أفغانستان تتخوف من اتفاقية سوات لتطبيق الشريعة مع طالبان

واشنطن اعتبرتها تراجعا عن تشجيع الديمقراطية ودعم حقوق الإنسان

مولانا صوفي محمد يجلس مع مؤيديه من عناصر طالبان المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية في وادي سوات في مقر الحركة الأصولية في منطقة مالكلاند بالشريط القبلي أمس (رويترز)
TT

عبرت أفغانستان أول من أمس عن قلقها من الإضرار بأمنها بسبب اتفاق بين باكستان ومسلحي طالبان لفرض أحكام الشريعة الإسلامية في واد بباكستان.

ووقع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري يوم الاثنين أمرا بفرض الشريعة الإسلامية في وادي سوات وهو واد في شمال غرب البلاد في إطار اتفاق لإنهاء عنف الإسلاميين.

غير أن أفغانستان التي تقاتل تمردا في أراضيها ضد طالبان عبرت طويلا عن قلقها من أن نجاح طالبان الباكستانية يمكن أن يشجع المتشددين على جانبي الحدود.

وقال هومايون حميد زاده المتحدث باسم الرئاسة الأفغانية في مؤتمر صحافي «حيث إن أي اتفاق مع جماعات إرهابية يمكن أن يكون له أثر على أمن بلادنا وشعبنا فإننا نطالب دولة باكستان بأن تأخذ في الاعتبار قضية الأمن وآثاره الجانبية على العلاقات بين البلدين». وتشن طالبان الإسلامية المتشددة التي لها جذور في قبائل البشتون العرقية التي تقيم على الحدود بين أفغانستان وباكستان عمليات مسلحة في البلدين.

واتهمت أفغانستان في الماضي قوات الأمن الباكستانية بدعم المتشددين الذين يتسللون عبر الحدود إلى أفغانستان وهو اتهام أدى إلى توتر العلاقات بين الحليفين الرئيسيين لواشنطن. وشهدت أفغانستان تصاعدا في الهجمات من قبل طالبان خلال السنوات الأخيرة وهي أكثر الفترات دموية منذ قامت قوات تدعمها الولايات المتحدة بطرد المتشددين من كابول في عام 2001. وقالت كابول مرارا إن غالبية الهجمات يتم تنظيمها في باكستان. في الوقت نفسه ينتشر أثر طالبان عبر شمال شرق باكستان مما يثير مخاوف بشأن استقرار الدولة المسلحة بالأسلحة النووية.

وقبلت السلطات الباكستانية بمطلب إسلامي من أجل تطبيق الشريعة في وادي سوات لإنهاء أكثر من عام من القتال، لكن منتقدين قالوا إن المهادنة لن يكون من شأنها سوى تشجيع المتشددين. من جهة أخرى, صرحت إدارة أوباما بأن فرض باكستان لقانون الشريعة الإسلامية في الوادي الواقع شمال غرب البلاد لتهدئة الأجواء مع التمرد الطالباني، يقوض حقوق الإنسان في البلاد. يأتي ذلك في غضون حث السيناتور الأميركي الزائر للبلاد على «مضاعفة» مدى عجلتها حيال محاربة الإرهاب.

وكانت تعليقات روبرت غيبس ـ الناطق باسم البيت الأبيض ـ يوم الثلاثاء، الأكثر نقدًا بصورة واضحة لجهود السلام التي تنتهجها باكستان في وادي سوات حتى وقتنا الحالي. وجاءت هذه التعليقات بعد ساعات من إشارة العالم الديني المتشدد، الذي توسط للتوصل إلى الاتفاقية، أنها ستحمي المسلحين المتهمين بارتكاب عمليات القتل الوحشية من المحاكمة. وقال غيبس: «ترى الإدارة أن الحلول المتداخلة مع الأمن في باكستان لا تتضمن الحد الأدنى من الديمقراطية وحقوق الإنسان، إذ إن توقيع مثل هذه (الاتفاقية).. يسير عكس هذين المبدأين». في تلك الأثناء، عبر السيناتور جون كيري ـ (الديمقراطي عن ولاية ماساشوسيتس)، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية ـ عن تحفظاته على هذه الاتفاقية. كما أخبر الصحافيين في إسلام أباد أيضًا أن الحكومة الباكستانية يجب عليها اتخاذ بعض «القرارات الرئيسة»، ومنها أين وكم عدد أفراد جيشها الذي ستنشره لمواجهة «القاعدة ومقاتلي» طالبان، المتمركزين بصورة رئيسة على طول الحدود الشمالية الغربية مع أفغانستان. وتابع: «لا أعتقد أن هذا الجهد دعم الطريقة التي تحتاجها سواء من حيث الأفراد أو الاستراتيجية، إذ يتعين على الحكومة أن تزيد من عجلتها» لمعالجة الأمر.

من جهته قال متحدث باسم طالبان الباكستانية أمس إن الحركة لن تلقي السلاح في معقلها بواد يقع في شمال غرب البلاد في إطار اتفاق شمل تطبيق الشريعة الإسلامية لكنها ستنقل قتالها إلى مناطق جديدة. وأثارت سياسة مهادنة المتشددين قلق المسؤولين الأميركيين ويقول منتقدون إن الحكومة غير قادرة وغير مستعدة لمحاربة طالبان والقاعدة. ولم تعلن بعد تفاصيل الاتفاق ولكن مسؤولي الحكومة المؤيدين له يقولون إنه يتضمن تسليم المتشددين لأسلحتهم. غير أن متحدثا باسم طالبان الباكستانية في وادي سوات الذي كان يوما مقصدا سياحيا على بعد 125 كيلومترا إلى الشمال الغربي من إسلام أباد قال إن أعضاء الحركة سوف يحتفظون بأسلحتهم. وقال مسلم خان في مكالمة هاتفية: «الشريعة لا تسمح لنا بإلقاء السلاح.. إذا ما واصلت حكومة سواء في باكستان أو أفغانستان السياسات المناهضة للمسلمين فمن المستبعد تماما أن تلقي طالبان أسلحتها». وأدى تصاعد العنف في أنحاء باكستان وانتشار نفوذ طالبان في منطقة الشمال الغربي إلى تجدد مخاوف بشأن استقرار باكستان المسلحة نوويا وهي حليف مهم للولايات المتحدة ولها دور مهم في مساعي تحقيق الاستقرار في أفغانستان المجاورة. وتكافح الحكومة لتبني استراتيجية فعالة وتحاول استخدام أساليب مختلفة من الحملات العسكرية إلى اتفاقات السلام تبعا لكل منطقة. ولكن المتشددين يكتسبون قوة كما أن العنف بدأ يتصاعد في كل من باكستان وأفغانستان. وخرج بعض مقاتلي طالبان الأسبوع الماضي من وادي سوات إلى منطقة بونر على بعد 100 كيلومتر فقط من إسلام اباد، وقال خان إن رجاله سيدخلون مناطق جديدة. وأضاف عندما نحقق هدفنا في مكان واحد هناك مناطق أخرى نحتاج إلى الكفاح من أجلها. واخترق المتشددون وادي سوات عام 2007 من معاقل على الحدود الأفغانية إلى الغرب لدعم رجل دين متشدد. وأبدى البيت الأبيض الأميركي خيبة أمله تجاه تطبيق الشريعة في سوات قائلا إن هذا القرار يتعارض مع أهداف واشنطن لتشجيع الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقال السناتور الأميركي الزائر جون كيري في وقت متأخر أمس إنه متشائم من هذا الاتفاق.