خطة غوغل للكتب «المهجورة».. تواجه العرقلة

قد تحولها إلى مصدر رئيسي للإصدارات الرقمية من الكتب القديمة والجديدة

TT

تمتلئ الأرفف المتربة في مكتبات الجامعات الكبرى والمكتبات البحثية، بكتب هجرها المؤلفون والناشرون. لم تطبع هذه الكتب بعد، ومع أنها لا تزال تتمتع بحقوق طبع، فإن أصحاب هذه الحقوق غير معروفين أو لا يمكن الوصول إليهم في بعض الحالات. وفي الوقت الحالي، يحتمل أن تحصل الملايين من هذه الكتب على وصي قانوني جديد، حيث تقوم غوغل بمسح صفحات هذه الكتب وغيرها في إطار خطتها لتأسيس مكتبة ومحل تجاري لبيع الكتب الرقمية، على نحو غير مسبوق، لأجهزة الكومبيوتر في أرجاء الولايات المتحدة. ولكن يشكو عدد متنام من أن تسوية واسعة الأثر لقضية رفعها ناشرون ومؤلفون ضد غوغل يمكن أن تعطي الشركة صلاحيات كبيرة بدرجة مبالغ فيها على هذه «الأعمال المهجورة». ويقول هؤلاء المنتقدون إن التسوية، التي تنتظر موافقة المحكمة، سوف تعطي غوغل حقوقا استثنائية لنشر الكتب على الشبكة الإلكترونية ولجني أرباح من ذلك. ويخطط بعض الأكاديميين والمؤسسات لرفع مذكرة قانونية اعتراضا منهم على ذلك وعلى أجزاء أخرى في التسوية خلال الأسابيع المقبلة، قبل قيام قاض فيدرالي بمراجعتها في يونيو (حزيران). وعلى الرغم من أن معظم الكتب المهجورة غير مشهورة، لكنها بصورة مجملة لها قيمة هامة، فهي تتضمن مساحة كبيرة من أدب ومعارف القرن العشرين. وثمة صعوبة في تحديد أي من الكتب تعتبر كتبا مهجورة، ولكن يقول المتخصصون إن الكتب المهجورة تمثل معظم ما لدى بعض المكتبات الكبرى. ويقول المنتقدون إنه دون الكتب المهجورة، فإنه لن يمكن لأي منافس أن يجمع المكتبة الإلكترونية الشاملة التي تسعى غوغل إلى تكوينها، ما يعطي الشركة مقدارا من النفوذ أكبر من أي وقت مضى على المعلومات الرقمية. ويقولون إنه دون وجود منافس ستتمكن غوغل من فرض رسوم كبيرة على الجامعات وعلى الآخرين للوصول إلى قاعدة البيانات الخاصة بها. ويقول روبرت دارنتون، رئيس نظام المكاتب في جامعة هارفارد، إن التسوية «تشمل القدر الأكبر من الكتب في مكتبات البحث وتجعلها في قاعدة بيانات وحيدة من حق غوغل، وسيكون غوغل كيانا محتكرا». وتدافع غوغل، التي قامت بمسح أكثر من 7 ملايين كتاب من مقتنيات المكتبات الكبرى على نفقتها الخاصة، بحماس عن هذه التسوية، وتقول إنها سوف تعود بالنفع الأكبر على الجمهور الأوسع، مشيرة إلى أن الآخرين يمكنهم القيام بصفقات شبيهة. ويقول ألكسندر ماكجيليفري، وهو محامي غوغل الذي قاد مفاوضات التسوية مع رابطة المؤلفين والناشرين الأميركيين: «تتيح هذه الاتفاقية الوصول إلى الكثير من هذه الكتب التي يصعب الوصول إليها، وسيكون ذلك رائعا بالنسبة لغوغل وبالنسبة للمؤلفين والناشرين والقراء». ويوافق معظم المنتقدين ـ ومن بينهم متخصصون في حقوق الطبع وأكاديميون ضد الاحتكار وبعض أصحاب المكتبات ـ على أن المواطنين سوف يجنون منافع من ذلك. ولكنهم، يقولون إن الآخرين يجب أن يكون لديهم حقوق في الأعمال المهجورة. كما أنهم يعارضون ما يقولون إنه يصل إلى إعادة صياغة لقواعد حقوق الطبع للملايين من النصوص، عن طريق صفقة خاصة وليس عن طريق تشريع. ويقول بريستر كال، مؤسسة «أوبن كونتنت ألاينس» التي تسعى إلى تأسيس مكتبة رقمية: «إنهم يقومون بالتحايل على عملية التشريع». وتتشكل معارضة للاتفاقية التي تأتي في 134 صفحة، والتي أعلن عنها الطرفان في أكتوبر (تشرين الأول) في الوقت الذي تتضح فيه تداعياتها شيئا فشيء. ومن بين المؤسسات التي تخطط للإعراب عن مخاوفها لدى المحكمة، رابطة المكتبات الأميركية ومعهد قانون المعلومات والسياسات في كلية نيويورك للقانون ومجموعة من المحامين يتزعمهم الأستاذ تشارلس نيسون من كلية هارفارد للقانون. ولم يتضح بعد ما إذا كان أي من التنظيمات سوف يعارض التسوية برمتها. وتدافع تنظيمات، تمثل ناشرين ومؤلفين رفعوا قضية ضد غوغل في عام 2005 أمام محكمة المقاطعة الفيدرالية للمقاطعة الجنوبية بنيويورك نيابة عن أعضائهم، عن التسوية، وكذا الحال من جانب بعض أمناء المكتبات في الجامعات الكبرى. ويقول ريتشارد سانوف، الرئيس السابقة لرابطة الناشرين الأميركيين والرئيس المشارك لوحدة برتلسمان الأميركية، الشركة الأم لراندم هاوس: «ما نحن بصدد تأسيسه هو وسيلة تساعد على الوصول إلى العديد من المواد التي كانت تضيع بالضرورة في عدد قليل من المكتبات الكبرى».

وتقول الدعوى القضائية إن قيام غوغل بعرض مقتطفات من الكتب التي لها حقوق طبع في نتائج البحث يعد انتهاكا لحقوق الطبع. وتصر غوغل على أن ذلك يحميه نصوص الاستخدام النزيه المدرجة في قانون حقوق الطبع. وتتيح التسوية، التي تغطي جميع الكتب التي تحميها حقوق الطبع في الولايات المتحدة، لغوغل أن توسع ما يمكن أن تقوم به مع النسخ الرقمية من الكتب سواء كانت كتبا مهجورة أم لا. وسيسمح لغوغل أن تعرض على القراء في الولايات المتحدة ما يصل إلى 20 في المائة من معظم الكتب التي لها حقوق طبع، وستبيع غوغل الحق في الوصول إلى الكتب كاملة للجامعات وغيرها من المؤسسات. وسيكون للمكتبات العامة الحق في الاطلاع على النصوص كاملة مجانا عن طريق كومبيوتر واحد، وسيمكن للأفراد شراء الحق في الإطلاع إلكترونيا على بعض الكتب. وسوف يتم تقاسم العوائد من البرنامج، بما في ذلك عوائد الإعلانات من خدمة البحث عن الكتب على غوغل، حيث سوف تحصل غوغل على ما نسبته 37 في المائة فيما يحصل الناشرون والمؤلفون على الباقي. وستعمل غوغل على تأسيس سجل لحقوق الكتب، يديره المؤلفون والناشرون، لإدارة الحقوق وتوزيع المدفوعات. ويتاح للمؤلفين عدم المشاركة في هذه التسوية أو إزالة الكتب الفردية من على قاعدة بيانات غوغل. وتقول غوغل إنها تتوقع أن تتراجع كمية الكتب المهجورة عندما يعلم المؤلفون عن التسجيل ويطلبون كتبهم.

* خدمة «نيويورك تايمز»