المغرب: منظمو إضراب النقل يعلقونه لإعطاء الفرصة للحوار

رئيس مؤسسة نقل البضائع بالموانئ: الاقتصاد الوطني تكبد خسائر باهضة وعلينا وقف النزيف

TT

قررت لجنة تنسيق إضراب قطاع النقل في المغرب، التي تضم نحو 30 جمعية ونقابة، خلال اجتماع لها، أمس، بمقر الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي معارض) بالدار البيضاء، تعليق الإضراب مدة 15 يوما، لإفساح المجال للحوار مع الحكومة.

وعاد النشاط تدريجيا، ظهر أمس، إلى ميناء الدار البيضاء مع بداية التعليق الفعلي للإضراب من طرف بعض شركات النقل، التي اعتبرت أن الحاجة للإضراب قد انتفت مع تعهد المعطي بنقدور، رئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية للبرلمان)، بتجميد مناقشة مشروع قانون السير، الذي طرحته الحكومة إلى غاية تحقيق التوافق حوله مع المهنيين.

وأكد عبد المالك الراضي، رئيس الجامعة الوطنية لنقل البضائع بالموانئ المغربية التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، لـ«الشرق الأوسط» أن الشاحنات الأولى دخلت فعلا إلى الميناء عند ظهر أمس، وباشرت العمل بعد اقتناع المهنيين بأن دوافع الاستمرار في الإضراب لم تعد قائمة.

وقال الراضي، «إذا كان الإضراب يتعلق بخلاف حول مشروع قانون السير، الذي تقدمت به الحكومة، فإن استقبال رئيس الوزراء للنقابات والتعبير عن استعداده للاستماع إليهم، وأخذ اقتراحاتهم بالاعتبار، أفقدت الإضراب جدواه. أما إذا كان الأمر يتعلق بتصفيات حسابات سياسية وحزبية فنحن كمهنيين غير معنيين بذلك».

وأضاف الراضي، أن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني جراء إضراب النقل، الذي استمر مدة 10 أيام، كانت باهظة جدا. وقال، «علينا أن نتحلى ببعض الروح الوطنية، وأن نوقف النزيف».

وتدخلت قوات الأمن، مساء أول من أمس، وصباح أمس، لتكسير الطوق الذي ضربه المضربون حول الموانئ المغربية والمحطات الطرقية لنقل المسافرين. وأكدت مصادر نقابية أن تدخل قوات الأمن كان سلميا وهادئا في جميع مناطق المغرب، فيما عدا منطقة أكادير التي عرفت بعض المواجهات بين المضربين وقوات الأمن، أسفرت عن اعتقال 8 أشخاص.

وكان أعضاء في مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، قد أعربوا عن تخوفهم من استفحال الوضع الاجتماعي، الذي وصفوه بـ«الخطير» و«المقلق»، جراء استمرار إضراب قطاع النقل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.

وقال المستشار إدريس الراضي، رئيس فريق حزب الاتحاد الدستوري المعارض، إن الاقتصاد الوطني خسر قرابة ملياري درهم (230 مليون دولار)، جراء استمرار الإضراب وتجاهل الحكومة لمطالب الجمعيات المهنية، من خلال تعنتها الرامي إلى تمرير مدونة( قانون) السير الجديدة.

وأكد الراضي، الذي كان يتحدث، مساء أول من أمس، في إطار إحاطة المجلس علما بحدث طارئ، أن الحكومة استطاعت تمرير قانونها في مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، في ظروف وصفها بـ«الغامضة»، رغم الملاحظات التي أبدتها فرق المعارضة، مؤكدا أن فريقه النيابي التمس من وزارة النقل والتجهيز إرجاء مناقشة القانون، إلى حين فتح مفاوضات مع المعنيين بالأمر.

وحمل الراضي الحكومة وغالبيتها البرلمانية، مسؤولية تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي، متسائلا إن كان القانون الجديد المستورد، والمتضمن لغرامات باهظة، وعقوبات سالبة للحرية، يدخل في نطاق سياسية تفقير السائقين، وتشريد أسرهم، مضيفا أن حزب الاتحاد الدستوري وضع نصب أعينه طلب التحكيم الملكي لحل المشكلة القائمة.

ومن جهته، قال المستشار محمد تيتنا العلوي، رئيس الفريق البرلماني للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، (اتحاد عمالي موال لحزب الاستقلال، متزعم الائتلاف الحكومي)، إن فريقه وجه رسالة إلى عباس الفاسي، رئيس الوزراء، يلتمس منه فيه توقيف مناقشة قانون السير، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب، مؤكدا أن مجلس المستشارين لعب دورا في تعليق المناقشات، وإرجاء البت في هذا القانون، ما جعله يحتل موقعه الفعلي في مجال التشريع ومراقبة العمل الحكومي، أسوة بمجلس النواب.

وفي السياق نفسه، عبر المستشار عبد المالك أفرياط، من الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية، (اتحاد عمالي مرتبط بحزب الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة)، عن استغرابه من تغيير بعض الفرق البرلمانية لموقفها بسرعة، وفي الاتجاه المعاكس، مؤكدا أن تلك الفرق هي من كانت تدعو في الأيام الماضية، إلى التسريع في عملية التصديق على القانون الجديد للسير، لكنها ولحسابات انتخابية ضيقة، تعلن الآن، أمام ممثلي الشعب المغربي، أنها دعت رئيس الوزراء إلى تعليق البت في القانون. وقال أفرياط، إن الحكومة مدعوة إلى التدخل العاجل لحل المشكلة القائمة، وإذا تأخرت فإن لا أحدا سيتنبأ بمدى ارتفاع شرارة وحدة الاحتجاجات، كون الاتحادات العمالية، والأحزاب السياسية، التي طعن فيها البعض بقوة، وقسم ظهرها، لن تستطيع تأطير المحتجين، كما أن الدولة لن تستطع احتواء الأزمة، والمغاربة غير قادرين على تحمل الاحتقان الاجتماعي على غرار ما وقع في إضرابات 1981 و1984 و1990.