الخارجية المصرية: مصر ليست «دولة كرتونية» ولا «ساحة مستباحة».. ونظامنا قوي ومستقر

القاهرة تعتقد أن الحوار مع إيران يؤدي لتكريسها كقوة عظمى بالمنطقة

TT

أعربت القاهرة عن اعتقادها بأن أي حوار بينها وبين طهران «لن يفضي إلى شيء»، وقالت: «إنه قد ينتج عن هذا الحوار تكريس إيران كقوة إقليمية عظمى في المنطقة»، وأضافت معلقة «هذا أمر لن يرضاه أحد».

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير حسام زكى، أن مصر ليست «ساحة مستباحة»، ولا تقبل بأي مساس بسيادتها، أو بتدخل من أي طرف خارجي يحاول أن يزج بنفسه في أمور لا تعنيه، وبهدف توريط مصر في مغامرات خارجية. وقال زكى، في تصريحات للمحررين الدبلوماسيين أمس: «إن مصر دولة قادرة ومستقرة، ولا تسمح لأي طرف مهما كان، تحت أي دعاوى مهما كانت هذه الدعاوى نبيلة، أن يمس بسيادتها»، مشيرا إلى أن «القضية الفلسطينية قضية نبيلة، وأصحابها يناضلون من أجل الحصول على حقوقهم، ومصر تساندهم في ذلك، وسبق أن بذلت مصر ما لديها من غال ورخيص من أجل هذه القضية، وعندما حصلت مصر على أراضيها واستقر الوضع بالنسبة لها بالسلام، فهي تقوم بمهمتها بشكل آخر». وأشار إلى أنه من غير المقبول من جانب أي حكومة، أو أي شعب، أن يحاول أي طرف من خارج مصر الزج بها في مواجهات غير محسوبة، من وراء ظهر السلطات، ولا يجب أن يكون ذلك مقبولا، وأن رد الفعل الرسمي والشعبي يوضح ذلك.

وقال المتحدث الرسمي: إن الأمور الخاصة بمساندة المقاومة الفلسطينية يجب أن تحسم، ولا تظل متروكة على عواهنها كما يريد البعض. وأكد حسام زكى، أن مصر بها قانون، ولديها ارتباطات دولية، وهى ليست دولة كرتونية أو ساحة يمكن لأي طرف أن يستبيحها كيفما يشاء أو وقتما يشاء، وأن مصر فيها نظام سياسي مستقر وقوي ويعلم ما يريده لخير أبنائها. ومن ناحية أخرى قال حسام زكى، ردا على سؤال «لماذا لا تحاول مصر احتواء إيران والتحاور معها؟»، قال: «لا أعتقد أن السلوك الإيراني في المنطقة ينحو في اتجاه الاستقرار، بل هو سلوك ينحو في اتجاه إزكاء الخلافات وتعبئة المواجهات، وبالذات فيما يتعلق بالنزاع العربي الإسرائيلي»، وقال إن «ما نرصده من جانب إيران في هذا الخصوص هو عمل تصادمي» يبتعد بالمنطقة عن أي استقرار، ويبعدها عن أي فرص لتحقيق السلام. وأضاف «أن المسألة ليست مسألة حوار، فنحن نرصد هذا التوجه الإيراني، والحوار لن يحقق النتيجة المأمولة، فالحوار لن يفضى إلى شيء بل ربما يؤدى إلى تكريس إيران كقوة عظمى في المنطقة، يأتمر الجميع بأوامرها، وهذا أمر لن يرضاه أحد، وبالتالي كل الحديث عن الحوار مع إيران هو «إذعان لرؤية أن إيران أصبحت ذات دور مؤثر»، وإنني لا بد أن أحتوى دورها المؤثر وأتحاور معها،وإذا تحاورت معها استطاعت هي تطويع سياستي الخارجية وأهدافي الخارجية في هذه المنطقة لكي تستطيع هي أن تكون الأعلى صوتا، والأكثر قدرة على التحرك، ولن أعطيها هذا الأمر. وعما إذا كان الحل يكمن في القطيعة على الرغم من تأثير إيران في المنطقة، قال حسام زكى: «ليست هناك قطيعة، فإيران في أزمة غزة كان لها دور محدد في هجومها على مصر، وكل عملائها فى المنطقة هاجموا مصر، وطلبوا من المصريين النزول للشوارع، وكلها أمور لا تستحق منا سوى كل إدانة، لأن هذا ليس المسلك الصحيح بين الدول، فهذه الدول تريد فرض نفسها على المنطقة العربية وعلى السياسات العربية، وتريد أن تلعب الدور الأكبر كله خدمة لمصالحها وليس خدمة للمصلحة الفلسطينية، فإيران لم تقدم للقضية الفلسطينية واحدا في المائة مما قدمته مصر، والآن نستمع إلى دروس تأتى من طهران حول هذا الأمر، وهذا مرفوض، ويجب أن ندقق بشدة في هذه المقترحات حتى لا نفاجأ أننا متورطون في أمور تحقق مكاسب للجانب الإيراني على حساب خسائرنا.

وحول تعليقه على وجود أطراف عربية وأخرى غير عربية تحاول إفشال جهود مصر في إنهاء الخلافات سواء في فلسطين أو السودان أو لبنان وغيرها، وأهداف هذه الأطراف وسبب استهداف مصر في هذا التوقيت، قال زكى: إن كل طرف يسعى لإفشال الجهد المصري لديه في ذهنه حساباته، فهناك من يريد أن ينسب الجهد لنفسه، وبالتالي فهي مسألة «صراع أدوار»، فهناك من يريد أن يفسد الأمور حتى يستطيع هو أن يصلحها بعد ذلك، وهناك أطراف أخرى مثل إيران يهمها أن تبقى على الأوضاع في المنطقة العربية في حالة التعبئة والاستنفار والمواجهة، وهذا أمر يفيدها في صراعها مع الغرب، ويبعد الأنظار عن مشكلتها الأساسية.

وحول ما إذا كان الحوار الأميركي ـ الإيراني، سينعكس سلبا أو إيجابا على المنطقة، قال المتحدث الرسمي في حديث لمجلة «الوطن العربي» التي تصدر في باريس: إننا لم نكن في لحظة واحدة نقف ضد أي حوار من أي نوع، فمصر دولة ساندت الحوار، ومنهجها هو الحوار، وسياستها الخارجية قائمة على هذا الحوار، ونحن لم نطلب من أحد الابتعاد عن الحوار، وبالتالي الحوار الذي يتحدثون عنه والمطروح من جانب الولايات المتحدة على إيران هو تطور إيجابي إذا كان سيصب في خانة تحقيق نهاية مرضية لجميع الأطراف، وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وإن كان سيصب في خانة تعديل السلوك الإيراني في هذه المنطقة، وبالتالي فنحن نراقب هذا الأمر ونتابعه بكل اهتمام، ونأمل في أن تكون انعكاساته على المنطقة إيجابية وليست سلبية.