قاضي قضاة فلسطين يدعو لشد الرحال للقدس تضامنا مع «المسجد الأسير»

المفتي السابق لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل تعتقد أنه آن الأوان لفرض سيادتها على الحرم

طفل فلسطيني امام ملصق جداري ضخم يضم صور العديد من الاسرى في السجون الاسرائيلية احياء ليوم الاسير الفلسطيني امام مقر الصليب الاحمر الدولي في القدس الشرقية المحتلة امس (رويترز)
TT

دعت قيادات سياسية وروحية فلسطينية إلى اعتبار اليوم.. يوم «نفير وغضب» ردا على نية جماعات يمينية يهودية اقتحام المسجد الأقصى. وقال حاتم عبد القادر مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لشؤون القدس، «دعونا الناس والفعاليات الوطنية والدينية والمؤسسات من أجل المشاركة». ويتوقع مستشار فياض أن يشارك عدة آلاف من الفلسطينيين.

لكن عبد القادر، رجح أن تمنع الشرطة الإسرائيلية المسيرة الكبيرة التي يخطط لها مستوطنون متطرفون اليوم لاقتحام المسجد الأقصى. وقال عبد القادر لـ«الشرق الأوسط» ان الشرطة الإسرائيلية ألمحت له بهذ الامر. واوضح ان الدعوة الفلسطينية، الى النفير نحو المسجد الأقصى ستظل قائمة حتى لو تم إلغاء مسيرة المستوطنين.

وعقدت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، مؤتمرا صحافيا امس، حذرت فيه من تصاعد خطورة الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية التي تطال مدينة القدس عموما والأقصى خصوصا. وطالب تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين، بشد الرحال اليوم الى القدس والأقصى تضامنا مع «المسجد الأسير». وقال «إن كل من يستطيع الوصول الى القدس غدا ويتقاعس فهو آثم». أما المطران عطا لله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، فقد اكد على ضرورة تكاتف الجهود بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين وخارج فلسطين للدفاع عن مدينتهم ومقدساتهم. وطالب حنا جميع المسيحيين بالتوجه اليوم الى القدس وكنيسة القيامة للاحتفال بعيد القيامة ومؤازرة إخوانهم المسلمين في الدفاع عن الأقصى.

وأكد حنا أن المسيحيين الفلسطينيين ليسوا غرباء في القدس ويجب ألا يكونوا كذلك، وذلك ردا على سياسة التهميش التي تمارسها سلطات الاحتلال في حقهم.

ودعت جماعات يهودية منذ اسبوع الى تحويل اليوم الى «يوم مميز» للزحف اليهودي نحو الأقصى من أجل «تطهيره من دنس العرب». ووصفت هذه الدعوات بأنها الأخطر والأوسع منذ بداية احتلال القدس عام 1967. ووزع المستوطنون، ملصقات وبيانات لتنظيم المسيرة التي أطلقوا عليها حملة «شدّ الظهر»، ومن المقرر حسب الاعلانات، ان تمر المسيرة من أسواق وأحياء البلدة القديمة، ومن ثم تتوزع على أبواب الحرم القدسي. وتسعى هذه الجماعات لدخول الآلاف الى ساحات الأقصى تتويجا لنهاية عيد الفصح اليهودي. ودفعت الشرطة الإسرائيلية، امس، بتعزيزات إلى داخل البلدة القديمة ومحيط بوابات المسجد الأقصى، كما دفعت بتعزيزات مماثلة على بوابات البلدة القديمة ووسطها. وحذرت الشرطة عبد القادر من تجمع الفلسطينيين في الأقصى، وأبلغته بأن الدعوة إلى نفير عام تشبه إعلان حرب، فرد عليهم عبد القادر بأن الفلسطينيين لا يأتون لزرع الشوك بل لخلعه. وأوضح عبد القادر أن توافد المصلين إلى الأقصى سيبدأ عند صلاة الفجر وسيكثفون من حضورهم بعد الساعة السابعة والنصف (تفتح إسرائيل أبواب المسجد في هذا الوقت). واتهم عبد القادر الحكومة الإسرائيلية بأنها تقف وراء محاولة «الاجتياح» وقال «الجمعيات التي دعت للمسيرة مثل «عطيرت كوهانيم» (الاستيطانية) و«أمناء جبل الهيكل»، تابعون لأحزاب في الائتلاف الحاكم». وتابع، «جزء من الليكود وشاس وإسرائيل بيتنا والبيت اليهودي مشاركين غدا (اليوم).. هذا اجتياح رسمي من حكومة المتطرفين، وهذا اجتياح سياسي وليس دينيا».

وحمل عبد القادر الحكومة الإسرائيلية كل ما ينجم عن اعمال العنف داخل الأقصى، وقال «لن نقف مكتوفي الايدي وسنتصدى لهم وعليهم ان يفهموا انه اذا ما سال الدم في الأقصى فهذا مؤشر لانطلاق انتفاضة أقصى ثانية ستتجاوز حدودها مدينة القدس». وقادت السلطة امس حملة دولية، والتقى رياض المالكي وزير الخارجية، ورفيق الحسيني رئيس ديوان الرئاسة، مع أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى السلطة الوطنية، والمؤسسات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية، من اجل اطلاعهم على الوضع الخطير الذي تعيشه مدينة القدس المحتلة، جراء الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير وتهويد معالم المدينة.

وأكد المالكي أن السلطة طالبت بعقد اجتماع لجامعة الدول العربية، وعلى مستوى المؤتمر الإسلامي، لمناقشة الوضع الخطير للمدينة المقدسة. وأضاف «سنتوجه كذلك إلى الأمم المتحدة». وأشار المالكي، إلى أن الرئيس الفلسطيني في اتصال مستمر مع كافة الأطراف، خاصة أعضاء اللجنة الرباعية لمنع التصعيد الإسرائيلي الذي ينسف حلم الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وشدد الحسيني على أن قيام المستوطنين باقتحام الأقصى، يهدد بتفجر الوضع بسبب الاحتقان الكبير الذي تشهده مدينة القدس، وسائر الأراضي الفلسطينية.

أما الدكتور طالب أبو شعر وزير الأوقاف والشؤون الدينية في الحكومة المقالة فقد دعا لجنة القدس المنبثقة عن مؤتمر القمة الإسلامية بضرورة عقد قمة عاجلة لبحث الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة على القدس والأقصى. وفي مؤتمر صحافي عقده في غزة طالب أبو شعر مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة لرصد وبحث الخروقات اللاإنسانية والانتهاكات الإسرائيلية البشعة، بحق المقدسات الإسلامية، محذرا من أي «حماقات». واستعرض أبو شعر الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية ضد الأقصى قائلا: «إن الاحتلال الصهيوني أعد خمسين مخططا لتهويد القدس ومحو هويتها العربية والإسلامية، وإقامة القدس الكبرى التي يخطط لها لتضم 84 مستوطنة صهيونية». وأدان الدكتور صلاح البردويل القيادي في حركة حماس مما سماه بـ«الصمت والتواطؤ» مع إسرائيل في ارتكاب جرائمها ضد الأقصى. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال البردويل إن إسرائيل تتحمل المسؤولية المباشرة عن أي قطرة دم تهرق في القدس. وتوقع البردويل اندلاع انتفاضة جديدة ردا على الاعتداءات الإسرائيلية ، مستذكرا اندلاع انتفاضة الأقصى ردا على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون للاقصى عام 2000. ودعا القيادي في حركة الجهاد الاسلامي الشيخ نافذ عزام كل الفلسطينيين في كل الدول والعواصم العربية والإسلامية إلى الخروج في مسيرات حاشدة اليوم لنصرة الأقصى الذي، وتأكيدا على وحدة الموقف ورفضا للسياسية الإسرائيلية. وفي تصريح صحافي، قال عزام إن اليوم «يجب أن يكون يوم غضب».

وقال قال الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس إن توجه الجماعات اليهودية لاقتحام المسجد الأقصى يأتي في إطار السعي لفرض واقع جديد في «الأقصى». وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، حذر صبري من أن هذه الجماعات تسعى بالتعاون مع الحكومة الجديدة إلى إيجاد واقع جديد في الأقصى، على غرار الواقع السائد في الحرم الإبراهيمي في الخليل، الذي يؤدي فيه اليهود صلواتهم، مشيرا إلى أن الجماعات المتطرفة تستغل الأعياد اليهودية في تسويغ اقتحاماتها الاستفزازية. واعتبر الشيخ صبري المفتي السابق للقدس أن إصرار الجماعات اليهودية على اقتحام الأقصى يعكس رغبة اليهود في السيطرة عليه، إذ يوجد انطباع لدى معظم الجماعات اليهودية بأن الظروف مناسبة ووصل اليمين المتطرف الى الحكم، للانقضاض على «الأقصى». واستدرك صبري قائلا إن المخططات «الإجرامية» للمس بالأقصى هي نتاج انجراف المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف الديني، وتعاظم توجهاته العدائية ضد الفلسطينيين. وشدد على أن الهيئة الإسلامية العليا دعت كل الفلسطينيين لشد الرحال للدفاع عنه، على اعتبار أن ذلك واجب ديني ووطني وقومي من الطراز الأول. وحذر صبري الحكومة الإسرائيلية من مغبة السماح بالمساس بالأقصى، معتبرا أنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن التبعات الخطيرة للخطوات الاستفزازية هذه. وشدد على أنه في حال لم تبعد الشرطة المتطرفين عن محيط الأقصى، فإن مواجهات عنيفة ستندلع في المكان. وقال الشيخ مروان أبو راس رئيس رابطة علماء فلسطين إن نية المستوطنين تنذر بعواقب وخيمة في ظل الحكومة اليمينية. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال أبو راس إن إقدام إسرائيل على سرقة أحجار من الأقصى ونقلها إلى مقر الكنيست يعد تطورا خطيرا يستدعي شحذ الهمم ورص الصفوف لمواجهة المخططات الصهيونية الرامية إلى طمس المعالم الإسلامية وتغييب الهوية العربية عن مدينة القدس المحتلة.