الجزائر تنتخب رئيسها.. وإعلانات تهنئة أجنبية لبوتفليقة قبل صدور النتائج

وزير الداخلية يؤكد شفافية الاقتراع.. ويعيب على منافسي الرئيس «تجاوزات لفظية»

جزائريان يسيران، وثالث جالس، قرب ملصقات إعلانية للمرشحين أمس عشية انتخابات الرئاسة في الجزائر العاصمة (ا.ب)
TT

يتوجه الجزائريون إلى صناديق الاقتراع اليوم لانتخاب رئيس لهم من بين ستة متسابقين يبدو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الأكثر حظاً بينهم.

وفيما دعي إلى هذه الانتخابات أكثر من 20 مليون ناخب، تعهدت وزارة الداخلية مساء أمس بضمان شفافية الاقتراع وأعلنت نشر الآلاف من رجال الشرطة والدرك على أكثر من 46 ألف مكتب انتخاب. وكان لافتاً أن شركات أجنبية كبرى، تعمل في الجزائر، حجزت مساحات إعلانية في الصحف لتهنئة الرئيس بوتفليقة بالفوز قبل صدور النتائج.

ويبدو الرئيس بوتفليقة الأكثر حظاً بالفوز، نظرا للتأييد الكبير الذي يحظى به في الأوساط الشعبية ووقوف نافذين في المؤسسة العسكرية وأهم رجال الأعمال معه. وترى مديرية حملته الانتخابية، أن الحضور القوي في تجمعاته الانتخابية مؤشر على فوز ساحق، حيث ورد في الموقع الإلكتروني الخاص بالرئيس المرشح أن أكثر من 165 ألف شخص شارك في تجمعاته. وقال وزير الداخلية للصحافة الأجنبية الليلة قبل الماضية، إن 2 مليون شخص شاركوا في تجمعات المرشحين الستة.

ومن ضمن الشخصيات التي عرضت برامجها على الناخبين، اثنان منها ترشحا للمرة الثانية هما لويزة حنون، 55 سنة، مرشحة «حزب العمال» اليساري وفوزي رباعين رئيس حزب «عهد 54»، 54 سنة، المعروف أكثر بوالدته السيدة فاطمة أوزلاغن، أحد وجوه ثورة التحرير (1954ـ1962). وكلاهما احتل مراتب دنيا في استحقاق 2004.

ودخل المعترك أيضا ثلاثة شخصيات، يجهلها الكثير من الناخبين وهم موسى تواتي رئيس «الجبهة الوطنية الجزائري» ومحمد السعيد رئيس «حزب العدالة والحرية» غير المرخص لها رسميا، وجهيد يونسي أمين عام «حركة الإصلاح الوطني» الإسلامية.

وتعرض المرشحون الخمسة للانتقاد من طرف وزير الداخلية يزيد زرهوني، الذي عاب عليهم «تجاوزات لفظية» خلال الحملة الانتخابية. ويقصد بذلك احتجاجهم على نزول الوزير الأول وكل أعضاء الطاقم الحكومي إلى الميدان للترويج لبوتفليقة، و«غزو» ملصقاته الدعائية الشوارع والمؤسسات الحكومية والخاصة. وقال بعضهم إن الموظفين الحكوميين «خضعوا للتهديد بالطرد من العمل إن لم ينتخبوا لصالح بوتفليقة».

والمثير في انتخابات الرئاسة 2009، أن أغلب المترشحين صرحوا قبل انطلاق الحملة، أنهم يدركون بأنهم لن يفوزوا ومع ذلك دخلوا المنافسة. ويصفهم قطاع من الإعلام بـ«الأرانب»، كناية عن دور وافقوا على أدائه يتمثل في مرافقة الرئيس نحو ولاية ثالثة.

وتعهد وزير الداخلية يزيد زرهوني، في لقاء مع موفدي وسائل إعلام أجنبية لتغطية الحدث، بضمان نزاهة وشفافية الاقتراع. وقال خلال اللقاء الذي جرى بأحد فنادق العاصمة: «إن منظومة الانتخابات الجزائرية تضمن شفافية الانتخاب بشكل كاف، زيادة على ذلك وضعنا آلية تمكننا من التأكد من أن القوائم الانتخابية تم تطهيرها وتتطابق حقيقة مع الهيئة الناخبة. وقد اتخذنا تدابير تتيح مراقبة سير الانتخابات في مكاتب الاقتراع من طرف ممثلي المرشحين».

وتفيد مصادر من وزارة الداخلية، أن بعض المرشحين، خاصة من لا يملكون أحزابا، عاجزون عن توفير العدد الكافي لمتابعة العملية في كل مكاتب التصويت. ورد زرهوني ضمنا على مرشحين اشتكوا من ضعف إعانات الدولة لهم، فقال: «يبدو لي أننا البلد الوحيد في العالم الذي يأخذ على عاتقه تمويل الغالبية العظمى لحملات المترشحين الانتخابية، فضلا عن تمكينهم من خدمة مجانية للتلفزيون ومن حصص دعائية موزعة عليهم بالتساوي». يشار إلى أن الدولة تمنح ما يعادل 100 ألف دولار بالعملة المحلية (الدينار)، لكل مرشح لانتخابات الرئاسة.

وبخصوص التدابير الأمنية تحسبا للاستحقاق، أوضح وزير الداخلية أن السلطات نشرت أفراد الشرطة والدرك والجيش في كامل البلاد «حسب المواقع التي تجري بها الانتخابات». وتابع: «لقد تكفلنا بضمان أمن كل أماكن التجمعات ومختلف نشاطات المرشحين، وسوف نضمن نفس الشيء في مكاتب التصويت». وحول الجدل الذي ثار بشأن إعداد مخطط أمني خاص بالموعد، قال زرهوني: «لم نتخذ تدابير استثنائية وإنما تم تكييفها مع الظرف الجديد فقط». وصرح المدير العام للأمن الوطني العقيد علي تونسي، قبل أيام أن حوالي 160 ألف شرطي تم نشرهم عبر مناطق البلاد لتأمين العملية الانتخابية.

ويتابع الموعد الانتخابي، 200 مراقب أجنبي مائة منهم من «الاتحاد الأفريقي» و60 من الجامعة العربية و4 من الأمم المتحدة. وعقد موفدو هذه المنظمات لقاءات مع مسؤولين في الحكومة ومن أحزاب المعارضة. ونفى رئيس الوفد الأممي أن تكون مهمته إجراء معاينة على الانتخابات، كما أشارت إليه صحف، وقال إنه لا يملك تفويضا من مجلس الأمن والجمعية العامة للقيام بهذا الدور.

ومن جهتها، اعتبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة) أن التغطية الإعلامية للحملات الانتخابية للمرشحين لم تكن متكافئة بين المرشحين وجاءت لصالح الرئيس بوتفليقة. وقال رئيس الرابطة مصطفى بوشاشي خلال مؤتمر صحافي إنه «لم يكن هناك تكافؤ في التغطية الإعلامية بين المرشحين، وحصة الأسد كانت لبوتفليقة». وندد أيضا بـ«انحياز» الإدارة إلى بوتفليقة في حين يفترض بها أن تكون على الحياد في الحملة. وأضاف أن الحكومة والمؤسسات الرسمية أجرت حملة انتخابية لصالح الرئيس بوتفليقة. وعقدت الرابطة مؤتمرها الصحافي للإعلان عن نتائج عملية رصد أجرتها لاتجاهات وسائل الإعلام خلال الحملة الانتخابية. وهدفت هذه الدراسة إلى تقييم أداء وسائل الإعلام خلال الحملة والتحقق مما إذا كانت قد التزمت مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين.