رابع سباق تعدّدي عكّر صفوه جدل «تعديل الدستور بهدف التمديد»

الجزائر حكمها 7 رؤساء.. وتعيش التعددية السياسية منذ 20 عاماً

TT

تعد انتخابات الرئاسة التي تشهدها الجزائر اليوم، رابع سباق رئاسي تعددي، منذ دخول البلاد التعددية السياسية أواخر في عام 1989، لكن الاستحقاق يجري في ظل جدل بشأن مصداقيته منذ التعديل الدستوري الأخير وما تضمنه من إلغاء للمادة 74 التي تمنع الترشح لأكثر من ولايتين.

وقال الناشط الحقوقي الجزائري، علي يحيى عبد النور، إن نتائج الانتخابات تم حسمها منذ أن أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نيته في إلغاء ما يمنع من الترشح لأكثر من ولايتين. وأضاف عبد النور، الذي شغل منصب وزير للعمل في الستينات، لـ«الشرق الأوسط»، أن التعديلات التي أدخلها بوتفليقة على الدستور التي صوت عليها البرلمان يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، «أعطت النتائج النهائية للانتخاب، وما كان هناك داع لصرف أموال ضخمة على اقتراع يعرف الجزائريون منذ نصف عام على الأقل، أنه محسوم لصالح الرئيس بوتفليقة».

ويأخذ قطاع من الطبقة السياسية، على الرئيس بوتفليقة أنه عدَل عن طريق البرلمان، دستورا جاء عبر استفتاء شعبي. وتمتد المآخذ إلى البرلمان نفسه، بحيث يعاب عليه أنه «منقوص الشرعية» حيث شارك في انتخابات مايو (أيار) 2007 التشريعية 35 بالمائة فقط من المسجلين في قوائم الانتخاب. ويرى عبد النور أن بوتفليقة عدَل الدستور «ليمنح لنفسه ولاية ثالثة».

وردا على ذلك، يذكر الصديق شيهاب القيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، المساند للرئيس بوتفليقة لـ«الشرق الأوسط» أن بوتفليقة «استعمل صلاحيات يمنحها له الدستور، تتيح له تعديل الدستور عن طريق البرلمان إذا كان التعديل لا يمس بتوازنات السلطة، فما فعله يوم 12 نوفمبر إذن كان قانونيا وشرعيا، وما يقال عن تراجع في المكاسب الديمقراطية تحامل على الرئيس وتنكر لحق الجزائريين في اختيار من يرونه أهلا لتسيير شؤونهم».

وقد تعاطى بوتفليقة بشكل غير مباشر، مع هذا الجدل في خطاب بمناسبة إعلان ترشحه للانتخابات فقال إن «إلحاح الجزائريين على دعوتي الاستمرار في الحكم، هو السبب الوحيد الذي دفعني إلى الترشح». لكن يبدو أن هذا المبرر غير مقنع بالنسبة لخصوم الرئيس، على أساس أنه أعلن منذ مطلع الولاية الأولى (1999) نيته في تعديل الدستور، حيث وصفه بـ«الهجين.. فلا هو يكرس النظام البرلماني ولا النظام الرئاسي».

وكانت الجزائر قد تبنت في 23 فبراير (شباط) 1989 دستوراً أقر التعددية السياسية، وسمح بإجراء انتخابات رئاسية تعددية. ومن حينها، شهدت البلاد ثلاثة انتخابات رئاسية تعددية، كانت الأولى في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995، وتسابق فيها مرشح السلطة اليامين زروال، إلى جانب الزعيم الإسلامي الراحل، محفوظ نحناح، رئيس حركة مجتمع السلم، وسعيد سعدي رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ونور الدين بوكروح زعيم حزب التجديد. وفاز في ذلك الاقتراع زروال بنسبة 61%. وفي عام 1998، أعلن زروال نيته التنحي، وأشرف على تنظيم انتخابات في 11 أبريل (نيسان) 1999، خاضها عبد العزيز بوتفليقة، إلى جانب ستة مرشحين انسحبوا بشكل جماعي قبل يوم واحد من الاقتراع بزعم التزوير المسبق. وفاز بوتفليقة في الاقتراع بنسبة فاقت 70 في المائة (نسبة المشاركة كانت 60.25%).

وفي 8 أبريل 2004، جرت الانتخابات الثالثة، وفاز فيها مجدداً بوتفليقة على ثلاثة منافسين كان بينهم حليفه السابق علي بن فليس ولويزة حنون وعبد الله جاب الله وعلي فوزي رباعين. وفاز بوتفليقة بولاية ثانية بنسبة 84.99%.

واتهم بن فليس وجاب الله حينها الحكومة بتزوير الانتخابات، رغم شهادة عدد من المنظمات الدولية، ومنها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي بحسن سير العملية الانتخابية التي شهدت نسبة مشاركة 58.07%.

يشار إلى أن الجزائر حكمها منذ استقلالها عام 1962، سبعة رؤساء هم أحمد بن بلة (1962 ـ 1965)، وهواري بومدين (1965 ـ 1978)، والشاذلي بن جديد (1979 ـ 1992)، ومحمد بوضياف (من يناير حتى يونيو 1992)، وعلي كافي (1992 ـ 1994)، واليامين زروال (1994 ـ 1999)، ثم بوتفليقة (منذ 1999 حتى الآن).

* (شارك في إعداد التقرير محمد عبده حسنين)