القراصنة الصوماليون يعملون أيضا كمهربي بشر.. ويبثون أفلاما للترويج

تنوعت تجارتهم.. يجلبون اللاجئين إلى اليمن وفي طريق العودة يهاجمون السفن

TT

تنشط حركة الملاحة في خليج عدن هذه الأيام. وتستخدم الممر المائي، الواقع بين شبة الجزيرة العربية ومنطقة القرن الأفريقي، السفن التجارية التي يتعين عليها أن تعبر قناة السويس.

وينتشر في الممر المائي القراصنة الصوماليون الذين يشنون هجمات باستخدام زوارق سريعة صغيرة لديها قدرة كبيرة على المناورة، وتقوم سفن حربية قوية لمكافحة القرصنة من الكثير من الدول بدوريات في الممر المائي.

ولكن أحدا يلاحظ بالكاد القوارب الصغيرة المكتظة بالمهربين الذين ينقلون كل ليلة الأفارقة الذين يفرون من الصراعات الأهلية والفقر عبر خليج عدن إلى اليمن. ويغض كثير من قباطنة السفن الطرف عندما يرون قوارب اللاجئين التي تصلح بالكاد للإبحار. ويناسب ذلك القراصنة الذين بدأوا في استخدام اللاجئين كدروع بشرية. وقال نبيل عثمان، نائب ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليمن لوكالة الأنباء الألمانية «لدينا الآن إشارات على أن هناك صلات بين القراصنة ومهربي البشر».

وأجج بقوة حادث وقع في خليج عدن في الحادي والعشرين من الشهر الماضي الشكوك في وجود مثل هذه الصلات. إذ صادفت سفينة حربية فرنسية قاربا مكتظا بالركاب وغير قادر على المناورة وكان يقل نحو 100 شخص وقامت بقطره إلى ميناء عدن اليمني. وعندما تحرك كل اللاجئين في الوقت نفسه إلى جانب واحد عند نزولهم، انقلب القارب وغرق ثمانية أشخاص.

وحدد الناجون بعد ذلك أربعة من الذين كانوا على ظهر القارب على أنهم مهربو بشر صوماليون.. ولكن الأسلحة التي عثر فيما بعد عليها في القارب تشير إلى أن المهربين، الذين فرضوا على اللاجئين كثيرا من الأموال نظير العبور غير المشروع، قراصنة أيضا. وقال مواطن صومالي يقيم في عدن منذ عقود «هناك الآن صوماليون يقومون بمهام مزدوجة في عملية العبور، فهم أولا يجلبون اللاجئين إلى اليمن وفي طريق العودة يهاجمون سفينة».

وعندما نزل إسلام عثمان محمد، وهو صومالي، 31 عاما، من مقديشو، من قارب في اليمن في شهر فبراير (شباط) عام 1992، فإن عملية العبور غير المشروعة كلفته 50 دولارا. والتكلفة اليوم تزيد بنحو أربعة أضعاف.

ويعيش محمد، وهو فارع الطول وله لحية قصيرة، على حد الكفاف مع زوجته وطفليه في عدن. ويقوم بغسل السيارات أمام متجر للمواد الغذائية فيما يقوم أصحابها بالتسوق. ويقول «لا يوجد أمل في الصومال».

وكانت عائشة أبو بكر وهي صومالية، 30 عاما، تجلس مع أطفالها الصغار في الشمس بجوار المتجر تستجدي المارة. وكان يغطى وجهها الحجاب، وابنتها التي تبلغ عاما من العمر تجلس في حجرها. وعندما أعطاها شخص يمني مالا، ظهرت فجأة أربع نساء أخريات وثمان مراهقات تحلقن حول هذا الشخص المحسن.

ويأتي تقريبا كل اللاجئين الذين يخاطرون بحياتهم في الممر المائي المحفوف بالمخاطر عبر خليج عدن، حيث تستغرق الرحلة ما بين ثلاثة إلى خمسة أيام، من الصومال التي مزقتها الحرب الأهلية أو من إثيوبيا. ويغادر معظمهم بعد ذلك اليمن ويحاولون عبور الصحراء بطريقة غير مشروعة بحثا عن العمل في السعودية أو سلطنة عمان. ولا يعرف أحد عدد الذين يلقون حتفهم في الطريق.

ووصل نحو 51 ألف لاجئ على ظهور القوارب إلى اليمن في العام الماضي، وذلك حسبما ذكرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ووصل الرقم هذا العام بالفعل إلى 17 ألف و963. وقالت المفوضية إن 53 صوماليا و49 إثيوبيا عثر عليهم وقد فارقوا الحياة على الشاطئ، وإن 14 لاجئا لقوا حتفهم في البحر. وأشار عثمان: «هؤلاء هم اللاجئون الذين نعرفهم فقط». وتابع: «إجمالي العدد ربما يكون أكبر من ذلك مرتين أو ثلاث مرات». ويسمح للاجئين الصوماليين بصفة عامة بالبقاء في اليمن فيما يتم ترحيل معظم الإثيوبيين إذا ما تم القبض عليهم. وقال عثمان، الذي لا يتوقع أن ينخفض عدد اللاجئين الذين يتدفقون عبر خليج عدن في أي وقت قريب، «الصومال أصبح غابة». ومن جهة أخرى، يبذل مهربو البشر في الصومال، حيث انضمت وحدات من الشرطة بأكملها وكثير من ضباط البحرية السابقين إلى صفوف القراصنة، قصارى جهدهم لزيادة الطلب على خدماتهم. ويقومون بعرض أفلام قصيرة للترويج لأنشطتهم للرد على الصور التي تعرضها محطات التلفزيون من حين لآخر للاجئي القوارب الغارقين. وتعرض الأفلام صورا للصوماليين الذين يقيمون في شقق جميلة ويقودون سيارات فاخرة في أماكن مثل السعودية ودبي.