اتفاق سوداني أميركي على محادثات لوقف النار بين الخرطوم وفصائل دارفور في أديس أبابا

معلومات «الشرق الأوسط» من واشنطن: مفاوضات سلام تتبع المحادثات ورفع متدرج للحظر التجاري.. إذا التزمت الحكومة السودانية

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة الاطلاع أن واشنطن والخرطوم اتفقتا على رعاية محادثات لوقف إطلاق النار في دارفور تعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في وقت لاحق، وفي حالة تحقيق ذلك سترعى الولايات المتحدة محادثات سلام بين الجانبين، على غرار محادثات نيفاشا في كينيا التي أدت إلى تحقيق السلام بين الشمال والجنوب.

وأشارت المصادر إلى أن الجانبين اتفقا خلال الزيارة التي قام بها سكوت غريشن مبعوث الرئيس باراك أوباما على هذه الخطوة، كما اتفقا على «صيغة مرنة» لعمل منظمات الإغاثة في الإقليم المضطرب في غرب السودان تكون بديلا لعودة 13 منظمة كانت السلطات السودانية أبعدتها من هناك، وكان غريشن قال في ختام زيارته للسودان قبل أسبوع انه ليس هناك احتمال ولو ضئيل لعودة المنظمات التي طردت من الإقليم. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال في وقت سابق إن غريشن سيحاول ترتيب مفاوضات بين الفصائل الدارفورية المسلحة وحكومة الخرطوم لوضع نهاية للصراع الذي أدى الى مقتل مئات الآلاف منذ عام 2003.

وفي السياق نفسه اتفقت الخرطوم على ان تتخذ واشنطن من جانبها خطوات لوضع العلاقات في مسار جديد، في حين طلب غريشن من الخرطوم تحقيق بعض المطالب، قبل أن يعود الى السودان من جديد بعد أربعة أسابيع. وتحدث الرئيس السوداني عمر البشير أول من أمس أمام البرلمان السوداني بطريقة ايجابية حول الإشارات التي أرسلتها واشنطن. وعلمت «الشرق الأوسط» كذلك أن مباني السفارة الأميركية في الخرطوم في منطقة سوبا، من المقرر ان تكتمل في ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام، وعندها يمكن للقنصلية الأميركية في الخرطوم إصدار تأشيرات على الجوازات السودانية، حيث يطلب حاليا من جميع السودانيين باستثناء حملة الجوازات الدبلوماسية الحصول على تأشيرات من القاهرة.

وفي الخرطوم كشفت مصادر رسمية في الخرطوم أن الحكومة السودانية على وشك التوصل إلى اتفاق مع أطراف دولية غربية من بينها الولايات المتحدة تسمح الخرطوم بموجبه لمنظمات أجنبية جديدة من بينها أميركية للعمل في السودان لسد الفجوة في الخدمات التي خلفها طرد 13 منظمة غربية من بينها منظمات أميركية من العمل في المجال الإنساني في السودان، وقالت المصادر إن الوفد السوداني، الذي سيغادر إلى باريس خلال أيام سيحمل معه مقترحات الاتفاق.

فيما نسب إلى مكتب السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأميركي، الذي وصل الخرطوم عصر أمس في زيارة رسمية للسودان أن مباحثات الأخير مع المسؤولين في الخرطوم، والتي تبدأ اليوم تشمل الرئيس عمر البشير. وقال كيري في تصريحات له بعد وصوله الخرطوم انه «سعيد بزيارة السودان»، وأضاف انه يتطلع إلى مباحثات ونقاش عميق مع المسؤولين في الدولة حول الموضوعات والقضايا التي بدأ الحديث حولها العام الماضي بين البلدين، وأنه سيلتقي بعدد من المسؤولين في الحكومة وسيزور بعض المناطق للوقوف على الأوضاع الإنسانية والأمنية.

من جانبه، أعلن محمد الحسن الأمين نائب رئيس البرلمان السوداني في تصريحات له عقب استقباله كيري في مطار الخرطوم الدولي ترحيبه بالسيناتور، وقال إن السودان حكومة وشعبا يرحبون بالزيارة، وعبر عن أمله في أن تؤتي الزيارة ثمارها بالتطبيع بين البلدين، وقال إن السودان بأمل كبير في سياسة التغيير التي جاء بها الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما.

وقال عبد الباسط بدوي السنوسي مدير عام العلاقات الثنائية بوزارة الخارجية في تصريحات صحافية موقف السودان الثابت في التعامل مع الولايات المتحدة والذي يتمثل في الدعوة للحوار مع واشنطن حتى في أحلك الظروف، وأضاف أنه لدى السودان قناعات بأنه مهما وجدت مشاكل وتعقيدات في العلاقات فإن التغلب عليها ليس عن طريق الضغوط والتهديدات وإنما عبر الحوار الجاد والموضوعي وعن طريق الوقوف على القضايا الحقيقية موضوع الخلاف ومناقشتها ومحاولة التوصل إلى حلول ترضي الطرفين، وقال: «إن هذا هو ما دعونا له في السابق وما ندعو له حالياً».

وعبر السنوسي عن ارتياحه للنهج الجديد للإدارة الأميركية في تناولها لمختلف القضايا العالمية، وقال إن «السودان استقبل المبعوث الأميركي بقلب مفتوح وسمعنا منه حديثاً طيباً يدعو إلى التفاؤل»، وأضاف: «لكن ليس هذا نهاية المطاف وإنما بداية الطريق نحو الحلول عبر الحوار والتفاهم كخطوة أولى لها ما بعدها».

في غضون ذلك، كشفت مصادر رسمية في الخرطوم أن الحكومة السودانية «على وشك» التوصل إلى اتفاق مع أطراف دولية غربية من بينها الولايات المتحدة تسمح الخرطوم بموجبه لمنظمات أجنبية جديدة للعمل في السودان لسد الفجوة التي خلفها طرد 13 منظمة غربية من بينها منظمات أميركية من العمل في المجال الإنساني في السودان، وتوقعت أن تكتمل الخطة بعد موافقة جميع الأطراف ذات الصلة بعمل المنظمات والعمل الإنساني في دارفور. وحسب المصادر فإن الحكومة وعدت حسب الاتفاق المتوقع بتوفير تسهيلات كبيرة لتتمكن وكالات الغوث ومنسوبيها من التحرك والعمل في دارفور تحديدا، ولم تستبعد المصادر أن تمنح الحكومة العاملين في وكالات الإغاثة تأشيرة دخول سريعة مع إمكانية استخدام البطاقات في التحرك الداخلي، وذكرت المصادر أن القيادات الحكومية ناقشت باستفاضة تأثيرات طرد المنظمات الأجنبية وعدم قدرة نظيرتها الوطنية على سد الثغرة بالنظر إلى الفارق في الخبرة والقدرات المادية، فضلا عن عدم مقبولية الجهات الحكومية والوكالات المحلية وسط النازحين في معسكرات دارفور.

وطبقا للمصادر إن المباحثات مع المبعوث الأميركي الخاص للسودان اسكوت غرايشن الذي أنهى زيارة للسودان الأسبوع الماضي، وكانت الأولى له منذ توليه المنصب خلصت إلى قبول وكالات غوث أميركية جديدة شريطة أن تستوعب الكادر المحلي من السودانيين الذين كانوا يعملون في المنظمات المطرودة، وحسب المصادر فإن الحكومة لن تسمح بعودة أي موظف أجنبي أبعدته منظمته، وقالت إن الاتفاق المتوقع إعلانه يشمل تقوية العملية الإنسانية في كل من الجنوب والمناطق الثلاثة «ابيي، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق»، وذكرت المصادر أن الوفد السوداني، الذي سيغادر إلى باريس خلال أيام سيحمل معه مقترحات الاتفاق لمعرفة مدى قبول وكالات جديدة تحل مكان المنظمات الفرنسية المطرودة وفق ذات الشروط التي طرحت على المبعوث الأميركي «غراشين» في الخرطوم، ونفت المصادر تعارض الاتفاق المتوقع مع قرار الخرطوم بسودنة العمل الإنساني، منوهة إلى أن السودنة تتم خلال عام.

في الأثناء، قال مصدر مطلع إن وزارة الشؤون الإنسانية السودانية رصدت مخالفات جديدة لثلاث منظمات من جنسيات بريطانية وهولندية ودنماركية، ووعدت باتخاذ إجراءات ضدها. وأكد المصدر ضلوع الـ 3 منظمات في أعمال لا علاقة لها بالعمل الإنساني، وأضاف: تجرى الآن تحقيقات ومشاورات لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وأكد أن الدولة لن تتهاون في طرد أية جهة أجنبية وذلك للحفاظ على سيادة البلاد وحمايتها.