«فتح» تتوقع رفضا مصريا لعقد مؤتمرها في القاهرة.. وأمين سرها يزور عمان للغرض نفسه

وسط خلافات داخل الحركة حول مكان الانعقاد

TT

رغم أن مصر لم ترد رسميا على طلب أحمد قريع (أبو علاء) مفوض التعبئة والتنظيم في حركة فتح، لعقد المؤتمر العام السادس للحركة الذي طال انتظاره فوق أراضيها، فإن قناعة تسود أوساط قيادات الحركة بأن الرد المصري سيكون بالنفي، رغم موافقة مصر المبدئية كما أعلن ذلك عضو اللجنة المركزية للحركة الممثل الشخصي للرئيس الفلسطيني في القاهرة نبيل شعث في الأسبوع الماضي.

ويؤكد على الموقف السلبي لمصر، كما قال مسؤول كبير في فتح لـ«الشرق الأوسط» هو وصول حكم بلعاوي أمين سر اللجنة المركزية لـ«فتح» إلى عمان أمس للقاء وزير الداخلية الأردني نايف القاضي لبحث إمكانية عقد المؤتمر في الأردن. في ذات الوقت فإن أبو علاء سيتقدم بطلبين إلى كل من تونس والجزائر لنفس الغرض.

وإذا ما رفض الأردن والجزائر وتونس إضافة إلى مصر طلب «فتح»، فإن هناك خيارات أخرى لدى الحركة كما قال المسؤول، منها عقده في ساحات 3 هي الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، أو عقد مؤتمر مصغر بدلا من المخطط له الذي سيضم ما لا يقل عن 1500 عضو، وهو عدد ضخم على بلد بمفرده لاستقباله حسب ما قال المسؤول. وهناك طرف داخل الحركة يدعو إلى عقده في مدينة أريحا بينما دعت حركة حماس والحكومة المقالة في غزة، «فتح» إلى عقد مؤتمرها في القطاع باعتباره المنطقة الفلسطينية المحررة الوحيدة.

وطرح فكرة عقد المؤتمر في أريحا محمد دحلان عضو المجلس الثوري للحركة ونائبها عن منطقة خان يونس، قبل نحو سنتين كما قال موقع الكتروني مقرب منه، إلا أن اللجنة المركزية رفضت الفكرة في حينها وفضلت عقد المؤتمر في الأردن.

يذكر أن مروان البرغوثي القيادي الأسير وجه رسالة علنية إلى قيادة «فتح» قال فيها إن كوادر الحركة في داخل فلسطين لم يتسن لهم المشاركة في أي مؤتمر منذ الانطلاقة عام 1965 حتى هذا التاريخ، وأن المؤتمر منذ انطلاقة الحركة حتى الآن لم ينعقد على أرض الوطن، وحان الوقت لانعقاده، لما لهذا الأمر من دلالات عملية ورمزية، خاصة أن الحركة نجحت في عقد دورتين للمجلس الوطني في الوطن 1996 و1998 ونجحت في عقد انتخابات تشريعية، ورئاسية مرتين.

ويرد أحد كوادر التيار المعارض لعقد المؤتمر في الداخل على ذلك بالقول، «الذين يريدون عقد المؤتمر في الداخل يعتقدون أنه يمكن السيطرة على المؤتمر أكثر، ويريدون إضعاف نفوذ قيادات في الخارج». وتساءل المصدر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «كيف يعقد مؤتمر فتح تحت الاحتلال.. هل ننتظر أن تقول إسرائيل إنها سهلت عقد مؤتمر حركة التحرر لوطني وترحب به.. ماذا إذا اقتحموا المدينة التي يعقد فيها المؤتمر أو قتلوا أحدا هناك ما هو موقف المؤتمرين، نحن حركة تحرر وليس سلطة».

وقالت مصادر أخرى في الحركة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) يميل إلى فكرة عقد المؤتمر في أريحا وذلك لحرمان خصومه اللدودين في الحركة وفي مقدمتهم عضو اللجنة المركزية فاروق القدومي (أبو اللطف) من المشاركة في هذا المؤتمر. ويرفض أبو اللطف العودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، انطلاقا من رفضه العودة إلى فلسطين تحت حراب الإسرائيليين كما يقول. ويختلف أبو اللطف مع أبو مازن حول كثير من القضايا في إدارة الحركة وكذلك في المواقف السياسية. ويعود الخلاف إلى ما قبل اتفاق أوسلو عام 1993. وتفاقم بينهما الخلاف إلى حد القطيعة على مدى السنوات الأخيرة رغم أكثر من محاولة صلح بينهما.

ولن يغفر أبو اللطف لأبو مازن سحب بساط مسؤولية وزارة الخارجية من تحت أرجله عندما كان رئيسا للوزراء، باستحداثه منصب وزير الخارجية وإسناده لنبيل شعث في حكومته التي عاشت نحو 4 أشهر فقط، عام 2003. وظل هذا المنصب قائما في الحكومات اللاحقة.

لكن المسألة لا تتوقف على عدم مشاركة أبو اللطف ومن يلف لفه، بل إن هناك شخصيات مهمة داخل الحركة تعارض عقده في الداخل في مقدمتها محمد غنيم (أبو ماهر) المفوض العام للتعبئة والتنظيم في الحركة الذي يقيم كما أبو اللطف في تونس ويرفض العودة إلى الأراضي الفلسطينية وهي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي. وهدد أبو ماهر كما ذكرت مصادر فتح، بمقاطعة المؤتمر إذا ما عقد في أريحا. وأبو مازن لا يستطيع أن يغضب أبو ماهر الذي يمثل القيادات التاريخية المؤسسة للحركة ويحظى باحترام خاص وواسع في أوساطها.

وسيحضر المؤتمر نحو 1500 عضوا وأنهت اللجنة التحضيرية جزءا كبيرا من عملها في ما يخص عضوية المؤتمرين. وقالت مصادر «فتح» أنه «تم إقرار عدد كبير من الأسماء بعد الاتفاق على نسبة كل القطاعات في الحركة، العسكرية والمتقاعدين والنسوية والشبيبة والنقابات الخ، ونسبة مشاركة الأقاليم في الداخل والخارج». وبحسب المصادر فإن بعض الخلافات في اللجنة التحضيرية لا تزال قائمة حول أسماء العسكريين، ومن سيدرجون تحت بند «كفاءات» وهؤلاء كوادر في فتح غير منتخبين ولا يعملون في أي من قطاعات الحركة ويتم اختيارهم تحت هذا البند. ولم يحدد بعد موعد لانعقاد المؤتمر الذي سيكون الأول منذ المؤتمر الخامس الذي عقد في تونس عام 1989. ولكن المصادر قالت للحركة إن المؤتمر سيعقد بعد شهر واحد فقط من تحديد المكان.