السفير الفلسطيني المناوب في القاهرة ينتقد حزب الله ويعتبر تنظيمه بمصر تدخلا في الشأن الفلسطيني

الفرا لـ«الشرق الأوسط»: دعم فصيل فلسطيني يحظى بدعم إيران يؤدي إلى مزيد من الفرقة بين الفصائل

د. بركات الفرا
TT

في أول تعليق للسفارة الفلسطينية في القاهرة على قضية «تنظيم حزب الله في مصر»، خاصة بعد ما تردد أمس عن اعتقال اثنين من حركة فتح في القضية المتهم فيها أيضاً فلسطينيون ومصريون ولبنانيون وسوريون وسودانيون، انتقد السفير الفلسطيني المناوب ممثل حركة فتح في مصر، الدكتور بركات الفرا، بشدة، حزب الله اللبناني وأمينه العام حسن نصر الله، متهماً إياه بتقديم دعم لفصيل فلسطيني يحظى بدعم إيران، على حساب الفصائل الفلسطينية الأخرى، مما يؤدي إلى مزيد من الفرقة بين الفصائل الفلسطينية.

واعتبر الفرا ما كشفت عنه قضية تنظيم حزب الله، التي تنظرها النيابة المصرية، تدخلا من جانب حزب الله في الشأن الفلسطيني، وتعدياً على سيادة الدول. وقال الفرا رداً على أسئلة «الشرق الأوسط» أمس: «نحن (حركة فتح) الذين علّمنا حزب الله المقاومة، ونحن الذين دربنا كوادره، ونحن الذين أعطيناه سلاحاً أثناء وجودنا في لبنان، وعليه ألا ينسى ذلك ولن نسمح له بالمزايدة علينا».

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت السفارة الفلسطينية بالقاهرة تتابع قضية تنظيم حزب الله في مصر، والمتهمين الفلسطينيين الذين يتراوح عددهم بين 5 و7، قال الفرا إن السفارة، حتى الآن، لا تتابع القضية إلا من خلال ما ينشر في وسائل الإعلام، موضحاً «نحن حتى الآن ليس لدينا أي معلومات يمكن التحدث حولها. وإن السفارة لم تتقدم حتى الآن بأي طلب للنائب العام المصري أو سلطات التحقيق أو تكليف محام لمتابعة التحقيقات».

وعن أسباب عدم قيام السفارة بذلك، قال الفرا: «الأسباب هي أن موضوع قضية حزب الله في مصر ليس واضحاً له أول من آخر.. هو (موضوع القضية) ما زال في يد القضاء المصري، وسنرى كيف (سيتم التعامل مع الأمر)، لكن تتضح التفاصيل أولا».

وعما إذا كانت السفارة ستقوم بندب محام لمتابعة المتهمين الفلسطينيين في القضية، خاصة أن هناك احتمالا بأن تحال خلال أسبوعين إلى المحكمة سواء كانت عسكرية أم مدنية، قال الفرا: «حتى الآن لا نستطيع أن نقول شيئاً، كل ما في الأمر أننا نتابع الأخبار إلى أن تأتينا تعليمات من السفارة، التي تنتظر بدورها تعليمات من السلطة الفلسطينية، وأي توجيه يأتينا سنلتزم به».

ولم يحاول الفرا أن ينفي أو يؤكد وجود اثنين من حركة فتح من ضمن المعتقلين وقال: «قد يكونان من فتح أو حماس؛ نحن لا نفرق بين هذا أو ذاك، لأنه كله، بالآخر، فلسطيني، ليس لدينا أي نوع من أنواع التمييز بأن هذا من هذا الفصيل أو ذاك».

وعن الطريقة التي تنظر بها السفارة الفلسطينية للمتهمين في القضية من فلسطينيي 1948 من المقيمين في مصر منذ عقود طويلة، وعما إذا كانوا يعتبرون من الرعايا الفلسطينيين الذين ترجع المسؤولية عنهم للسلطة الفلسطينية أو الحكومة الفلسطينية، أوضح الفرا: «كل من هو فلسطيني هو يتبع منظمة التحرير الفلسطينية المسئولة عن الفلسطينيين أينما تواجدوا، أما السلطة فهي مختصة بالضفة الغربية وقطاع غزة».

وتابع معلقاً على تصريحات حسن نصر الله بشأن انتماء المتهم الرئيسي في قضية تنظيم حزب الله في مصر سامي شهاب، للحزب: «اعترافات نصر الله تدل على تدخل في شأن داخلي لبلد كبير مثل مصر».

وعن التفاوت في الأصوات العربية المعنية بالقضية الفلسطينية ما بين دعوات لمقاومة الاحتلال بشكل عام، واحترام سيادة كل دولة، قال الدكتور الفرا: «أولا بالنسبة للمقاومة، فهذا حق لأي شعب يقع تحت الاحتلال، وأن يقاوم بكل الوسائل والسبل والأساليب المختلفة.. ولكن لكل شيء قواعده.. ليس بأن يقوم أحد بتهريب سلاح من (جهة) إلى (جهة)، ويقول إن هذه مقاومة.. ليست هذه مقاومة.. أي مقاومة لا بد من اتفاق شعبي عليها، لا بد للشعب الذي يقاوم أن يكون متفقاً على المقاومة، وليس بأن يقوم فصيل صغير أو كبير من الشعب بجر شعب كامل على كيفه..».

وأضاف: «المبدأ أن الكل مع المقاومة، وهذا حق، لكن المقاومة يجب أن تُشرَّع، ويجب أن يكون مُتَفاهَماً عليها، ويجب أن تكون لمصلحة الهدف، وهو التحرير وحماية الشعب من الاحتلال». وتساءل: ما علاقة تهريب حزب الله سلاحا لحركة حماس بالمقاومة.. هل هذه مقاومة، ليست هذه هي المقاومة؛ تجميع سلاح وغير سلاح.. وفلوس، من أنفاق وبرّة أنفاق.. وعمل خلايا في بلد ثانٍ.. ما علاقة هذا بالمقاومة».

وأوضح الفرا أن «دعم المقاومة له أساليبه وطرقه، دون اتّباع مثل هذه التدخلات الجارية.. ثم إن حزب الله لديه (هضبة) الجولان مفتوحة، لماذا لا يتعامل بالمقاومة في الجولان، ولماذا لا يتعامل بالمقاومة في جنوب لبنان في مزارع شبعا وكفر شوبا، أم أن السبب الذي دفعه لمساعدة حماس هو العلاقات التي تربط حماس بإيران».

وتابع الفرا القول: «إننا لسنا ضد حزب الله، ولكن ضد سياسات خاطئة، وضد التدخل في الشأن الفلسطيني.. حزب الله بهذا (بقضية حزب الله في مصر) يتدخل في الشأن الفلسطيني، وغير مسموح له ولا لغيره بأن يتدخل، لأننا لا نتدخل في شأن أحد أيضاً.. أو الوقوف مع طرف على حساب طرف.. هو يدعم حماس، ولا يدعم الشعب الفلسطيني.. لا هو ولا إيران». وقال الفرا إن «فتح هي التي ابتدعت المقاومة، وهي التي بدأت المقاومة كلها، ولا يستطيع أحد أن يزاود عليها.. حتى الآن، حين يتم التطرق إلى وجود 12 ألف معتقل في السجون الإسرائيلية، فإن 60% منهم من فتح، ومع ذلك لم نتدخل في شؤون دولة عربية، وكنا قادرين أن نأتي بسلاحنا وإمكانياتنا بطرقنا بدون التدخل، لكن أن يتم دعم فصيل على حساب الفصائل الأخرى، فهذا للأسف، تدخل في شأن داخلي لبلد، وحزب الله لا يستطيع أن ينكر أن القيادي في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل العام الماضي، (عماد مغنية)، كان في فتح، وأن كوادر حزب الله كلها تدربت في فتح، وأنه أخذ سلاحاً من فتح. لا يستطيع نصر الله، ولا غير نصر الله، أن ينكر هذا..» وتساءل الدكتور الفرا قائلا: «هل أصبحت حركة فتح، بعد كل هذا، لا تعجبهم، وهل صارت حركة حماس، لأنها ماشية مع إيران ومع غير إيران، هي التي تعجبهم.. هل هم يريدون أن يعلموننا المقاومة بعد كل هذا. حزب الله لا يستطيع أن يعلمنا المقاومة، بل نحن الذين علمناه المقاومة، وإلا أين كان حين كنا نحن نقاوم.. لم يكن موجوداً من الأساس.. والآن يقوم (حزب الله) بشربكة الدنيا في بعضها بحجة المقاومة، ودعم المقاومة.. الحديث عن المقاومة بهذه الطريقة، حق يراد به باطل، ظاهره الرحمة وباطنه العذاب».

وقال الفرا إن «على مثل هؤلاء أن يذهبوا لقطاع غزة، ليتعرفوا على حجم الدمار الذي تعرض له، جراء الحرب الإسرائيلية.. وليتفرجوا على حالة البؤس التي أصبحت عليها غزة».