تايلاند: المتظاهرون يقتحمون وزارة الداخلية ويهاجمون سيارة رئيس الوزراء

إعلان حالة الطوارئ في بانكوك ورئيس الوزراء يعد بفرض القانون * تاكسين شيناواترا يريد العودة إلى البلاد لدعم أنصاره

أحد المتظاهرين ضد الحكومة يركع أمام قوات مكافحة الشغب، مناشدا إياهم عدم استخدام القوة (أ.ب)
TT

أطلقت القوات التايلاندية أعيرة في الهواء ردا على اقتحام محتجين مناهضين للحكومة وزارة الداخلية أمس، بعد أن أعلن رئيس الوزراء ابهيسيت فيجاجيفا حالة الطوارئ في العاصمة متوعدا بإحلال القانون ولو بالقوة، بعد أن عرقل المتظاهرون الموالون لرئيس الوزراء السابق تاكسين شيناواترا انعقاد القمة الآسيوية في البلاد متسببا بحرج كبير للحكومة.

وأحاط المحتجون بسيارة ابهيسيت وطرقوا عليها بعصي ومضارب، ولكن التلفزيون أظهر صورا للسيارة وهي تغادر مقر الوزارة. وقال صحافي لـ«رويترز» في مكان الواقعة، إن الجنود لم يبذلوا في بادئ الأمر جهدا لمنع المحتجين من دخول المبنى، ولكنهم أطلقوا أعيرة نارية في الهواء لمنع المزيد من الانضمام إليهم.

وتأتي أحدث اضطرابات غداة اقتحام محتجين من أنصار شيناواترا لمقر قمة زعماء مجموعة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) مما أدى إلى إلغائها والإضرار بشدة بالثقة في الحكومة. كما تجمع أيضا عشرات من المحتجين الذين يرتدون قمصانا حمراء في المنطقة المحيطة بمقر الشرطة ولكنهم لم يدخلوا إليه. وعطل البعض سيارات مدرعة قرب المقر في حين رقص آخرون فوق السيارات.

ورأى شهود كذلك سيارات مدرعة عند وزارة الخارجية. وقال متحدث باسم الجيش على شاشات التلفزيون، إن المواطنين يجب ألا يشعروا بالانزعاج من تحركات تلك السيارات، وأن هذا ليس انقلابا بل جزءا من الإجراءات الأمنية التي أمرت بها الحكومة. وقد زاد عدد المتظاهرين عند المقر الحكومي لابهيسيت، وهو بؤرة الاحتجاجات منذ أواخر مارس (آذار)، إلى أكثر من أربعة آلاف بحلول عصر أمس.

وقال زعماء من الجبهة المتحدة للديمقراطية ضد الدكتاتورية المؤيدة لتاكسين، إنهم «اعتقلوا» أحد حراس الأمن لرئيس الوزراء، وإنهم يعالجونه من جروح أصيب بها في الرأس. وفي خطاب أسبوعي وجهه للأمة، قال ابهيسيت إن أوامر اعتقال أخرى سوف تصدر ضد المسؤولين عن أكبر اضطرابات في الأزمة السياسية الطويلة في تايلاند.

وقال ابهيسيت «في الوضع الحالي.. ما يتعين علي فعله هو تحقيق السلام في البلاد، وإعادة الحكم والقيام بعملية إصلاح سياسي». وصرح «أريد أن أقول للمتظاهرين لا يحق لكم انتهاك القانون أو تقييد حقوق الآخرين، وإلا ستذهب الحكومة بعيدا في إطار حال الطوارئ». وأضاف أنه التقى مع مسؤولي الجيش لبحث الفشل الأمني الذي أتاح للمتظاهرين اقتحام مقر انعقاد القمة في باتايا.

وتابع رئيس الوزراء التايلاندي أنه «تم خلال الاجتماع مراجعة الوضع والمشاكل، وجرى الاتفاق على عدم تكرار مثل هذه الأخطاء». ورفض الرضوخ لمطالب المتظاهرين باستقالته وإجراء انتخابات جديدة. وأبدت الصحف التايلاندية غضبها سواء من الإهانة التي وجهها أنصار تاكسين للزعماء الأجانب، أو لعجز الحكومة عن فرض إجراءات أمنية كافية. وقالت صحيفة «بانكوك بوست» في مقال افتتاحي بصدر صفحاتها «كان أمس يوما مخزيا حقا لبلادنا التي تم تدمير صورتها على المستوى الدولي».

وأعلنت حالة الطوارئ أمس في بانكوك ومحيطها وانتشر الجيش في شوارع العاصمة بعد سلسلة من الأحداث العنيفة التي أثارها معارضو رئيس الوزراء. وأوقعت أعمال عنف جديدة أمس ستة جرحى في بانكوك بعد توقيف أحد قادة المتظاهرين، بحسب أجهزة الطوارئ.

وتمكن المتظاهرون أمس من الاستيلاء على دبابة للجيش كانت متمركزة في بانكوك، على ما أعلن ناطق باسم الشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية. وصرح الجنرال سوبورن فانسوا الناطق باسم الشرطة البلدية في بانكوك «انتشرت التظاهرات في مناطق كثيرة في بانكوك، واستولى المتظاهرون على دبابة وسيارة مصفحة». من جهته أكد هوينغ توجيراكارن، أحد قادة المحتجين، أن أتباعه استولوا على دبابتين. وقال «استولينا على سيارة مصفحة ودبابتين».

وذكرت الشرطة أنها اعتقلت اريسموم بونغروينغرونغ وهو مطرب شهير ذاع صيته في الهجوم على مقر القمة في بلدة باتايا السياحية، وأنها تحتجزه في مركز للشرطة إلى الشمال من بانكوك.

وتعرض ابهيسيت للإحراج السياسي عندما ألغيت قمة الآسيان التي روج لها كدلالة على عودة البلاد لسابق عهدها، وذلك بعد اقتحام محتجين كانوا يرتدون قمصانا حمراء مقر القمة مما استدعى إجلاء الزعماء الحاضرين باستخدام طائرات هليكوبتر.

ويقول أنصار تاكسين إن ابهيسيت لم يصبح رئيسا للوزراء إلا بعد مؤامرة برلمانية بتدبير من الجيش. وهم يريدون إجراء انتخابات جديدة سيكونون في وضع جيد للفوز بها. ويعيش تاكسين في المنفى الذي فرضه على نفسه لتجنب السجن بعد إدانته بالفساد ويقال إنه يمول الاحتجاجات.

واتصل تاكسين هاتفيا بأنصاره عند مقر الحكومة في وقت متأخر أول من أمس وشكرهم على تضحيتهم. وقال «إذا ما اتحد أنصارنا في بانكوك وفي كل الأقاليم... أعتقد أننا يمكننا أن نغير البلاد هذه المرة. سوف نرى ديمقراطية حقيقية مع وجود الملك رئيسا للبلاد».

إلى ذلك، دعا نائب رئيس الوزراء التايلاندي المكلف شؤون الأمن سوتيب تانغسوبان، أمس، الشرطة والجيش إلى التحرك فوراً لوقف الاضطرابات التي اندلعت في بانكوك. وقال سوتيب في تصريح تلفزيوني «على الشرطة والجيش أن يقوما بواجبهما المتمثل في القيام بكل ما في وسعهما لإعادة الحياة إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن». وأضاف «بصفتي قائداً للعمليات الطارئة، سأتحمل مسؤولية أعمالهما أياً كانت».

من جانبه، شجع رئيس الوزراء التايلاندي السابق المقيم في المنفى تاكسين شيناواترا أنصاره في حركة «القمصان الحمر» على مواصلة التظاهرات في بانكوك، ووعد بالعودة إلى البلاد في حال قمعتهم السلطات.

وفي محادثة هاتفية نقلت مباشرة أمام الآلاف من عناصر «القمصان الحمر»، شكر تاكسين العسكريين على امتناعهم عن أعمال العنف حتى الآن ودعاهم إلى الانضمام إلى المتظاهرين.

وقال إن العسكريين «يمكن أن ينضموا إلى (القمصان الحمر) لمساعدتنا في الحصول على الديمقراطية من أجل الشعب». وأضاف تاكسين من مكان في الخارج بقي سراً «إنها لحظة ذهبية. سنكتب التاريخ ولن يكون هناك بعد الآن انقلابات في تايلاند».

وتابع رئيس الوزراء السابق يقول «سأراقب الوضع بعناية وسأعود إلى تايلاند فوراً في حال حصول أي عنف».