نيويورك: اتهام رجل أعمال صيني وشركته ببيع مواد حساسة لإيران

الاتهامات تشمل بيع المواد المحظورة لشركة تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية

TT

وجه مدعون عامون في نيويورك اتهامات لرجل أعمال صيني وشركته بالتآمر من أجل بيع مواد حساسة لإيران والقيام بعمل تحويلات سرية يقول المدعون العامون إنها انتهكت العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة بهدف منع الطموحات النووية والصاروخية الإيرانية. وبحسب الوثيقة التي نشرت في منهاتن فإن الشركة الصينية قد باعت التنجستين والصلب شديد الصلابة ومواد لمنظمة الصناعات الدفاعية والتي تعد إحدى أذرع الجيش الإيراني في الفترة من 2006 إلى 2008.

ويمكن استخدام المواد التي تم بيعها لإيران في الصواريخ طويلة المدى والأسلحة النووية وفوهة المحركات التي تتمكن من تحمل درجات الحرارة القصوى وكذلك أجهزة الطرد المركزية التي يمكن أن تخصب اليورانيوم إلى وقود نووي. كما يمكن استخدام المواد أيضا في الأسلحة، إضافة إلى الأغراض المدنية.

وقد نشرت لائحة الاتهام التي تتكون من 118 صفحة من الاتهامات التي يواجهها لي فانغ وي، رجل الأعمال الصيني والمدير التنفيذي لشركة ليمت والتي تتضمن التآمر لإخفاء تحويلاتها وإدخال معلومات زائفة على التحويلات البنكية التي تمر عبر منهاتن، وقد أعلن روبرت مورغنتو، محامي المقاطعة عن لائحة الاتهام في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء، حيث أشار إلى أن كل السجلات الزائفة التي تتضمن المبيعات بين ليمت وشركائها، لم تتضمن اسم الجيش الإيراني، وقد أجريت تلك التحويلات بالدولار الأميركي.

وقد أدرجت المبيعات للدفاعات الصناعية الإيرانية تحت الاتهام بالتآمر. وعلى الرغم من إجراء تلك التحويلات باليورو، ولم تكن بنوك الولايات المتحدة طرفا فيها، إلا أنها استخدمت في لائحة الاتهام لتوضيح جهود لي في إخفاء أنشطته. وفي المذكرة التي بعث بها لي إلى الصناعات الدفاعية في سبتمبر (أيلول) 2007 قال إنه سوف يشير إلى الشركة باسم ريوت ستيل سرفيسز في أوراق النقل البحري، وقال أحد الخبراء «إن ذلك لم يكن اسم شركة حقيقية بل كان اسما مختلقا»، لكن لي برر ذلك بالقول إنه استخدم الاسم المزيف لأنه كان قلقا من إمكانية اعتراض الشحنة من قبل الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن العقوبات الخاصة بتلك الشركات قد تكون مخففة ـ فقد تصل إلى عام للدرجة الخامسة من التآمر و4 أعوام كعقوبة قصوى لتزوير سجلات الأعمال ـ وقال مورغنتو إن الهدف الرئيس من الاتهام هو كشف الجهود الإيرانية الرامية إلى تخصيب اليورانيوم.

وأضاف خلال المؤتمر الصحافي: «نحن نسعى إلى القيام بكل ما بوسعنا لمحاكمة الشركة التي قد تكون أكبر مورد لأسلحة الدمار الشامل لإيران، كما نسعى أيضا إلى أن يعرف الجميع أن الإيرانيون جادون إلى حد بعيد في امتلاك المواد التي تمكنهم من صنع صواريخ بعيدة المدى وقنابل نووية».

وأضاف: «إنهم يقومون بكل جهد ممكن للقيام بهذا الخداع، كل ما نرغبه هو الشفافية في تلك التعاملات حتى يتمكن كل فرد من معرفة الطموحات الإيرانية».

وقد زودت الصين إيران على مدار زمن طويل بالمنتجات النووية وقد كانت شريكا نوويا لإيران في الفترة من 1985 إلى 1997 عندما قامت إدارة كلينتون بجهود حثيثة لتقويض تلك العلاقة، لكن بالرغم من ذلك قامت الدولتان بالكثير من الأعمال. وفي أعوام 2003 و2004 و2005 أعلنت إدارة بوش عقوبات ضد الشركات الصينية التي اتهمتها بتقديم العون لبرنامج إيران الصاروخي والأسلحة.

أما بالنسبة لشركة ليمت والشركات التابعة لها فقد قامت وزارة الخارجية بفرض قيود على الشركة في عامي 2004 و2005 وقامت وزارة الخزانة بذات الخطوة في 2006 في محاولة لعزلها ماليا. وأشار مورغنتو إلى أن ليمت شركة خاصة لا ترتبط بصلات مع الحكومة الصينية». وقد انتهكت الشركة تلك القيود في الفترة بين عامي 2006 و2008 عبر العمل في شركات الواجهة التابعة لها وفق ذلك الاتهام. أحد الأمثلة على انتهاك الشركة القيود المحظورة عليها كان في فبراير (شباط) 2007، حيث طالبت شركة تابعة لـ «ليمت» شركة الصناعات الدفاعية بمبلغ 89,000 يورو مقابل 200 اسطوانة جرافيت، كما استخدمت ليمت عنوان شركة أخرى واجهة في يونيو (حزيران) لإرسال مبلغ 1.4 مليون يورو من شركة تابعة لشركة الصناعات الدفاعية مقابل 24,500 كيلوغرام من الحديد عالي الصلابة. وقال مورغنتو إن المحققين اعتمدوا على خبراء الأسلحة العديدين لتقييم ما كانت تقوم به الشركات وكان أحد هؤلاء الخبراء هو غاري ميلهولن مدير مشروع ويسكنسون الخاص بالأسلحة النووية وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، والذي قال إن نتائج التحقيقات كانت سببا يدعو للقلق. وقال ميلهولن في المقابلة التي أجرتها معه الصحيفة: «إذا كانت الشحنات تشير إلى نفس الكم من الصين إلى إيران، فمن المؤكد أن الولايات المتحدة فشلت في جهودها لوقف تخصيب اليورانيوم». ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن أو القنصلية الصينية في نيويورك على الهاتف عندما حاولنا الاتصال بها، كما امتنعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا عن التعليق على القضية.

وتشير لائحة الاتهام إلى أن لي استخدم شركته لضخ المال عبر عدد من البنوك الأميركية مثل بنك نيويورك مولن كروبورشن وذا بنك أوف أميركا وجيه بي مورغان وبنك تشاس آند أميركان إكسبرس. ولم ترتكب البنوك غير الأميركية أي أخطاء لأنهم لم يكونوا يعلمون بشأن تورط ليمت. وقال المحققون إنهم لا يزالون يجرون تحقيقاتهم بشأن بنكين صينيين والعديد من البنوك الأجنبية الأخرى بشأن دورها في عمليات لي. وقال مورغان إن لي مطلق السراح في الصين، وأشار إلى أنه ينوي لقاء القنصل الصيني لمناقشة الموقف معه. ويقع مقر شركة لي في داليان في إقليم لياوننغ في شمال شرق الصين. وقال آدم كوفمان، مساعد المحامي العام الذي أشرف على التحقيقات: «نحن نعلم مكانه وسوف ندرس تأثير هذا الاتهام والإعلان على عملياته. وأحد أهم أهدافنا هو الحصول على مساعدة الحكومة الصينية في التأكد من وقف أنشطته». وقال كوفمان إن لي انتهك القانون الصيني عبر تقديم أذون شحن زائفة.

وفي الوقت الذي أعلن فيه مورغنتو الاتهام يوم الثلاثاء قام مكتب التحكم في الأصول الخارجية، الذي يتبع وزارة الخزانة بوضع 8 شركات حليفة لـ ليمت وست شركات إيرانية لم يكشف عنها في التحقيقات على القائمة السوداء. ولا يسمح لتلك الشركات الموجودة على القائمة السوداء بالقيام بأي أعمال مع الشركات الأميركية ويتم تجميد أي أصول تابعة لها في الولايات المتحدة الأميركية.

ولم تكن لائحة الاتهام تلك هي الأولى التي يوسع فيها مورغنتو من نطاق سلطاته القضائية خارج الولايات المتحدة، فقد قاد مكتبه التحقيق في عملية الاحتيال التي تعرض لها بنك أوف كريدت آند كومرس إنترناشيونال والتي شهدت ضياع مليارات الدولارات. كما قاضى ذات مرة ثريا من فنزويلا وابنه وحفيده بسرقة ملايين الدولارات الفنزويلية، وتعقب أماكن وجود المال في أماكن مثل جزر كايمان والبراغواي وروسيا.

* خدمة نيويورك تايمز