أفغانستان: رجل دين شيعي يدافع عن قانون جديد لتنظيم الأسرة

حذر الحكومة من التدخل لإجراء تعديلات عليه

TT

بعد الجدل الواسع الذي تسبب فيه قانون الأحوال الشخصية الخاص بالشيعة في أفغانستان، والذي يقلص من حقوق المرأة الشيعية، والانتقادات التي طالته، دافع أمس رجل دين شيعي كبير، هو آية الله محمد محسني، عن القانون واتهم منتقدي القانون في الغرب بدعم «الغزو الثقافي» وانتهاك الديمقراطية التي ينادون هم بها.

وبعد شهر من مصادقة البرلمان على مشروع اقترحه بالأصل محسني، وتوقيع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي عليه، علت أصوات في الداخل والخارج منددة بالقانون الذي لم يدخل حيّز التنفيذ بعد. ويحدد القانون تصرفات الأزواج الشيعة بأدق التفاصيل، ويجبر المرأة بأن تطلب الإذن من زوجها قبل الخروج من المنزل، إلا في حال أرادت الخروج لأسباب مقبولة اجتماعيا، مثلا للعمل أو حضور زفاف. كما يفرض القانون على المرأة أن تخضع لرغبات زوجها الجنسية إلا في حال كانت مريضة أو في دورتها الشهرية. وقد أصبح القانون يعرف بـ«قانون الاغتصاب داخل مؤسسة الزواج»، وهي التسمية التي أطلقتها عليه الصحافة الغربية.

وقد نظر إلى القانون في البداية على أنه اعتراف بحقوق الأقلية الشيعية التي تشكل نحو 20 بالمائة من الأفغان، والتي تناضل منذ مدة للحصول على اعتراف بمعتقداتها الدينية. إلا أنه مع تكشف تفاصيله بدأت الانتقادات توجه إليه، وتحول إلى ما يشبه الكابوس بالنسبة إلى الحكومة التي تكافح للموازنة بين الضغوط عليها من جهة التقليديين، والضغوط من جهة أخرى من الإصلاحيين في الداخل ومن الغرب.

وقد وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما القانون بأنه «بغيض»، كما لاقى القانون إدانة واسعة النطاق من جانب داعمي أفغانستان الغربيين، واعترض عليه أيضا عدد من الوزراء في الحكومة الأفغانية، إضافة إلى نحو 200 شخص من القادة الأفغان، وقالوا إنه يحمل المرأة إلى «شيء»، وقد يؤدي إلى «طلبنة» (من طالبان) أفغانستان.

وقال الرئيس الأفغاني الأسبوع الماضي إنه التقى بوزير العدل وأكبر الزعماء الدينيين في البلاد لبحث القانون، وهو ما دفع برجل الدين الشيعي محسني إلى تحذير الحكومة من تعديله، واعتبر أن تدخلها فيه غير مقبول. وقال محسني الذي يعتبر الزعيم الديني للشيعة الأفغان، في مؤتمر صحفي أمس، إن وزارة العدل ليس لديها حق في تغيير أي مادة. وأضاف: «إن أي تغيير ستدخله سيكون مخالفا للدستور. الغرب يضغط بشدة على كرزاي لتغيير القانون. إذا غير كرزاي القانون فإنه يعمل ضد الديمقراطية.. وإذا أبقاه فإنه متهم بالسلطوية».

وكان وزير الخارجية الأفغاني رانجين دادفار سبانتا من بين الوزراء الذين انتقدوا القانون، وقال: «لا يمكنني البقاء صامتا أكثر... القانون لديه نزعة توتاليتارية لا تقبل الفروقات بين ما هو علني وما هو شخصي. ويعرف بعض المواطنين الأفغان، ليس على أنهم أشخاص، بل عبيد».

وتحسنت حقوق المرأة بشدة في أفغانستان منذ الإطاحة بحكومة «طالبان» في عام 2001، التي كانت تمنع النساء من العمل والتعليم أو مغادرة منازلهن دون رجل. لكن أفغانستان تظل دولة إسلامية شديدة المحافظة، خصوصا في المناطق الريفية النائية. وقال بعض النساء الشيعة إنهن يوافقن على القانون من حيث المبدأ، لأنه يحتفظ بالفوارق المهمة بين الشيعة والسنة في أفغانستان، لكنه ليس مقبولا في شكله الحالي.

ويقول بعض المشرعين أيضا إن كرزاي وقع القانون على عجل لأنه يواجه انتخابات حاسمة في 20 أغسطس (آب) ويريد أن يجمع أصوات الشيعة الذين بوسعهم ترجيح كفته في الانتخابات.