رواندا تحيي ذكرى الإبادة الجماعية و11 ألف ضحية سيعاد دفنهم بعد 15 عاما

أوباما: المأساة تعزز التزامنا لتجنبها في المستقبل

TT

بعد 15 عاما على نحرهم بالمناجل بعد تقطيع أجسادهم، سيحظى ما يقارب 11 ألف رواندي من الذين وقعوا ضحايا أعمال الإبادة الجماعية، وطفت أجسادهم في نهر كيغارا، ودفنوا في مدافن مؤقتة في أوغندا، بمراسم لإعادة دفنهم بطريقة لائقة، على ما أعلن السفير الرواندي اغناطيوس كمالي. تحيي رواندا هذا الأسبوع ذكرى المجازر التي وقعت في عام 1994، وذهب ضحيتها بين 800 ألف ومليون رواندي من قبيلة التوتسي ومعتدلي قبيلة الهوتو، معظمهم ذبح على يد مواطنين روانديين من قبائل الهوتو. وتأمل السلطات الرواندية بإعادة دفن الجثث الـ11 ألف في أوغندا خلال مائة يوم، وقد اشترت الأراضي التي تريد إعادة دفنهم فيها، بحسب ما قال توم لوتو، وهو مسؤول في محافظة ركاي، لوكالة «الأسوشييتد برس». ولكن لم يوضح كمالي لماذا سيعاد دفن الجثث في أوغندا عوض نقلهم إلى رواندا، علما أن مخططا لإعادة دفنهم قبل سنتين في رواندا كان قد فشل بسبب عراقيل متعلقة بالأراضي ومعارضة بعض القادة المحليين.

بدأت المجازر في رواندا في 6 أبريل (نيسان) من عام 1994 عندما أسقطت طائرة الرئيس جوفينال هابياريمانا. وفي غضون ساعات، بدأ مسلحو الهوتو حملة كان معدا لها مسبقا للقضاء على التوتسي. وفي أسرع عملية إبادة جماعية في التاريخ، قتل بين 800 ألف إلى مليون شخص، معظمهم من التوتسي، خلال 3 أشهر فقط. ولم يتحرك المجتمع الدولي لمنع المجازر، وسحبت الأمم المتحدة الجزء الأكبر من قوات حفظ السلام التي كانت منتشرة في البلاد، لتترك الروانديين لمصيرهم. وقد بدأت رواندا أول من أمس أسبوع احتفالات لإحياء الذكرى الخامسة عشرة لبداية أعمال الإبادة، وحضر الآلاف مراسم الاحتفال وكان على رأسهم الرئيس بول كاغامي الذي قاد جيشا من التوتسي تمكن من القضاء على أعمال الإبادة الجماعية بعد مائة يوم. وقام كاغامي بوضع إكليل من الزهور وإيقاد الشموع على النصب التذكاري عند مدرسة فنية سابقة قريبة من نيانزا. وكان الآلاف تدفقوا على المدرسة طلبا للحماية من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلا أن «أصحاب القبعات الزرقاء» انسحبوا وتركوا المدنيين ليواجهوا مجزرة جماعية قامت بها ميليشيات الهوتو. واختارت رواندا هذا الموقع مكانا للاحتفالات لتسليط الضوء على تقاعس المجتمع الدولي إبان المجزرة. وما زال بعض المسؤولين عن المجزرة مطلقا سراحهم. وقد اتهمت كيغالي المجتمع الدولي بعدم بذل ما يكفي من الجهود لتقديم هؤلاء الأشخاص إلى العدالة. وأدانت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا التابعة للأمم المتحدة، رغم إنفاقها أكثر من مليار دولار، عددا قليلا من المتورطين في الإبادة الجماعية لا يتجاوز العشرات. وبعدها تحولت رواندا إلى المحاكم التقليدية المعروفة باسم (جاكاكا)، لتقديم آخرين للعدالة. كما سيجري إحياء الذكرى في تنزانيا وأوغندا حيث انتهى المطاف بالآلاف من جثث ضحايا الإبادة الجماعية التي حملها نهر كيغارا.

ووجه الرئيس الأميركي باراك أوباما تحية لذكرى ضحايا الإبادة الرواندية، وقال إن مأساة 1994 تعزز التزام الولايات المتحدة بـ«التحرك لتجنب حصول فظاعات مماثلة في المستقبل». وقال أوباما إن «ذكرى تلك الأحداث تعزز التزامنا بالتحرك عندما نواجه إبادة والعمل مع شركاء عبر العالم لتجنب حصول فظاعات مماثلة في المستقبل».

وأضاف أوباما في بيان أن «هذه المناسبة القاتمة تحملنا على التفكير في موت أكثر من 800 ألف رجل وامرأة وطفل قتلوا فقط بسبب انتمائهم الإثني أو آرائهم السياسية». وأشار الرئيس الأميركي إلى أن عدد الضحايا «كبير ومرعب». وقال: «اليوم، من الضروري أن نتذكر أن كلا من الأشخاص الـ800 ألف الذين قتلوا في 1994 كان يملك تاريخا وعائلة وأحلاما». وأشاد أوباما بقدرة الناجين على الغفران، موضحا أن جهودهم «لإعادة الثقة والأمل إلى رواندا» تشكل مصدر «إلهام يومي».

وقد وجه أيضا وزير الخارجية الكندي لورنس كانون تحية إلى الـ800 ألف ضحية، وشجع كيغالي على متابعة «جهودها» «لإعادة إعمار البلاد» للتوصل إلى «المصالحة الوطنية». وقال كانون في بيان: «خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، اتخذ الروانديون تدابير جريئة لمعالجة عواقب الإبادة». وأضاف أن «كندا تشجع رواندا على متابعة جهودها لإعادة إعمار البلاد وتسهيل المصالحة الوطنية وتمكين الشعب من التعافي من جراحه والقضاء على الانقسامات الإثنية».

وخلص الوزير الكندي إلى القول إن يوم السابع من أبريل (نيسان) الذي كان بداية المجازر الجماعية، «يذكر كندا والمجموعة الدولية بضرورة الاستفادة من دروس رواندا لتجنب الوقوع في الأخطاء نفسها مرة جديدة في مكان آخر».