القاهرة ترتب لحوار وطني سوداني لحل دارفور.. بمشاركة إقليمية ودولية

لقاءات بين عدد من زعماء الفصائل ومسؤولين مصريين.. وبروز تنافس قطري ـ مصري

TT

أكدت مصادر مصرية وسودانية مطلعة وجود ترتيبات لعقد جلسات حوار وطني سوداني، على غرار حوار الفصائل الفلسطينية، لحل أزمة دارفور. وأكدت المصادر المصرية أن الترتيبات في مراحلها الأولية، مشيرة إلى أن هناك اتصالات حثيثة ما زالت تجرى، لإقناع أكبر عدد من فصائل دارفور بالمشاركة في تلك المفاوضات، وكذلك إشراك دول تجاور السودان مثل تشاد.

وقالت المصادر المصرية «أإن أطرافاً عربية أخرى تلعب دوراً لإقناع تشاد بالمشاركة في مفاوضات القاهرة، لكن مصدراً مصرياً غير حكومي زار الخرطوم خلال الأيام القليلة الماضية، والتقى الرئيس عمر البشير ضمن آخرين، أشار في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى تحفظات وانتقادات سودانية على التعاطي المصري مع الأزمة، غير أن المصدر، الذي أمسك عن الخوض في طبيعة تلك التحفظات، وصف الموقف السوداني الرسمي من التعاطي قانوناً مع قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف البشير بأنه «موقف مرتعش» لأنهم يخشون فشلا آخر.

وعقد عدد من فصائل دارفور عدة اجتماعات في القاهرة خلال الأسبوع الماضي، مع مسؤولين مصريين على مستويات مختلفة، وتدارسوا معهم فرص عقد مفاوضات مباشرة بينهم وبين الحكومة السودانية، ونقلت القاهرة نتيجة مباحثاتها مع الفصائل الدارفورية، إلى حكومة السودان.

وأعقب اجتماعات المسؤولين المصريين مع فصائل دارفور (الجبهة المتحدة للمقاومة في دارفور برئاسة بحر الدين إدريس أبو قردة)، اجتماعاً آخر بين علي كرتي وزير الدولة بالخارجية السودانية، والوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية. ولفتت مصادر مطلعة في الخرطوم لـ«الشرق الأوسط» الانتباه إلى ترتيبات مصرية حثيثة، تجرى لخلق منبر للمفاوضات بين الحكومة، وعدد من الحركات المسلحة في إقليم دارفور في القاهرة، بحضور إقليمي ودولي، وأن هذا المنبر يجد الدعم من كل من الإدارة الأميركية وروسيا، وأضافت أن مصر مصرّة على نجاح المنبر.

ونوهت المصادر إلى أن المنبر سيأخذ شكلا أقرب إلى المؤتمر الموسع منه إلى جولة مفاوضات بين أطراف الصراع، وربما تطور الأمر فيما بعد إلى جولات ماراثونية تنتهي بتوقيع اتفاق للسلام بين الحكومة ومجموعة من الحركات المسلحة في دارفور. وينظر مراقبون في العاصمتين السودانية والمصرية إلى التحرك المصري بأنه يرشح قضية دارفور بقوة إلى ساحة صراع بين قطر ومصر في الفترة المقبلة. حيث تصر مصر على إنجاح منبرها، فيما تواصل قطر اتصالاتها لعقد الجولة الثانية من مفاوضات السلام بين الحكومة وحركة العدل والمساواة بنهابة أبريل الجاري في الدوحة، وأبدت المصادر قلقها من أن يؤدي تعدد المنابر الإقليمية حول قضية دارفور إلى إحداث تعقيدات أكثر فيها، وجعلها جزءًا من التجاذبات العربية ـ العربية القائمة الآن.

ونوهت المصادر إلى أن مصر وجدت الدعم من الإدارة الأميركية حول تحركاتها إبان الزيارة التي قام بها كل من وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، ومدير جهاز المخابرات المصري عمر سليمان إلى واشنطن في مارس الماضي. وكانت الحكومة السودانية رفضت بشدة مقترحاً مصرياً بعقد مؤتمر دولي في القاهرة لبحث قضية دارفور، باعتبار أن هذا المؤتمر تشارك فيه دول تؤيد المحكمة الجنائية الدولية وربما انتهى بتوصيات وقرارات لا تقبل بها الحكومة السودانية بصورة مبدئية، ورفضت فكرة الترويج للمؤتمر قبل التشاور معها بشأنه.

وكان علي كرتي، وزير الدولة للشؤون الخارجية، قال أول من أمس في القاهرة، إن مصر تسعى لترتيب جولة مفاوضات مع مسلحي دارفور، وأضاف أن مصر ستبدأ خلال الأيام المقبلة تحركات موسعة مع الحركات المسلحة في دارفور بغية إشراكها في المفاوضات. وأضاف أنه بحث التحرك المصري مع مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، وأشار إلى أن الجانبين تناولا أيضاً مشاركة تشاد في المفاوضات ودفعها للانضمام إلى جهود السلام، وذلك في إطار الدور المصري المؤيد والداعم للسودان على مستوى الأصعدة كافة.

غير أن حسام زكي المتحدث باسم الخارجية المصرية نفى وجود مبادرة مصرية منفصلة في الساحة، وقال في تصريحات، نقلت عنه في الخرطوم، إن مساعي القاهرة الجارية حالياً تهدف في مجملها لتحريك الموقف، وأضاف أن مصر تسعى للاستماع لمختلف الأطراف، من أجل الخروج باتفاق على عناصر بعينها لتسوية الأزمة بمختلف الاتجاهات. وقال زكي إن الدعم للسودان موجود، لكننا مهتمون بالتعرف على طبيعة الخطوات المقبلة كي نتعامل مع الأزمة في دارفور والتسوية السياسية للأزمة بكل أبعادها، وأضاف أن التنسيق المصري السوداني قائم ومعروف ومع كل الأطراف، وأعرب السفير حسام عن أمله في أن تحقق كل الخطوات المصرية الخير للسودان الموحد ولأهل السودان جميعاً.

من ناحية أخرى، وفي رد فعل من الحركة الشعبية على دعوة الدكتور حسن عبد الله الترابي لتشكيل حكومة انتقالية، لتجاوز أزمة السودان، قال مصدر من الحركة الشعبية طلب عدم ذكر اسمه لـ «الشرق الأوسط» إن الحركة الشعبية «لن تأبه» بالدعوات لحكومة انتقالية أو غيرها «لأنها متمسكة بتنفيذ اتفاقية السلام الموقعة بينها وبين حزب المؤتمر الوطني بحرفيتها»، وذكر المصدر أن اتفاقية السلام لم تنص أبداً على تشكيل حكومة انتقالية بالطرح الذي ورد على لسان الدكتور الترابي، وبالتالي فإنها ليست معنية بأي أمور أو اقتراحات خارج إطار هذه الاتفاقية.