزام بها بشكل رسمي. بيد أن المشكلة لدى نتنياهو لا تقتصر على الخارج، إنما تتعلق أيضا في ائتلافه الحاكم. فوزير خارجيته، ليبرمان، قال فقط قبل ثلاثة أيام، إنه يقترح على سورية سلاما مقابل سلام، أي من دون الانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة.

المعروف أن نتنياهو أعد لنفسه برنامجا لأول 100 يوم من حكمه، حاول خلاله وضع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في موقع متأخر من اهتمامه. فهو، حسب مصادر مقربة منه، يضع نصب عينيه قراءة بروتوكولات المحادثات التي أجريت مع السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس في زمن حكومة إيهود أولمرت، في إطار إعادة النظر في هذه المفاوضات من جديد. وسينظر أيضا في ملفات التفاوض مع حماس حول التهدئة وصفقة تبادل الأسرى.

وتضيف هذه المصادر بأن نتنياهو سيفاجئ العالم بسلسلة خطوات معتدلة في القريب، وسيعلن التزامه بقرار الحكومتين السابقتين تجميد البناء الاستيطاني وإزالة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، وتقديم تسهيلات لحركة المرور الفلسطينية، وإزالة عدد إضافي من الحواجز العسكرية. ولكنه في الوقت نفسه سيسعى إلى زيادة الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، وسيمتنع عن تأييد التسوية على أساس الدولتين.

وكان قائدان أوروبيان آخران، هما: المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، قد اتصلا برئيس الوزراء نتنياهو لتهنئته على تسلمه رسميا منصبه كرئيس حكومة. وراح كل منهما يحثه على القبول بمبدأ «دولتان للشعبين»، مؤكدين أن عليه أن يرى الصورة الشاملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتأثيره على المنطقة والعالم، وأن مصلحة كل دول الغرب هو أن ينتهي هذا الصراع بطريقة إيجابية تفضي إلى سلام. وقالت مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن السفارات الإسرائيلية في الخارج ترسل التقارير عن مشاعر القلق التي تنتاب دول الغرب بسبب تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، وتتساءل عن مستقبل العملية السلمية في ضوء هذه التصريحات، وتوجه استفسارات عديدة حول سياسة الحكومة الجديدة، وحول تأثير انضمام حزب العمل برئاسة إيهود باراك إلى هذه الحكومة، وهل يمكن أن يكون فاعلا لجعلها سياسة معتدلة. وينتظر المراقبون في الغرب نتائج الزيارة التي سيقوم بها نتنياهو إلى الولايات المتحدة في مطلع الشهر المقبل، ويتابعون خطوة خطوة ما يسبقها من تحضيرات سياسية.

يذكر أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو تلتئم، صباح اليوم الأحد، لأول مرة في جلستها العادية. ومع أنها ستخصص بطبيعة الحال للأمور الإجرائية بالأساس، إلا أن المراقبين يتابعونها ويتوقعون أن يطلق نتنياهو تصريحات تتعلق بالمواقف الغربية.