رئيس وزراء الهند يعلن استعداده للعودة إلى التحالف مع اليسار بعد الانتخابات

انطلاق عملية الاقتراع في أكبر ديمقراطية في العالم وسط مخاوف أمنية

TT

مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، تشتعل الانتخابات الهندية، حيث تتبادل الأحزاب والقيادات السياسية الاتهامات والهجوم المضاد لاستمالة الناخبين. وعشية انطلاق الانتخابات، أبدى رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ استعداد حزبه، «المؤتمر الوطني الهندي»، للتحالف مع الأحزاب الشيوعية. ويأتي ذلك بعد انشقاق بين الطرفين على إثر اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، رفضه اليسار. وقال سينغ في مؤتمر صحافي في نيودلهي: «التحالف مع الأحزاب اليسارية ممكن فقط بعد الانتخابات، الظروف ستحدد إذا ما كنا سنذهب مع اليسار». وتعتبر التحالفات الممكنة بين الأحزاب المختلفة أحد العوامل المهمة في رسم مستقبل الهند السياسي بعد الانتخابات العامة الهندية التي تستغرق حوالي أربعة أسابيع تمتد من السادس عشر من أبريل (نيسان) إلى الثالث عشر من مايو (أيار)، وتقام على خمس مراحل. ويرجع ذلك إلى الجهد الكبير الذي سوف يبذل في بناء 800 ألف مركز اقتراع ليدلي فيها 714 مليون ناخب بأصواتهم. ويبلغ مجمل عدد أفراد الطاقم الذي سيشرف على الانتخابات والقوات الأمنية التي تؤمنها، نحو 6 ملايين فرد. ويبلغ مجمل عدد المؤهلين للانتخاب خلال المرحلة الأولى من الانتخابات التي تبدأ غداً، 143 مليون شخص. وينتشر ما يصل إلى 124 دائرة انتخابية في أكثر من 15 ولاية واثنتين من المناطق المتحدة، وبصورة أساسية في ولاية كيرلا الجنوبية ذات الحكم الشيوعي، وجزء من كشمير التي تعاني من ضربات المتمردين، وفي أقصى الشمال الشرقي بالقرب من الحدود الهندية مع بنغلاديش وبورما والصين. وتقام المرحلة الثانية من الانتخابات في 23 أبريل (نيسان) في 141 دائرة، فيما تقام المرحلتان الثالثة والرابعة في 30 أبريل (نيسان) و7 مايو (أيار) في 107 دوائر و85 دائرة على التوالي. ومن المقرر أن يكون فرز الأصوات في 16 مايو (أيار). يذكر أن الحزب الشيوعي الهندي وأحزاباً يسارية صغيرة أخرى كانت أساسية في إعطاء حزب «المؤتمر» وتحالفه، الغالبية الضرورية في البرلمان بين عامي 2004 و2008 إلا أنها وقفت ضد إصلاحات اقتصادية عدة منها الخصخصة. وبسبب احتمالية وقوع أعمال إرهابية ووجود تهديدات بتنفيذ أعمال عنف، وعلى ضوء الاضطرابات في جامو وكشمير وفي أوتار باراديش، الولاية الأكثر تكدساً بالسكان في الهند، ستمتد الانتخابات على خمس مراحل، فيما تشهد بيهار أربع جولات من عملية الاقتراع. وتشهد ماهراشترا والبنغال الغربي ثلاث مراحل انتخابية. ويقول المفوض الرئيس للانتخابات جوبالاسوامي إن هناك مخاوف من أن تشهد ثماني ولايات ضربات إرهابية محتملة ينفذها إرهابيون يقيمون في باكستان، بالإضافة إلى احتمالية حدوث أعمال عنف على يد المتطرفين اليساريين، وأضاف أنه لمواجهة هذا الوضع سوف تعقد الانتخابات على خمس مراحل. وفي مؤشر للتهديدات الأمنية الممكنة خلال الانتخابات، قتل سبعة أشخاص، حيث كثف المتمردون الماويون من هجماتهم في شرقي الهند أمس بعد تفجير حافلة كانت تقل عناصر من الشرطة وهاجموا معسكراً للقوات شبه العسكرية. وذكرت وكالة «بريس تراست أوف إنديا» الهندية للأنباء أن مجموعة من الماويين هاجموا قافلة كانت تحمل عناصر تابعة لقوة شرطة الاحتياط المركزية كانوا متوجهين في مهمة متعلقة بالانتخابات في ولاية جهارخاند بمنطقة لاتيهار التي تبعد 125 كيلو متراً شمال غرب عاصمة الولاية رانشي.

وقالت الشرطة إن السائق الذي كان يقود الحافلة، وهو مدني، قُتل، حيث فجر المتمردون لغماً أرضياً ولكن الـ80 فرداً من القوات شبه العسكرية الذين خرجوا من الحافلة اتخذوا مواقعهم بسرعة واشتبكوا في تبادل لإطلاق النار مع الماويين. وفي حادث منفصل في ولاية بيهار المجاورة هاجمت مجموعة تضم 100 من الماويين علي الأقل معسكراً لقوة أمن الحدود شبه العسكرية في منطقة روهتاس التي تبعد 200 كيلومتر جنوب غرب عاصمة الولاية بانتا المتاخمة لحدود ولاية جهارخاند. وكان رئيس الوزراء الهندي قد حذر من قبل من أن مسلحين يتخذون من باكستان مقراً لهم يخططون للقيام بهجمات على الهند خلال الانتخابات. ومن هذا الحين، قامت القوات الهندية بتكثيف الدوريات وعمليات الاستطلاع الجوية قبل الانتخابات. ووصف مفوض الانتخابات بعض المناطق في الهند على أنها «مناطق حرب»، حيث قام متطرفون يساريون من داخل البلاد بزرع ألغام على طرقاتها. وينتشر انفصاليون يتبنون العنف في ولايات أخرى. يذكر أنه خلال العام الماضي ضربت سلسلة من عمليات التفجير عدداً من المدن الكبرى في البلاد. واضطر المسؤولون إلى نقل بطولة الدوري الممتاز للكريكت الهندي، الذي يبدأ الأسبوع المقبل، إلى جنوب أفريقيا، حيث أشارت نيودلهي إلى أنه لن يمكنها توفير قوات أمنية للبطولة خلال فترة الانتخابات. ويذكر أنه في كل مرة تعقد فيها الانتخابات في الهند يكون ذلك بمثابة الانتخابات الأكبر في دولة ديمقراطية. ويحافظ العدد المتنامي من الهنود على هذا الرقم القياسي. وفي العام الحالي، يتضمن عدد المؤهلين للإدلاء بأصواتهم 714 مليون شخص، ويمثل ذلك زيادة قدرها 43 في المائة عن الانتخابات العامة السابقة التي كانت في عام 2004. ومن المقرر أن يدلى بالأصوات داخل 828804 مراكز انتخابية منتشرة في كافة أنحاء البلاد، ويجري التصويت على أكثر من 5000 مرشح ينتمون لأحزاب سياسية وطنية والعديد من الأحزاب الأخرى المعروفة داخل الولايات وغيرها من الأحزاب. ويشارك عملية الاقتراع 4 ملايين مسؤول انتخابي و6.1 مليون شرطي ومدني. ويعد الرقم المشارك في الانتخابات كبيراً جداً، ولذا سوف تعقد الانتخابات على خمس مراحل، تنتهي في 13 مايو (أيار)، وينتقل رجال الأمن والطاقم الانتخابي من ولاية إلى أخرى حسب جدول الانتخابات. وعلى الرغم من أن الانتخابات سوف تجرى على مراحل، فستكون عملية فرز الأصوات في نفس الوقت في كافة أرجاء البلاد بعد المرحلة الأخيرة. ويجب أن يكون هناك انتشار في كل مكان لضمان عقد انتخابات حرة سلمية، وتتولى لجنة انتخابية مستقلة تحديد أكثر من 3500 دائرة فيدرالية وإقليمية وتنظيم الانتخابات وتسجيل المؤهلين للإدلاء بأصواتهم وتحديد الأحزاب السياسية ورموزها الانتخابية ووضع إجراءات ترشيح الناخبين. وتعد الانتخابات الهندية، التي تشرف عليها لجنة انتخابية مستقلة ولها سلطات مطلقة، حادثاً استثنائياً. ولكل انتخابات قصة عن المسؤولين الذين يكابدون خلال الثلوج والغابات ويسافرون على الأفيال والجمال لضمان تسجيل الرغبات الديمقراطية للمنتخبين الذين يسكنون في مناطق نائية. وعلى سبيل المثال، أقيمت حجيرة انتخابية خصيصاً لشخص وحيد يسكن في منطقة بعيدة جداً ويشق عليه السفر إلى مركز انتخابي. وحيث إن عدداً كبيراً من الناخبين أميون، ابتكرت الهند فكرة شعار الحزب ليتسنى للناخبين الذين لا يستطيعون قراءة اسم مرشحهم التصويت له بالتعرف على الرمز الذي يخوض به الانتخابات. وهذه المرة، تخطط اللجنة الانتخابية لتنفيذ بعض الإجراءات المستحدثة للحيلولة دون وقوع تزوير. ولذا ستضع اللجنة داخل كل كابينة انتخابية كاميرا فيديو أمام ماكينات التصويت الإلكتروني للتثبت فيما بعد مما إذا كانت عملية التصويت تمت بأمانة. وشكلت قوة مهمات خاصة لتنفيذ الأوامر على الفور. وصدرت أوامر لقوات شبه عسكرية وقوات الشرطة داخل الولايات كي تقوم بتوفير أكبر قدر من الأمن حول حجيرات الاقتراع ومراكز فرز الأصوات لتجنب أي أعمال تخريبية. وشكلت اللجنة الانتخابية أماكن خاصة للاستماع إلى شكاوى الناخبين بعد انتهاء الانتخابات. وذكر اللجنة الانتخابية إجراء صارم تتخذه السلطة المعنية إذا أبدى أي مسؤول حكومي أي قدر من الإهمال في تنفيذ المهام الموكلة إليه. ووضع جدول الانتخابات في الاعتبار الامتحانات الدراسية والإجازات المحلية والاحتفالات وموسم الحصاد، إلخ. وتتميز الانتخابات الهندية ببعض السمات الخاصة، وتنبع السمات غير المألوفة من اتساع رقعة البلاد وتنوعها الموسمي وتعقيداتها الجغرافيا وتنوعاتها في البيئات الإقليمية، وعليه ليس مفاجئاً أن تؤثر عوامل مثل فصلي الصيف والشتاء ووقت هبوب الرياح الموسمية والفيضانات والجفاف على توقيت الانتخابات. وكانت هناك مواقف خلال الأعوام الخمسة الماضية كانت تعقد فيها الانتخابات على أساس هذه العوامل. وفي الواقع، إذا وضع المرء في اعتباره العديد من الانتخابات الفرعية، يمكن القول إنه يصعب أن تمضي أربعة إلى ستة أشهر خلال العالم دون إقامة انتخابات في منطقة داخل الهند.