البحرين تطلق 178 من المحكوم عليهم في قضايا أمنية.. بعد عفو ملكي

مسؤول أمني لـ«الشرق الأوسط»: العفو شمل قضايا الحق العام دون قضايا الحق الخاص

شباب بحرينيون يرفعون اعلام بلدهم وذلك في أعقاب عفو ملكي أصدره الملك حمد بن عيسى آل خليفة على 178 محكوما أول من أمس (رويترز)
TT

أطلقت البحرين أمس سراح 178 من المواطنين المحكوم عليهم أو المتهمين في قضايا أمنية، وذلك في أعقاب عفو ملكي أصدره الملك حمد بن عيسى آل خليفة مساء أول من أمس. وشمل العفو العشرات من المحكوم عليهم أو ممن يواجهون أحكاما بالسجن لفترات طويلة غالبيتهم من الناشطين الشيعة. كما شمل العفو الملكي المتهمين في المحاولة الأخيرة للقيام بـ«أعمال إرهابية» غداة العيد الوطني للبحرين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكذلك محكومين آخرين بتهم «الترويج لقلب وتغيير النظام السياسي».

ووفقا لمسؤول أمني تحدث لـ«الشرق الأوسط» فإن جميع المتهمين والمحكوم عليهم في قضايا أمنية سابقة، «شملهم هذا العفو الملكي»، مؤكدا أن العفو شمل الأمين العام لحركة الحريات والديمقراطية (حق) حسن مشيمع والقيادي في الحركة عبد الجليل السنقيس ورجل الدين الشيعي محمد المقداد و32 متهما آخر تجري محاكمتهم بتهم الإعداد لأعمال إرهابية إبان احتفالات البلاد بالعيد الوطني وعيد جلوس الملك.

غير أن المسؤول الأمني أكد في الوقت نفسه أن العفو شمل جميع المتهمين والمحكومين في قضايا تخص الحق العام، موضحا أن قضايا الحق الخاص لم يتم شملهم في هذا العفو «لوجود جهات أخرى لها ارتباطات في هذه القضايا».

وقال المصدر إن العفو استثنى 10 معتقلين متهمين في قضية قتل الشرطي أصغر علي، وكذلك في قضية أخرى قتل فيها مقيم باكستاني حرقا خلال مواجهات بين شبان شيعة وبين قوات الأمن. وشدد المصدر على أن قضايا الحق الخاص لها إجراءاتها الخاصة التي لا يشملها مثل هذا العفو، الذي يخص كافة المحكومين أو المتهمين بقضايا الحق العام فقط. كما شمل قرار العفو أيضا الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة الذي وجهت له محكمة بحرينية في وقت سابق تهمة «الترويج لقلب وتغيير النظام السياسي، والتحريض على كراهية نظام الحكم، وبث شائعات ودعايات مثيرة من شأنها التسبب باضطراب الأمن العام والإضرار بالمصلحة العامة».

وبثت السلطات البحرينية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي اعترافات 14 فردا متهمين بالانتماء لمجموعة إرهابية، وقالت وزارة الداخلية إنهم كانوا يخططون لتنفيذ عمل إرهابي غداة احتفالات البلاد. وأوضحت الاعترافات التلفزيونية أن المتهمين قد تلقوا تدريبات في معسكر متخصص في سورية، وإنهم تلقوا تدريبات مكثفة في كيفية صنع العبوات الناسفة والمتفجرات وطرق استخدامها وتفخيخ السيارات. وبعيد العفو الملكي تم إطلاق سراح جميع المتهمين في هذه القضية.

وخاطب وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، الذي أعلن العفو، المعفي عنهم بقوله إن الأعمال المنافية للقانون والمخلة بالأمن «تولد الريبة من قبل الجميع بسبب خوفهم على ممتلكاتهم وبلدهم وعليكم وعلى سمعة الوطن، وبالتالي فإنه يجب ألا تعود تلك الأيام على أحد من أهلنا ولا على هذا البلد الطيب». وأضاف: «قد أصبح لزاماً عليكم التعاون والحرص على أمن البلد، وهذا خير ما تقدمونه لأهلكم وبلدكم.. وأنه بعد التدقيق تبين أن البعض منكم عليه أسبقيات وهذا العفو الملكي الكريم يعتبر فرصة منحها جلالة الملك (حمد بن عيسى) لكم ، فعليكم الاستفادة منها لتجاوز الماضي لما فيه خيركم وصلاحكم» . وشمل قرار العفو كذلك مجموعة من الشباب الشيعة الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن في قضايا عديدة أبرزها قضية المتهمين بالاستيلاء على سلاح ناري وذخيرة للشرطة في مواجهات دارت في ديسمبر (كانون الأول) 2007. وعلى غير العادة، شهدت القرى البحرينية مساء أول من أمس ومساء أمس، هدوءا بعيدا عن الاستنفار الأمني الذي يصاحب هذه المناطق في الآونة الأخيرة، وتسبب العفو الملكي في تحول هذه القرى من المواجهات الأمنية مع قوات الأمن، إلى مسيرات فرح قام بها أبناء هذه القرى، تعبيراً عن سعادتهم بالعفو الذي أنهى حالة من الاحتقان في الشارع البحريني. وبحسب مصادر فإن هناك توجها بحرينيا رسميا لتنفيذ برنامج إصلاحي للمعفي عنهم، في مسعى لعدم عودتهم لمثل هذه القضايا في وقت لاحق، ومن المنتظر أن يتم الكشف عن تفاصيل هذا البرنامج في الأيام القليلة المقبلة. ومن جهتها، وتعليقا على العفو الملكي، قالت «جمعية الوفاق الوطني الإسلامي»، كبرى جمعيات المعارضة في البحرين، إن البحرين قد مرت خلال الفترة الأخيرة «بنفق مظلم بعد دخول المملكة في حالة غير مسبوقة من التأزم السياسي والأمني الذي انعكست تداعياته بشكل كبير على معظم مفاصل العمل السياسي والحراك المجتمعي للحد الذي أعاد بعض ملامح الحقبة المظلمة من فتح لأبواب السجون وتصاعد حالات العنف والعنف المضاد». وأكدت «الوفاق» على دور وجهود «السادة العلماء بالإضافة إلى جهود جمعية الوفاق الوطني الإسلامية منذ بداية الأزمة الأخيرة الذين كان لهم خطوات عملية حثيثة ومدروسة في الوصول لما وصلت إليه الأمور من الإفراج عن الإخوة الموقوفين والمحكومين». غير أن جمعية الوفاق قالت أيضا إنها تقدم «الشكر الكبير لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة معتبرين هذا النوع من المبادرات الطيبة بمثابة الرغبة الصادقة من لدن جلالته تجاه شعبه وجرعة كبيرة على طريق الإصلاح الناجع وذلك من خلال الاستجابة الكريمة للعلماء». وعبرت عن تثمين قرار الإفراج الصادر عن جلالته، «ونعتبر ذلك بداية لصفحة جديدة نرتكز فيها على هذه الخطوة الكبيرة على أنها البداية التي تؤسس لواقع أفضل». كما أكدت «الوفاق» على أهمية الحاجة إلى توافق عام على الأسس والثوابت الوطنية للحركة السياسية «على ألا تفرض أجندات ورؤى خاصة على النسق الوطني العام في العمل السياسي الذي تحدد ملامحه الحاجة الوطنية الصحية إلى الإصلاح والتغيير».