الخرطوم: واشنطن تعد الجداول الزمنية وتتصل بفصائل دارفور لإطلاق مفاوضات في مايو

كيري اختتم زيارته إلى السودان بالرقص مع النازحين في الفاشر

TT

قالت مصادر دبلوماسية في الخرطوم لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة المبعوث الأميركي اسكوت غرايشن الثانية للسودان المقرر لها مطلع مايو (أيار) المقبل ستحدد من خلال المباحثات مع المسؤولين في الخرطوم الجداول الزمنية للجلوس على الطاولة لنسج اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في دارفور.

وكشفت المصادر أن الإدارة الأميركية بدأت اتصالات واسعة غير معلنة مع فصائل دارفور «المؤثرة» في عدد من العواصم تمهيدا لإبلاغها بالمقترحات وحملها إلى طاولة التفاوض من خلال تلك المقترحات، ورجحت المصادر أن تكون المفاوضات التمهيدية منتصف مايو (أيار) المقبل.

وفي مؤتمر صحافي عقده في فندق «روتانا سلام» في الخرطوم، قال كيري إنه يعتقد أن الأسابيع القليلة القادمة قد تشهد تطورا في العلاقات السودانية ـ الأميركية، ومحادثات قد تشمل في أحد جوانبها مسائل تتعلق برفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب ورفع الحصار الاقتصادي عن السودان، لكنه أكد أن هذه المسألة ذات اتجاهين.

وقال كيري إن مسائل كثيرة قد تحسم قبل سفره من الخرطوم، وأضاف أن مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للسودان الجنرال غرايشن قد بدأ هذه العملية بصورة ناجحة إبان زيارته مطلع هذا الشهر إلى السودان. وقال إن زيارته تلك للسودان، التي انتهت الأسبوع الماضي، وضعت أساسا متينا لبناء علاقات مستقبلية بين السودان والولايات المتحدة وأن زيارته هذه ستكون بناءً إضافيا فوق تلك الزيارة. ولكن كيري أكد أن ما حدث حتى الآن هو كلام ويجب أن تتبعه أفعال في هذه العملية المتصلة. وقال كيري إن على الحركات المتمردة في دارفور أن تتحلى بروح المسؤولية للدخول في مفاوضات السلام لأجل إنهاء معاناة المواطن في دارفور. وأضاف أن الحل السلمي هو الخيار وأن دول المنطقة مثل مصر وتشاد وليبيا وإريتريا وغيرها يمكن أن تلعب دورا أساسيا في هذا المجال، وقال إن بلاده سوف تسعي في ذات الاتجاه ولكنه لم يبين كيف ستساهم في هذه المسألة. وأعاد كيرى للأذهان أن حكومة بلاده عملت في وقت سابق مع الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني بشكل لصيق حتى توصلوا إلى اتفاقية السلام الشامل في جنوب السودان، وقال «هذا يعتبر قاعدة يمكن البناء عليها». وقال إنه يأمل أن تنتهز الحكومة السودانية هذه الفرصة لتحقيق سلام في دارفور ورأى أن هناك تحسنا في الأوضاع في إقليم دارفور، بالرغم من أنه قال إن «ما حدث في أثناء قمة الصراع في دارفور كان قبيحا وغير مقبول ولكن الآن في عام 2009 آن الأوان للوصول إلى سلام في دارفور للعمل على منع المزيد من سفك الدماء والقتال وأن الطريق الوحيد لتفادي هذه الأمور هو في العمل على تحقيق السلام في الإقليم». وأضاف «نعم إن تحقيق السلام عملية ذات اتجاهين وأنه على المتمردين في دارفور العمل بمسؤولية لتحقيق السلام في دارفور»، وقال إن حكومة السودان وحزب المؤتمر الوطني الحاكم «أكدوا له استعداد حكومة السودان للجلوس على طاولة المفاوضات لأجل الوصول لحل سلمي في دارفور». وعبر كيري عن اعتقاده بأنه من المهم أن يتحلى المتمردون بروح المسؤولية وأن يتحاوروا بجدية وروح طيبة، وقال «بدون سلام في دارفور قد يكون للأمر خطورته في إحداث صراعات دموية في المنطقة وأنه آن الأوان أن نكون على قدر المسؤولية ونتخذ خطوات لتفادي وقوع مثل هذا السيناريو في المنطقة».

وشدد على أن الولايات المتحدة سوف تدخل بجدية في مساعي تحقيق السلام في دارفور، ولكنه قال لا بد من جهود إقليمية في هذا الشأن، وقال إن رسالتي لهذه الأطراف هي أنه ستكون هناك جهود كبيرة من أجل تحقيق السلام في دارفور وأن الجهات المختلفة ستكون محايدة في التوسط بين الأطراف. وقال السيناتور الأميركي إن هذه العملية قد تحددها الإجراءات التي سوف تتخذ خلال الأسابيع القادمة في السودان حيال عدد من القضايا تشتمل من بين أمور أخرى على الجهود الإنسانية لمساعدة المتضررين من النزاع في دارفور وهاهي الخطوات التي يمكن اتخاذها. وقال إن ما تطلبه الولايات المتحدة هو بناء القدرات الإنسانية بدرجة مائة في المائة وليس خمسين أو ستين في المائة في الجهود الإنسانية. وقال السيناتور الأميركي إن «القياس في هذه المسألة ليس سياسيا بل إنسانيا في الأساس». وقال جون كيري في تصريحات بعد محادثات أجراها مع طه نائب الرئيس السوداني إن تحقيق السلام في دارفور يتطلب دعم الولايات المتحدة ودول الجوار مثل مصر وليبيا وتشاد بجانب القوي الإقليمية الأخرى، وأضاف «ما يشجعني هو أنني تلقيت تأكيدات من المسؤولين الذي التقيتهم باستعداد الحكومة للجلوس على طاولة المفاوضات وحث المتمردين على ضرورة الجلوس حول مائدة الحوار للوصول إلى تسوية شاملة بشأن القضية».

إلى ذلك استقبلت مدينة الفاشر، كبرى مدن دارفور، السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي بالرقصات الشعبية أمس. ورقص كيري مع الفرق الشعبية التي تمثل مختلف قوميات ولاية شمال دارفور، مبديا إعجابه بها، قبل أن ينخرط في مهمة شاقة في المدينة.

وقال كيري قبيل مغادرته الفاشر إن «العالم قلق على الأوضاع في دارفور»، وأبلغ المسؤولين هناك أنه أنهى مباحثات «ناجحة مع المسؤولين في الخرطوم» قبل التوجه إلى الإقليم، وعاد كيري إلى الخرطوم في المساء، واستقل طائرته عائدا إلى بلاده منهيا زيارته.