بوش بعد انتقاله من البيت الأبيض.. يقضي حياة أكثر بساطة في تكساس

لا يزال يستيقظ في السابعة صباحا ويصل إلى مكتبه قبل الموظفين.. ويسافر مرة أسبوعيا لإلقاء محاضرة

بوش يرمي كرة بيسبول في افتتاح إحدى الدورات في أرلينغتون قبل بضعة أيام (رويترز)
TT

قبِل الزوجان الجديدان المقيمان في 10141 داريا بلاس، دعوة لحضور حفل غداء في المنطقة الشهر الماضي. وكانت قائمة الضيوف تتضمن ثمانية أشخاص. كان الطبق الرئيسي عبارة عن فطيرة لحم الدجاج. غادر الزوجان جورج ولورا بوش الشارع الذي يقيمان فيه في سيارة ذات لون قاتم، وخرجا عبر نقطة تفتيش الخدمة السرية، وجرت السيارة في الشوارع التي تحيط بها علامات خضراء، تزينها حروف كبيرة للترحيب بهما. كان أسبوعا سيئا للبلاد. وقد تحدث الرئيس باراك أوباما على شاشات التلفزيون عن الأعباء التي ورثها: حالة من الحنق على الولايات المتحدة، وحربين، وركود، ولكنه كان أسبوعا جيدا في 10141 داريا بلاس. تبادل الزوجان الحكايات على مائدة الغداء حول عودتهما إلى تكساس، بعد أن قضيا ثمانية أعوام في واشنطن. كانا قد قاما بتعديل نظام الإطفاء، وعلقا ستائر صنعت لهما خصيصا. واشترى الجيران كعكا محلى منزلي الصنع، ونباتات زينة موضوعة داخل زهريات.

لم يكن الرئيس السابق قد تحدث عن أي من الفترتين اللتين قضاهما في البيت الأبيض، حتى جاء حفل الغداء هذا. ذكر إحدى القصص المفضلة لديه حول رحلته إلى العاصمة الرومانية بوخارست في عام 2002. كان قد حضر أكثر من 200 ألف شخص ليسمعوه وهو يتحدث في الميدان، وأظلمت السماء.. وساد الصقيع. قدمه الرئيس الروماني، وظهر قوس قزح في الأفق، وأخذ الرومان يصفقون. قال بوش حينها «إنه سحر».

تحمل الرئاسة التي يتم تذكرها في داريا بلاس القليل من الشبه بالرئاسة التي ما زال معظم المواطنين يحمّلها مسؤولية المشاكل التي تعاني منها البلاد في الوقت الحالي. لقد ترك بوش واشنطن في 20 يناير (كانون الأول)، في وقت كان لا يوافق فيه ثلثا الأميركيين على أدائه، ويعد ذلك من أسوأ التقييمات لأي رئيس أميركي يترك منصبه. وخلال عودته إلى حياته الخاصة، التزم الهدوء بالتمسك بفلسفة أساسية: يعيش راضيا مع الـ 33 في المائة الباقية. يعمل بوش مع اثني عشر مساعدا من إدارته، ويتبادل الزيارات مع الأصدقاء الذين يعرفهم منذ عقود. ويعيش في منطقة محافظة، صوتت له في الفترتين الرئاسيتين. وفي الوقت الذي يفكر فيه بقية العالم في ما تركه وراءه، يرفض يوش القول بأن فترة رئاسته لم تكن تتسم بالنضج، ويبدي القليل من الأسف عليها، وينأى بنفسه عن الدخول في السجال بين الموالين له، والموالين لإدارة أوباما، مثل كارل روف، وديك تشيني. ويشعر بوش بالسرور بالفترة التي قضاها في منصب الرئيس، حسب ما يقوله أصدقاؤه. وفي الوقت الحالي، سوف يحاول توضيح ما حدث خلال فترتيه الرئاسيتين عن طريق كتابة كتاب، وبناء مركز رئاسي في الجامعة المنهجية الجنوبية في دالاس، حتى يكون أمام التاريخ وسائل للحكم عليه بأمانة. يقول دان بارتليت، الذي كان مساعدا بارزا لبوش على مدى أكثر من عقد «عندما تكون في منصب الرئيس لمدة ثمانية أعوام، تصبح، في بعض النواحي، لديك مناعة من الضوضاء التي توجد». «إنه آمن في المكان الذي يوجد فيه، كما إنه واثق من القرارات التي اتخذها، ولا يوجد شيء على غرار (لو كان كذا؛ ما كان كذا وكذا)».

ويحافظ طاقمه الأمني على روتين ثابت يومي، يحميه، عن قصد أو دون قصد، من ثلثي المواطنين الذين لا يوافقون على أدائه. ويقضي الرئيس الـ 43 معظم أيام الراحة الأسبوعية مع زوجته في مزرعة معزولة في كراوفورد بولاية تكساس، حيث يحب الاستيقاظ مبكرا، ويشرع في تقليم النباتات في 1600 فدان، ويقود دراجته. ويقضي معظم أيام الأسبوع على بعد 95 ميلا شمالا، في بريستون هولو، وهي منطقة راقية من دالاس، عاش فيها لمدة ثمانية أعوام قبل أن يصبح حاكما لولاية تكساس في عام 1995. رفض أن يجري مقابلات، سوى تلك التي سوف تناقش كرة البيسبول، أو كتابه. ويؤثر الجيران الصمت، حتى لا يتعدوا على خصوصياته. يسافر بوش مرة كل أسبوع تقريبا لإلقاء محاضرة، أو جمع تبرعات لصالح مركزه الرئاسي، الذي تبلغ تكلفته 300 مليون دولار، ولكنه دائما ما يتحرك داخل فقاعة معزولة. وفي رحلة إلى كالغراي، ألبرتا، الشهر الماضي، سافر إلى المدينة على طائرة خاصة، وتناول الطعام في غرفة خاصة داخل فندق مع ثلاثة أصدقاء له، وكانت الخدمة سرية. وأتى إلى طاقم حراسته ثمانية ضباط شرطة للمزيد من الأمن، وأغلقوا الشوارع أمام موكبه، حتى يتسنى له الانتقال إلى قلب المدينة لحضور مأدبة غداء دفع فيها 1500 ضيف 400 دولار لسماعه وهو يتحدث عن «ثمانية أعوام هامة جدا داخل البيت الأبيض»، حسب ما جاء في الدعوة. انتظر 250 متظاهرا كي يروا بوش، وأخذوا يقذفون صورة له بأحذيتهم. وفي واشنطن، تحدث بوش بإسهاب عن ما بعد فترة الرئاسة، وأنه سوف يتاح له أن يحضّر للورا القهوة في الفراش، وأن يذهب إلى العمل دون استعجال في حوالي التاسعة صباحا، ولكنه كابد من أجل العمل بصورة أبطأ، حسب ما قاله أصدقاء له. ويكاد بوش يصل دوما إلى مكتبه في دالاس بحلول الساعة السابعة والنصف صباحا، أي أنه يسبق الكثير من موظفيه بدقائق قليلة. ويعكف على كتابه بمساعدة كاتب خطابات له، ويغادر المكتب للتجول بالدراجة بعد الظهيرة، ويقضي ساعات الليل في القراءة ومشاهدة مباريات الغولف والبيسبول على التلفاز. لا يحب الزوجان بوش الطبخ. ولذا، فإنهما يعتمدان في الأساس على الطعام الذي يحضره الأصدقاء، أو الوجبات الجاهزة من سوق «إيتزاي» المحلي. تصل قيمة العقار الذي يقع على 1.13 فدان نحو 2.4 مليون دولار، ويحيط به 40 فدانا من الأراضي الخاصة، وبحيرة بها سمك السلمون. وتظهر شجرتا السنديان في الحديقة الأمامية. وتقيم عناصر الخدمة السرية في منزل مجاور. وعلى مدخل الشارع يوجد حاجز من شجرات البلوط، مخروطية الشكل، ذات لون برتقالي، ويقف رجلا شرطة مع أربعة من عملاء الخدمة السرية، يقومون بمسح المنطقة المحيطة باستخدام تليسكوب. ويخطط الزوجان لتركيب بوابة دائمة خارج الشارع في نهاية العام الحالي. وإلى أن يحين ذلك، قرر بعض الجيران التعامل مع 10141 داريا بلاس على أنه منزل آخر في بريستون هولو، على الرغم من كل الإشارات التي تدلل على عكس ذلك. في اليوم الذي تلا وصول الزوجين إلى المكان، قامت فرقة كشافة محلية بزيارة الزقاق، في إطار الحملة التي يقومون بها كل عام لجمع الطعام المعلب. ذهبت المشرفة على فرقة الكشافة نانسي بورك إلى داريا بلاس قبل أيام قليلة للحصول على إذن مسبق من الخدمة السرية، ولكن اعتذر عملاء الخدمة السرية. وحصلت بروك على هذا الرد مرتين قبل أن تتمكن في النهاية من الحصول على موافقة من أحد مساعدي بوش في مكتبه. اجتمعت بروك مع الفتيان قبل ساعة من ميعاد ذهابهم إلى منزل بوش، كي تناقش معهم الأمر. لم يتمكن إلا 30 شخصا من دخول الزقاق. وكان أفراد الكشافة، الذين تتراوح أعمارهم بين السابعة والحادية عشرة، يحتاجون إلى ارتداء زيهم الموحد بالكامل. وقد أجروا قرعة لتحديد الأطفال الذين سوف يحصلون على علب بوش. ودربتهم بروك على كيفية التحدث إلى وسائل الإعلام «فكروا في الأسئلة قبل أن تتحدثوا». ودربتهم على كيفية مصافحة يد الرئيس «انظروا إلى عينيه، وصافحوا بحزم». وبعد الساعة التاسعة والنصف صباحا في الحادي والعشرين من فبراير (شباط)، اقترب فتيان من المكان وهما يشعران بالتوتر. وعندما فتح الباب، كان يمكن لرئيس الأركان السابق أن يكون مثل أي متقاعد في بريستون هولو، يتبرع بالمعلبات في صبيحة هذا السبت. خرج الرئيس السابق الذي يبلغ من العمر 62 عاما بشعر أبيض، وبنطال فضفاض، وحقيبة من البلاستيك مملوءة بالجزر المعلب. وارتدى بوش سترة ذات لون أزرق، عليها الشعار الرئاسي على الجانب الأيسر، ولاحظت بروك أعين عملاء الخدمة السرية وهم ينظرون إلى الشابين وهما يحيطان ببوش ويقفان لالتقاط الصور. ترك الزوجان واشنطن بعد أقل من 90 دقيقة من تنصيب أوباما رئيسا. واستقلا مروحية، وسافرا إلى قاعدة أندريز الجوية، حيث كان هناك 4 آلاف ضيف وجهت إليهم دعوات، وأسر عسكرية في حظيرة المطار الجوي. ولوح الحشد بأعلام أميركية، بينما كان بوش يرتقي المنصة، وقال «خدمنا بإيمان راسخ». بعد ذلك، اختفى داخل طائرة خاصة، حيث رحب به 75 صديقا وقريبا بصورة حماسية على نحو لافت. وفي الوقت الذي كانت تتجه فيه الطائرة إلى تكساس، احتشد الحفل بالكامل في غرفة المؤتمرات لمشاهدة فيلم خاص بالرئيس السابق. وتحت السحب، كانت محطات التلفزيون تكرر خطاب أوباما في حفل التنصيب، وهو تقييم كئيب للبلاد في «خضم الأزمة». وقضى ضيوف بوش 20 دقيقة في مشاهدة ما يقوله زعماء، من بينهم بيل كلينتون، وباربرا بوش، وتوني بلير، عن أفضل ذكرياتهم خلال رئاسة بوش. وتحدث أفراد في طاقم البيت الأبيض عن عطفه، فيما تحدث أصدقاؤه القدامى عن شجاعته ورباطة جأشه. ويقول إسرائيل هرناندز، وهو صديق مقرب من عائلة بوش «دمعت أعين الكثيرين، وكان تجمعا عاطفيا». وهبط بوش في مسقط رأسه، مدينة ميدلاند، في تكساس ليقابل حشدا قوامه 20 ألفا من مناصريه، وتحدث بعد ذلك إلى 4 آلاف آخرين في واكو. وقال لهم إنه عندما ينظر إلى المرآة، فإنه «يشعر بالفخر لما يرى». وبعد ذلك، استقل مروحية ليذهب إلى مزرعته في كراوفورد، حيث وصل بعد غياب الشمس. يقول جيم فرانسيس، أحد الأصدقاء المقربين لبوش «منذ اللحظة التي عاد فيها إلى منزله، يمكن أن ترى أنه مستريح بدرجة أكبر، ولا يشعر بالهموم. إنه في مكان يقدره الناس فيه ويفهمونه، ولن يفتقد الكثير من الضغوط التي كانت عليه عندما كان في منصب الرئيس. كل من يعرفه سوف يلحظ هذا الارتياح. هذا هو المكان الذي يشعر فيه بالراحة».

ويقول أصدقاء للعائلة «إن بوش وزوجته رغبا في منزل في بريستون هولو، حيث تذكرا المدة التي قضياها في المنطقة، والتي كانا يشعران خلالها بالراحة». عاش الزوجان في الفترة من 1988 حتى 1995 في مجمع مبانٍ تنتشر فيه أشجار السنديان، ومنازل من طابق واحد تتسم بالروعة والبساطة. وكانت الابنتان التوأم تذهبان إلى مدرسة خاصة مجاورة. وكان بوش يقوم بممارسة الجري في الصباح، واعتاد ارتياد مطعم بيتزا محلي، واستضافة حفل الهالووين السنوي في المنطقة. وفي الليل، كان يحضر مباريات البيسبول مع أصدقائه، حيث إنه مالك فريق تكساس رانغرز، وكان يفكر في مباراة على منصب الحاكم. لم لا؟. كان لديه اسم مشهور، ويحظى بالشعبية، ولديه مهنته التي تنمو باضطراد. ويقول مارك لانغدال، وهو جار سابق، يشرف حاليا على عمليات التخطيط الخاصة بمركز بوش الرئاسي «كان محبوبا من الجميع». وبعد ذلك في عام 2008، وجدت لورا منزلهما الجديد على بعد أقل من ميل من المبنى القديم الذي كانا يقيمان فيه، في ما يصفه لانغدال بجزء «مرتفع» من بريستون هولو. أحبت لورا صناديق الكتب التي تمتد من الأرضية إلى السقف، والموجودة في الأروقة، ومكان إشعال النار، والنوافذ الكبرى التي تطل على منظر يشبه ملعب كرة القدم في الساحة الخلفية. لم يزر بوش المكان، ولكن بناءً على نصيحة لورا، وافق على شرائه. يتبع الزوجان روتينا جديدا في المنزل، حتى في الوقت الذي يقومان فيه بكتابة كتبهما الخاصة، ويسافران لإلقاء بعض المحاضرات من حين إلى آخر. تتسوق لورا لشراء الأثاث مع كين بلاسينغام، صديقتها، والمسؤولة عن أعمال الديكور داخل المنزل، وتنوي أن تمارس اليوغا. ويجرب الرئيس السابق تسلق الجبال باستخدام الدراجة، ويراقب نبضات قلبه بينما يقود الدراجة. عادت لورا الشهر الماضي إلى واشنطن لإلقاء كلمة في عزاء موظف سابق في البيت الأبيض، ورحلت بعد ساعات. ويحافظ زوجها على اتصاله بمساعديه السابقين عن طريق البريد الإلكتروني باستخدام جهاز البلاكبيري الخاص به، لعبة جديدة. واشترك الزوجان في «دالاس مورنينغ نيوز»، التي كتبت عن زيارتهم إلى مدرسة ابتدائية خاصة، وعن الاحتفاء الذي حظيا به بعد أن انتهيا من تناول الغداء مع الأصدقاء في المطبخ المكسيكي التابع لـ «فرناندو». وفي الوقت الذي كانت الصفحات الأولى للجريدة تتناول ذكريات صعبة لرئاسة بوش، مثل القتلى في العراق، وأسامة بن لادن، والركود، قال الرئيس السابق لأصدقائه إنه يفضل الصحيفة ليقرأها في الصباح: مقدار كبير من تهديدات الأمن القومي.

وقلما يتحدث بوش عن خلفه، ويتعهد بأن يدعمه. وخلال خطابه في مأدبة غداء في كالغاري، قال الرئيس السابق «لن أقضي وقتي في انتقاد (أوباما). هناك الكثير من النقاد على الساحة. جدير بي أن ألتزم الصمت».

يقول الأصدقاء إن لورا لديها فضول إزاء عائلة أوباما، لا يمكن أن تنكره. فقبل مغادرتها للبيت الأبيض أنفقت مالها على تصميم كراسيه المفضلة من جديد، كهدية للعائلة الجديدة التي تدخل البيت الأبيض. الكراسي الأصلية بلا ذراع، وتتسم بالأناقة، وقدرت لورا أن ميشيل أوباما سوف تحبها. تقول جونسون «دائما ما تسأل لورا عن هذه الكراسي، وتقول «هل تعتقدين أنهم يستخدمونها؟ هل أحبوها؟ كيف يمكن أن ينجذبوا إليها؟»».

وقال بوش إنه يتوقع أن يعيش 20 عاما أخرى على الأقل، وإنه لا يرغب في أن يقضي الوقت المتبقي من حياته يعيش على ذكريات سنوات رئاسته الثماني. وقد وضع آماله الخاصة بمستقبله في خطط إقامة مركز رئاسي على مساحة 207 آلاف أقدام مربعة، سيحتوي على مكتبة لأرشيفه، ومتحف، ومعهد سياسة.

وقال مساعدوه إنه تم تحديد عام 2013 لافتتاح المركز، لكن معهد السياسة الذي سيقوم بتقديم برامج برلمانية سوف يبدأ نشاطه في خريف العام الحالي. ويخطط بوش لاستضافة علماء وقادة عالميين يلقون محاضرات حول الحرية، والاقتصاد، والحفاظ على أمن الشعوب. وسوف يشارك هو ولورا في المناقشات بصورة منتظمة. لكن بوش سيقوم أولا بكتابة كتاب يشرح فيه فترته الرئاسية تفصيليا. ويعتقد بوش أن الفترتين الرئاسيتين اللتين قضاهما في الحكم سيتم الحكم عليهما بناء على قرارات رئيسية، كالذهاب إلى الحرب في العراق، واختيار تشيني كنائب في إدارة البلاد، وتوجيه أنشطة إغاثة منكوبي إعصار كاترينا. وسيقدم المتحف جولة تفاعلية لتلك اللحظات الهامة، حتى يتمكن الزوار من معايشة لحظات القرارات التي اتخذها بوش. وسوف يركز كتابه، الذي يتوقع أن تطرحه دار «كراون» في عام 2010، على عدد من الخيارات الكبرى التي قام بها، والأسباب وراء ذلك.

وقد كتب بوش حتى الوقت الحاضر أكثر من 25 ألف كلمة، وتم إيفاد مساعد باحث إلى مستودع في لويسفيل بتكساس، حيث يقوم مؤقتا بتخزين أرشيفه. وفي تفسير الكتاب للأصدقاء، أكد بوش على أنه يرغب في تركه للمؤرخين المستقبَلين الذين سيدرسون فترة رئاسته بعيون جديدة. وقد أخبر بوش السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض في عهده، دانا بيرينو، أنه وجد راحة في العديد من الأعمال التي تناولت السيرة الذاتية لجورج واشنطن، وقال بوش «إذا كان الرئيس الأول لا يزال بحاجة إلى تحليل، فما الذي يمكن أن يقلق من أجله الرئيس رقم 43؟». وقال كيرببيجان كالدويل، صديق بوش والراعي في كنيسة يونايتد ميثوديست ويندسور فيلدج في هيوستن «هناك ارتياح ينبع من معرفة أنك لن تحيا حتى تشهد الحكم على فترة رئاستك، وهناك الكثير من الأمور التي يمكن التحكم بها». وقال كالدويل «إن بوش لا يهتم بآراء منتقديه الحاليين حول فترة حكمه، بقدر ما يشغله رأي الأجيال المستقبلية». وقد قام بوش خلال الشهر الماضي بزيارة صف حكومي أميركي في جامعة ساوزرن ميثودست لإلقاء محاضرة لمجموعة من الشباب، تتراوح أعمارهم بين 19 ـ 20 عاما ممن لم يصوتوا ضده. كانت المحاضرة قد خطط لها قبل أسبوع من إلقائها، لكنها ظلت سرية حتى وقت ظهور الرئيس مصحوبا برئيس الجامعة ونائبه، وثلاثة مساعدين شخصيين، ورجال استخبارات. وقد طُلب من الطلاب الثلاثين الذين حضروا كلمة بوش إغلاق هواتفهم الجوالة، وإبعاد كاميراتهم حتى انتهاء المحاضرة.

وقد تحدث بوش خلال الدقائق العشر الأولى عن مركزه الرئاسي، وحياته الجديدة في دالاس. وقد تعامل غالبية الطلاب، الذين وصفوا أنفسهم بأنهم محافظون في استبيان في بداية الفصل الدراسي، مع بوش باحترام بالغ، وعندما سأل عما إذا كان لدى أحدهم سؤال؛ رفع أحدهم يده وسأله «كيف اتخذت قراراتك خلال فترك رئاستك؟». كانت نوافذ قاعة الدرس مغطاة باللون الأبيض لمنع الدخلاء من التطفل، وكان رجال الاستخبارات يحرسون القاعة، وكان الطلاب منبهرين، لدرجة أنهم لم يتمكنوا من تدوين الملاحظات. وقف بوش في وسط قاعة الدرس، وقدم تلخيصا لفترة رئاسته، وقال «إنك تقوم باتخاذ قراراتك بناء على مبادئ، ومن ثم فلا تبدي قلقا تجاه الشعبية، أو استطلاعات الرأي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»