غيتس ينوي إحداث تغييرات كبرى في ميزانية الدفاع الأميركية غداً

سيعلن عن خفض في نظم الحروب المستقبلية وبرامج الاتصال عبر الأقمار الصناعية

TT

من المتوقع أن يكشف روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي غداً عن خطة إعادة هيكلة عشرات البرامج الدفاعية الرئيسة التي تأتي ضمن خطة الرئيس أوباما لتحويل الإنفاق العسكري من الاستعدادات لحرب واسعة النطاق ضد خصوم تقليديين إلى برامج محاربة الإرهاب، التي يتوقع غيتس وآخرون أن تهيمن على نزاعات الولايات المتحدة خلال العقود القادمة.

ويقول مساعدو غيتس إن خطته ستزيد من الإنفاق على بعض البرامج، في حين تستقطع كميات أكبر من مشاريع أخرى من بينها بعض تلك البرامج المتعلقة بالدوائر القوية في كابيتول هيل والمتعاقدين ذوى النفوذ، جاعلا من بيانه يوم الاثنين إشارة بدء لأسابيع من النقاشات القوية داخل البنتاغون، أكثر منها نهاية حاسمة لها.

ومن بين البرامج التي يتوقع أن تشهد خفضاً كبيراً في الإنفاق نظام الحرب المستقبلية للجيش (آرمي فيوتشر كومبات سيستمز) والذي يتكون من شبكة من المركبات المتصلة بتقنية اتصالات عالية والتي شهدت أعطالا فنية وتأخيرات مع ارتفاع تكلفتها إلى 150 مليار دولار، وهو ما جعلها أكثر المشاريع العسكرية تكلفة بالنسبة للجيش الآن. وأشارت مصادر صناعية، وفي الإدارة، إلى أن غيتس يفكر أيضاً في خفض 20 مليار دولار من برامج الاتصال عبر شبكة الأقمار الصناعية وخفض عدد حاملات الطائرات من 11 إلى 10، كما ينوي التخلص من عدد من عناصر مشروع الدفاع الصاروخي الذي يجري على مدار عقود والتي تشكل عبئاً على الميزانية أو التي تعتبر غير فاعلة. لكنهم أوضحوا أن بعض التفاصيل لم يكشف عنها بعد. وقال جيوف موريل، المتحدث باسم غيتس، والذي رفض تقديم تفاصيل: «إنه يعيد تشكيل الميزانية بصورة استراتيجية» وأشار إلى أن الوزير يخضع كل برامج وزارة الدفاع للتدقيق، خاصة تلك التي تشكل عبئاً على الميزانية أو تلك التي تأخرت عن مواعيدها، ونأمل في أن تكون المحصلة النهائية ميزانية أكثر دقة تعكس الأولويات الاستراتيجية للرئيس». وكان غيتس قد أشار منذ شهور مضت إلى أن موارد البنتاغون تصرف في غير محلها، لكن موافقته على زيادة الميزانية التي تبناها الرئيس أوباما تمثل تراجعاً مفاجئاً. وفي أواخر عهد إدارة الرئيس بوش، أشار إلى أن ميزانية الخدمة العسكرية لعام 2010 والتي تقدر بحوالي 60 مليار دولار تنفق بعيداً عما كان البنتاغون قد أوصى به في وقت سابق. وسوف تعمل التمويلات الجديدة على المسارعة في عملية إنتاج السفن والطائرات والمركبات العسكرية والدفاعات الصاروخية.

وقد أصبح المشروع معروفاً بين المحللين بـ «التراب السحري» لغوردون إنجلاند بعد أن ساهم مساعد وزير الدفاع في صياغتها. ويشير الاسم إلى اللمسة السحرية الضرورية للفوز بزيادة قدرها 14% وسط هذا الكساد الذي يشهده العالم.

وعلى الرغم من الأوامر التي وجهها مكتب الإدارة والميزانية في أبريل (نيسان) الماضي إلى الوزارات الحكومية بعدم تقديم خطط يمكن أن تسبب أزمة للإدارة المقبلة، إلا أن غيتس حصل على إذن بتقديم مقترحه لفريق أوباما الانتقالي.

وقد وافق الرئيس بدلا من ذلك على زيادة قدرها 4% في نفقات الدفاع، حيث يتولى غيتس، الذي قرر أوباما أن يحتفظ بمنصبه كوزير للدفاع، مسؤولية إعادة تحديد الأولويات العسكرية من خلال إنفاق مصغر محدود أكثر من الذي دعمه من قبل.

وقال أحد كبار المسؤولين، ممن هم على صلة بالعملية، إن ذلك التحول لم يكن سهلا. وقد تعرض غيتس للمزيد من الانتقادات الداخلية، عندما تغيب عن الاحتفالات بالذكرى الستين لقيام الناتو خلال عطلة الأسبوع لتقديم أفكاره للرئيس أوباما يوم الاثنين.

وكان العديد من الخبراء قد أشاروا إلى أن خطة ميزانية البنتاغون التي قدمت العام الماضي كانت محاولة لإرغام الإدارة الجديدة والعمل وفق قواعد أعباء الخدمة العسكرية التي فرضت الزيادة في السنوات الأخيرة لميزانية الدفاع والتي تضاعفت منذ عام 2001. وتتجاوز ميزانية عام 2009 الكلية التي تقدر بـ 513 مليار دولار ـ لا تشمل في ذلك تكلفة حربي العراق وأفغانستان ـ الميزانيات العسكرية لأعلى إنفاق لخمس وعشرين دولة بعد الولايات المتحدة.

وقال ديفيد بيرتيو، المسؤول السابق بالبنتاغون في عهد ريغان وجورج بوش: «كان التوقيت وحجم العرض الكبير الذي قدمه غيتس بصورة مبدئية إلى الفريق الانتقالي «يعتبر استفزازياً».

بينما أشار أحد مسؤولي البنتاغون الحاليين الذي لم يكن راضياً عن المخصصات السابقة: «إنها تلقي الضوء على الشؤون الداخلية في الوزارة: على ثقافة زيادة الموارد وجعل ذلك المعيار الأساسي للوضع الأفضل». وقد تحدث ذلك المسؤول وعدد من المسؤولين الآخرين شريطة عدم ذكر أسمائهم لأنهم لم يصرح لهم بالحديث إلى الصحافة عن الميزانية.

وقد بدأت جهود الفوز بالدعم السياسي لزيادة مخصصات الإنفاق العسكري، في مارس (آذار) 2008 من خلال أول الطلبات التي قدمت إلى الرئيس السابق جورج دبليو بوش من رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مايك مولن. وخلال اجتماعاته مع الرئيس بوش في شهر يوليو (تموز) حث على ضرورة أن يشكل الإنفاق العسكري 4% على الأقل من الإنتاج المحلي الإجمالي.

كان موقف مولن نابعاً من اعتقاده بأن الولايات المتحدة أنفقت مبالغ مناسبة على الدفاع قبل عام 1994 عندما أمر الرئيس كلينتون بخفض تلك النسبة. ولا يرى مولن ضرورة أن تكون نسبة الأربعة في المائة «ثابتة ولكنها بداية جيدة على الأقل». وذلك على حد قول الكابتن جون كيربي، المتحدث باسم البحرية.

كانت المجموعة التي يترأسها إنجلاند مساعد وزير الدفاع والجنرال البحري جيمس كارترايت، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة قد وافقت على التفاصيل الخاصة بخطة ميزانية الخدمة العسكرية، والتي خصص ما يقرب من نصفها لما قيل إنه الإنفاق على ما يسميه الجيش «الوجود الملح» في الخارج لتتضمن 10 لواءات مقاتلة تتلقى تكاليف باهظة. وقال مسؤول البنتاغون الذي دعم الخطة: «من المتوقع أن تنشر قواتنا في العالم في المستقبل القريب».

إضافة إلى سعيهم للحصول على ميزانية بحوالي 584 مليار دولار للعام المقبل، طالبت المجموعة بمئات الملايين من الدولارات للإنفاق الإضافي على مدار خمس سنوات. وتعكس نظرية «التراب السحري» حقيقة أنهم عندما قدموا الخطة، أدرك الكثير من المسؤولين أن فرص الموافقة عليها كانت ضعيفة جداً.

على الرغم من أن غيتس لم يقم بقيادة تلك الجهود، إلا أنه أصر على أن تجهز النتائج بحلول يوم الاقتراع ـ كانت مبكرة جداً عما تم القيام به خلال الإدارة السابقة ـ ثم حصل بعد ذلك على إذن بتقديم اقتراحه إلى فريق أوباما الانتقالي بشأن النتائج. وقال موريل إن غيتس لم يكن يحاول «إجبار أو الضغط على الإدارة الجديدة، لكنه قدم المعلومات كمحادثة عادية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»